أعلنت وزارة الري المصرية، السبت 10 أبريل/نيسان 2021، رفض عرض إثيوبي يقضي بمشاركة معلومات حول الملء الثاني لسد النهضة، معتبرةً أنه "غطاء" لتمرير قرار التعبئة في يوليو/تموز المقبل.
حيث قالت الوزارة في بيان، إن "مصر رفضت مقترح إثيوبيا الذي تضمن العديد من الادعاءات والمغالطات"، مؤكدةً أن "المقترح الإثيوبي لا يعدو كونه محاولة مكشوفة لاستخلاص إقرار مصري للمرحلة الثانية من الملء حتى لو لم يتم التوصل لاتفاق حول ملء وتشغيل سد النهضة".
فيما أكدت الوزارة، أن "مصر ترفض أي إجراءات أحادية تتخذها إثيوبيا، ولن تقبل بالتوصل لتفاهمات أو صيغ توفر غطاء سياسياً وفنياً للمساعي الإثيوبية لفرض الأمر الواقع على دولتي المصب (مصر والسودان)".
في وقت سابق من السبت، دعت أديس أبابا، القاهرة والخرطوم إلى ترشيح شركات مشغّلة للسدود بهدف تبادل البيانات قبل بدء الملء الثاني لسد النهضة، بعد أيام من اتهامات مصرية سودانية منفصلة لإثيوبيا بـ"التعنت".
جاءت دعوة إثيوبيا، بعد أيام من فشل جولة مفاوضات بالعاصمة الكونغولية كينشاسا بين الأطراف الثلاثة، للتوصل إلى حل بشأن السد؛ ما دفع مصر والسودان إلى تأكيد أن جميع الخيارات مفتوحة للتعامل مع الأزمة.
السودان يشترط اتفاقاً ملزماً لتبادل المعلومات
بدورها، اشترطت وزارة الري والموارد المائية السودانية، السبت، توقيع اتفاق قانوني ملزم مع إثيوبيا لتبادل معلومات الملء الثاني لسد النهضة، لافتة إلى أن الخرطوم تلقت، الخميس، رسالة من إثيوبيا تدعوها فيها إلى تسمية مندوب لتبادل المعلومات حول الملء الثاني لسد النهضة.
وأضاف الوزارة في بيان: "نرحب بهذه الخطوة من حيث المبدأ، ويؤكد السودان موقفه الثابت بأن تكون عملية تبادل المعلومات ضمن اتفاق قانوني وملزم للملء والتشغيل"، مشدّدة على أنَّ "عرض تبادل المعلومات بإجراء أحادي الجانب من إثيوبيا، في الوقت الذي يناسبها فقط، يجعل تبادل المعلومات مجرد منحة من إثيوبيا، توفرها أو تحجبها متى شاءت، الأمر الذي يمكن أن يعرّض مصالحنا الوطنية لمخاطر جسيمة".
كما أكدت وزارة الري السودانية أن "توقيع اتفاق قانوني ملزم هدف واقعي يمكن تحقيقه، بمساعدة ودعم منظمات إقليمية ودول ذات ثقل تشارك في تقريب وجهات النظر بين الدول الثلاث: السودان ومصر وإثيوبيا".
بينما لم يتسنَّ الحصول على تعليق فوري من أديس أبابا، على ما ورد في البيان المصري أو السوداني.
مصر توقع برتوكول تعاون عسكري مع بوروندي
في ثالث موقف يتضمن إجراء وتعاوناً عسكرياً مع دول بحوض النيل خلال نحو أسبوع، أعلن الجيش المصري، في بيان أصدره السبت، أن بلاده وقعت برتوكول تعاون عسكري مع بوروندي، إحدى دول حوض النيل.
فقد أوضح المتحدث باسم الجيش المصري العقيد تامر الرفاعي، أن رئيس أركان الجيش محمد فريد، التقى رئيس قوات الدفاع الوطني البوروندي بريم نيونجابو، الذي يزور مصر حالياً، مشيراً إلى أن اللقاء جاء على "هامش الاجتماع الأول للجنة العسكرية المصرية البوروندية لتعزيز التعاون العسكري بين البلدين".
