ابتكر باحثون أمريكيون تطبيقاً جديداً، أطلقوا عليه SpillOver، وهو عبارة عن منصة رصد فيروسات تعطي مسببات الأمراض "تصنيفاً ائتمانياً"، يشبه ما تستخدمه شركات تأمين البنوك، جرى تطويرها لتحديد الأمراض الخطيرة التي يحتمل أن تنتقل من الحيوانات إلى البشر وتتسبب في جائحة أخرى.
وفق تقرير لصحيفة The Telegraph البريطانية، الإثنين 12 أبريل/نيسان 2021، فإن هذا التطبيق يعتبر محاولة لتصنيف الخطر الذي يمكن أن تحدثه هذه الفيروسات، إضافة إلى تحديد "المرض إكس" قبل أن ينطلق.
كيف سيحدث ذلك؟
يُقدَّر أن الطيور والثدييات تؤوي نحو 1.7 مليون فيروس، وضمن ذلك نحو 700 ألف فيروس "يحتمل أن تكون حيوانية المصدر"، مما يعني أنها قد تنتقل إلى البشر.
ولكن بعد تحديد نحو 900 فيروس خطير محتمل -من بينها 16 من فيروسات كورونا- خلال العقد الماضي، تُرك الخبراء أمام سؤال صعب: أي منها يشكل الخطر الأعظم على البشر؟
تصنّف الأداة المعتمدة على شبكة الإنترنت 887 فيروساً استناداً إلى 31 مؤشراً، لتحديد الفيروسات التي تزيد احتمالية انتقالها من الحيوانات إلى البشر، تتضمن الفيروسات صاحبة أعلى التصنيفات مرض إيبولا وحمى لاسا، وكلاهما مرض نزفي، لكن القائمة تتضمن كذلك نحو 850 مسبب أمراض لم تكن معروفة من قبل.
في هذا السياق، تقول الدكتورة زوي جرانج، التي عملت على المشروع بوصفها باحثة بيئية ما بعد الدكتوراه بجامعة كاليفورنيا في دافيس: "تدير شركات تأمين السيارات خوارزميات لمعرفة ما إذا كانت هناك احتمالية لأن تتعرض سيارتك لحادث أم لا، بينما يستطيع مقرضو المال تقييم ما إذا كانت هناك احتمالية لأن تحاط بالديون"، وذلك خلال حديثها مع صحيفة The Telegraph.
أضافت زوي، التي تعد الآن عالمة حماية بارزة في هيئة الصحة العامة بأسكتلندا: "قررنا أن نجرب هذا، كي نصمم تقرير تصنيف ائتماني للفيروسات. يكمن الهدف من وراء استخدام تقييم المخاطر في التنبؤ بما إذا كانت سوف تنتقل إلى البشر، وتحديد أي الفيروسات تتطلب مزيداً من البحث".
خطوة أولى للتنبؤ بالجوائح
فقد أوضحت الصحيفة أن منصة الرصد ليست وسيلة لقياس ما إذا كان فيروس ما لديه القدرة على إصابة البشر، بل بدلاً من ذلك تقيم الفرصة التي لدى مسبب الأمراض على الانتقال من الحيوانات إلى البشر.
كما تعد هذه عملية حسابية معتمدة على عديد من العوامل -حُددت في دراسة نُشرت بدورية PNAS العلمية- وضمن ذلك عدد الأنواع التي عُثر على الفيروس فيها وما إذا كان مسبب الأمراض اكتُشف في منطقة أو حيوان قريب من البشر.
الدكتور بيتر داشاك، رئيس منظمة EcoHealth Alliance غير الحكومية، التي تعد ضمن شركاء تأسيس تطبيق SpillOver، يعلق على الأمر قائلاً: "هذه هي الخطوة الأولى في التعامل مع فجوة كبيرة بقدرتنا على التنبؤ بالجوائح".
كما أضاف داشاك، وهو عضو في فريق تحقيقات أصل فيروس سارس-كوف-2 لدى منظمة الصحة العالمية، أن منصة الرصد كانت قيد التطوير قبل ظهور مرض كوفيد-19 بكثير، لكن الجائحة سلطت ضوءاً على الحاجة إلى تحسين التأهب لأي تفشيات مستقبلية، وهو أمر حتمي.
ولم يكن مفاجئاً أن الأمراض حيوانية المصدر احتلت القائمة، وهي الأمراض التي تضمنت مسببات أمراض من 25 عائلة فيروسية مختلفة.
ماذا عن كورونا؟
جاء فيروس سارس-كوف-2 (الذي عُرف سابقاً باسم فيروس كورونا المستجد، والذي حصل على درجة خطورة 87 من أصل 155)، في المركز الثاني بعد فيروس لاسا، وهو حمى نزفية قاتلة في بعض الأحيان تتوطن لدى القوارض بغرب إفريقيا. تتضمن الفيروسات الـ10 الأكثر الخطورة إيبولا وفيروس داء الكلب وفيروس نيباه، الذي يستطيع التسبب في التهابات دماغية قاتلة.
يتوقع الباحثون أن يصل كوفيد-19 إلى المركز الأول في الوقت المناسب، مع تكشّف مزيد من المعلومات حول الطريقة التي بدأ بها انتقاله من الحيوانات إلى البشر.
كما يمكن أن تستخدم الأداة كذلك لتشجيع التدخلات، من أجل خفض فرص حدوث انتقال للفيروسات من الحيوانات إلى البشر من الأساس، بدءاً من عدم السماح بالوصول إلى كهوف الخفافيش ومروراً بإلغاء استضافة أنواع محددة من الحيوانات لأغراض تغذية، ووصولاً إلى تثقيف المجتمعات المحلية بشأن المخاطر المرتبطة بالاحتكاك عن قرب بالحيوانات البرية.
يعتقد الدكتور داشاك أنه "كان من الممكن لجميع هذه الاستراتيجيات أن تساعد في تقليل احتمالية ظهور فيروس سارس-كوف-2. الشيء المهم أن يُستخدم هذا في المستقبل".