قالت صحيفة Haaretz الإسرائيلية إن سلسلة من التقارير الأخيرة التي تنسب عدداً من الهجمات على أهداف إيرانية لإسرائيل أثارت قلق المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين، فضلاً عن الشك في وجود مسؤولين سياسيين يريدون استغلال التوترات مع إيران للمصلحة الشخصية والتنافس على الهيبة بين مختلف الأجهزة الأمنية.
وكانت أحدث التقارير، التي نقلت عن مسؤولين إسرائيليين وأمريكيين مجهولين قولهم إن إسرائيل كانت وراء الحادث الذي استهدف منشأة تخصيب اليورانيوم الإيرانية في نطنز، قد جعلت بعض المسؤولين قلقين من أن هذه المشكلة قد تؤدي إلى تصعيد غير مرغوب فيه في التوترات الأمنية.
اتهامات طهران تقلق إسرائيل
وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس، قال الإثنين 12 أبريل/نيسان 2021، إنه طلب من المدعي العام النظر في التسريبات الأمنية بعد أن شقت عملية شديدة الخطورة طريقها إلى وسائل الإعلام الأجنبية قبل يوم من تنفيذها. وخلال زيارته لقاعدة جوية مع وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، انتقد غانتس "الثرثرة" و"الحكايات الخرافية المنسوجة حول 'المسؤولين في الغرب'".
وفي محادثات خاصة، قال مسؤولون أمنيون مؤخراً إن القلق لم يكن يتعلق بتقرير محدد، ولكن بشكل رئيسي حول حجم التقارير التي ظهرت خلال فترة تشهد توترات شديدة مع إيران. ويمكن للإيرانيين تفسير هذه الاستفزازات على أنها استفزازات يجب الرد عليها، وهو أمر لم يكن من العاجل القيام به لولا التقارير.
فيما قال مسؤول دفاعي كبير سابق لصحيفة Haaretz: "لا يبدو الأمر جيداً، نحن في عصر يعاني فيه بعض كبار مسؤولي الدفاع من ضعف شديد أمام صانعي القرار، بينما يعامل بعض رؤساء الأجهزة الأمنية معاملة مختلفة ويتمتعون بقربهم من رئيس الوزراء"، وأضاف "إذا أضفت إلى هذا الافتقار إلى الاستقرار الحكومي، والمأزق السياسي والعلاقة المتوترة مع الولايات المتحدة، فإن ذلك يجعل هذه الفترة الزمنية صعبة للغاية ومقلقة". وقالت مصادر أخرى في المؤسسة الأمنية إن الوضع يبدو وكأنه خرج عن السيطرة.
وقال العديد من مسؤولي الأمن في محادثات مغلقة، إن بعض هذه التقارير جزء من صراع على الهيبة بين الأجهزة الأمنية والمسؤولين السياسيين الذين يحاولون الاستفادة من الإجراءات الأمنية لصالحهم. وأوضح مسؤول أمني: "هذه حرب حول من يحصل على الإشادة، وستنفجر في وجوهنا.
أزمة داخلية في تل أبيب
هناك العديد من القضايا التي هي أكثر أهمية من إيران، ولكن هناك من يعتقد أنه من المهم إثارة القضية الإيرانية لأسباب ليست بالضرورة عملية، وأضاف المسؤول أنه كانت هناك أوقات قررت فيها الأجهزة الأمنية تسريب تقرير معين كجزء من حملة نفوذ لإرسال رسالة معينة، لكن هذه المرة كان الأمر مختلفاً. قائلاً: "لم تجر أي مناقشة داخل مجلس الوزراء الأمني، ولم يكن هناك نقاش مهم في منتدى أمني ذي صلة، أو تغيير في سياسة الغموض حول تلك الأحداث المنسوبة إلى إسرائيل، وهكذا في كل حادثة يفعل الجميع ما هو جيد لأنفسهم".
كما أضاف المسؤول أن أحد الاحتمالات المقلقة هو أن بعض مسؤولي الاستخبارات الأمريكية ربما يكونون متورطين في بعض التقارير. وقال: "إذا كانت هذه التسريبات قادمة من مسؤولي المخابرات الأمريكية فهذا لا يقل خطورة، نحن نعمل بتعاون وثيق مع الأمريكيين في أكثر الأمور حساسية، إذا غير الأمريكيون نهجهم فسنحتاج إلى الدخول في غرفة مغلقة معهم اليوم وسماع سبب حدوث ذلك وما يعنيه. إذا لم تكن التسريبات قادمة من الأمريكيين فهذه مسألة تخضع للتحقيق من قبل الأجهزة الأمنية".
اتهامات لتل أبيب
وكانت إيران قد اتهمت إسرائيل بتخريب منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم، متعهدة بالانتقام في الزمان "المناسب" لهجوم هو -على ما يبدو- أحدث حلقة في حرب خفية دائرة منذ فترة طويلة.
من جانبها، وصفت السلطات الإيرانية الحادث بأنه "إرهاب نووي"، قائلة إنها تحتفظ لنفسها بالحق في اتخاذ إجراءات ضد الجناة. وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف: "الصهاينة يريدون الانتقام من الشعب الإيراني للنجاحات التي حققها في مسار رفع العقوبات. لن نقع في الفخ الذي نصبوه. لن نسمح لهذا العمل التخريبي بالتأثير على المحادثات النووية، لكننا سننتقم من الصهاينة".
فيما نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عديدة عن مصادر مخابرات قولها إن جهاز الموساد الإسرائيلي نفذ عملية تخريبية ناجحة في موقع نطنز المبني تحت الأرض.
لكن تل أبيب لم تعلق رسمياً على هذا الحادث حتى الآن.
يشار إلى أن إيران والقوى العالمية يجرون ما وصفوه بمحادثات "بناءة" الأسبوع الماضي، لإنقاذ هذا الاتفاق النووي الذي تعارضه إسرائيل بشدة.