روى شقيق ياسر المجالي، الذي عمل مديراً لمكتب الأمير الأردني حمزة بن الحسين، كيف اعتقلت السلطات شقيقه من منزله، في خطوة قالت صحيفة Wall Street Journal الأمريكية، الأحد 11 أبريل/نيسان 2021، إنها أثارت موجة من الاضطرابات بين العشائر التقليدية في البلاد.
اعتقال أثار غضباً
جاء اعتقال ياسر المجالي وشخصيات عشائرية بارزة أخرى في الأردن، يوم 3 أبريل/نيسان 2021، ضمن ما وصفه مسؤولون أردنيون بأنه محاولة لوأد مؤامرة ترمي إلى عزل الملك عبدالله الثاني وإحلال أخيه الأصغر غير الشقيق، الأمير حمزة بن الحسين، مكانه.
وقال ناصر المجالي، في شهادته على اعتقال أخيه ياسر، في تصريح للصحيفة الأمريكية، إن قوات الأمن أدخلت أخاه في سيارة دفع رباعي سوداء، فيما صوّب رجال الأمن الأسلحة على أقاربه.
جاء ذلك بعدما اقتحمت قوات أمنية مسلحة ببنادقها الهجومية منزل المجالي، في موطن عشيرته المطل على البحر الميت، وقال ناصر المجالي الذي كان يتحدث من داخل المنزل الذي اعتُقل منه شقيقه: "لن نصمت على ما حدث، نشر أننا نحن من جرى التآمر علينا".
كذلك نقلت الصحيفة عن أبناء العشيرة أن سمير المجالي، ابن عم العميد المتقاعد ياسر المجالي، اعتُقل بطريقة مماثلة من شارع رئيسي كان يتسوق فيه.
أثارت هذه الاعتقالات الاضطراب والصدمة في أحد الأعمدة المركزية للاستقرار في المجتمع الأردني، وفقاً للصحيفة الأمريكية.
في يوم 10 أبريل/نيسان 2021، انطلقت مظاهرة في منطقة شفا بدران في شمال العاصمة الأردنية عمان، وخرج حشد من أبناء عشيرة العنيزات للمطالبة بالإفراج عن أحد وجوه العشيرة، وهو العقيد المتقاعد مصطفى عايد العنيزات، الذي سبق أن خدم في حراسة الأمير حمزة.
في المقابل، قالت السلطات إن المعتقلين يخضعون للتحقيق، وقد يُحالون إلى محكمة أمن الدولة، فيما بدأ أقارب الرجال المعتقلين بإصدار بيانات للرد، وتنظيم المظاهرات للدعوة إلى إطلاق سراح المعتقلين أو حتى توجيه تهم رسمية إليهم والسماح لهم بالاتصال بمحامين.
تأثير قضية الأمير حمزة
من جانبها، تقول الشخصيات القبلية إنهم يدعمون الأسرة الهاشمية بأكملها، وعلى الرغم من أي تفضيلات شخصية، فإنهم يشددون على أنهم لا يريدون الانجرار إلى ما يعتبرونه نزاعاً عائلياً داخلياً.
ويحظى الأمير حمزة بن الحسين الذي أعلن في وقت سابق عن وضعه تحت الإقامة الجبرية، بشعبية كبيرة بين القبائل التى ترى فيه نسخة من والده الملك الحسين، على خلاف الملك عبدالله، الذي نشأ إلى حد كبير خارج البلاد، كما أن الأمير يتقن اللهجات الأردنية المحلية وعاداتها القبلية ويزور العشائر والمجتمعات القبلية بانتظام.
من جهة أخرى، وفي حين يعتقد دبلوماسيون وخبراء غربيون أنه من المستبعد أن يؤدي الوضع الراهن إلى اندلاع أزمة حكم فورية في بلد محاصر بالفعل بالحروب الأهلية في العراق وسوريا، إلا أنهم يقولون إن من المحتمل أن يتسبب ما وقع في ضرر دائم في البلاد.
دبلوماسي غربي قال للصحيفة الأمريكية: "إذا تُرك هذا النوع من الجروح دون علاج، فإنها تتفاقم وتنتشر في الجسد السياسي، وينتهي بك الأمر عاجزاً عن تضميدها. وسيكون هذا صدع إضافي في العلاقة بين المواطن والدولة في البلاد".
من جانبهم، قال بعض الخبراء إن سياسات الخصخصة وتفشي الفساد أديّا إلى تفاقم مشاعر التهميش وانعدام المساواة من جانب أبناء القبائل.
بدوره، قال فراس بريزات، وهو وزير أردني سابق يدير الآن شركة أبحاث واستشارات في عمان، إن تحرير الاقتصاد وضعَ بعض الأردنيين في أوضاع صعبة، لا سيما في المناطق القبلية.
ومع ذلك، فقد رفض بريزات فكرة أن مشاعر السخط المنتشرة قد تغيّر الرابطة الأساسية القائمة بين النظام الملكي والقبائل، مستدلاً بتحديات تاريخية عديدة واجهتها البلاد ولم تكسر تلك الروابط، مثل محاولة الانقلاب في عام 1957 والاضطرابات التي اشتعلت قبل عقد من الزمان أثناء احتجاجات الربيع العربي.
لكن، من جهة أخرى، فإن الاحتجاجات واسعة النطاق سبق أن أدّت إلى إسقاط حكومات في الأردن، وكان آخرها في عام 2018، بعد أن حاولت الحكومة زيادة الضرائب ورفع أسعار الوقود والكهرباء.