وفق البيان ذاته، أكد نيونجابو حرص بوروندي على "دعم آفاق التعاون العسكري مع مصر خلال المرحلة المقبلة"، مشيراً إلى أنه "أعقب اللقاء جلسةُ مباحثات بين الجانبين تناولت بحث تطورات الأوضاع الراهنة وانعكاساتها على الساحة الإقليمية والدولية".
في الختام، وقَّع فريد ونيونجابو "برتوكول تعاون عسكري يتضمن التعاون بمجالات التدريب والتأهيل والتدريبات بما يتيح تبادل الخبرات".
جدير بالذكر أن حوض النيل يضم 11 دولة، هي: مصر وإريتريا وأوغندا وإثيوبيا والسودان وجنوب السودان والكونغو الديمقراطية وبوروندي وتنزانيا ورواندا وكينيا.
"حرب المياه مع إثيوبيا قادمة"
من جهته، قال المستشار الإعلامي لرئيس مجلس السيادة السوداني، الطاهر أبو هاجة، إن "حرب المياه مع إثيوبيا قادمة، إذا لم يضع العالم حداً لاستهتار النظام الإثيوبي"، مؤكداً أن "اتباع استراتيجية الصراع والتمسك بها كمنهج للنظام الإثيوبي يكشف أنه وضع الآخرين في خانة العدو منذ وقت مبكر، وهو يتعامل على هذا الأساس".
أبو هاجة أضاف أن "حرب المياه بدأت، وهي قادمة بصورة أفظع مما يتم تخيُّله إذا لم يضع العالم حداً لاستهتار النظام الإثيوبي عبر مؤسساته العدلية ومنظماته الدولية"، مضيفاً: "بلا شك، لا يوجد سبب قوي لخلق العدو أكثر من الحرمان من المياه".
فيما حذّر المستشار الإعلامي لرئيس مجلس السيادة السوداني من أن "سلوك النظام الإثيوبي، المتمثل في اعتداءاته على جيرانه ورفضه المقترحات الدولية كافة، سيورده موارد غير محمودة وسيرمي به في دائرة العزلة الدولية والإقليمية"، واصفاً سلوك أديس أبابا بـ"النية المبيَّتة منذ بدء إنشاء السد (قبل 10 سنوات) باستبعاد استراتيجية التعاون بشأن المياه وتبني خط الصراع عبر مواقف رافضة لكل خيارات الحلول المطروحة".
السودان يحجز المياه في خزان جبل أولياء
في السياق ذاته، أعلن السودان، السبت، البدء في حجز المياه بخزان "جبل أولياء"، جنوبي العاصمة الخرطوم؛ تحسباً للملء الثاني للسد الإثيوبي.
حيث قال مدير إدارة الخزانات بوزارة الري والموارد المائية، معتصم العوض، في بيان: "الإدارة ستبدأ في حجز نحو 600 مليون متر مكعب بخزان جبل أولياء، عقب انتهاء فترة تفريغ الخزان؛ لضمان استمرار العمل بمحطات الطلمبات (ضخ المياه) على النيل الأبيض والنيل الرئيسي، لتلبية احتياجات مياه الشرب والزراعة".
المسؤول السوداني أضاف أن ذلك "ضمن تحسبات الدولة لأي إجراء أحادي من قِبل إثيوبيا بالبدء في الملء الثاني لسد النهضة"، موضحاً أن "وزارة الري عملت وفق دراسات فنية، على تغيير سياسة تشغيل الخزانات، هذا العام؛ لمقابلة تأثيرات سد النهضة المتوقعة".
يشار إلى أن خزان جبل أولياء هو سد حجري على نهر النيل الأبيض بالسودان، يقع على بُعد 44 كيلومتراً جنوب الخرطوم، وأنشئ عام 1937.
تونس لن تقبل بأن يمس الأمن المائي لمصر
في سياق ليس ببعيد، أكد الرئيس التونسي قيس سعيّد، السبت، أن بلاده لن تقبل أن يُمَس الأمن المائي لمصر، مضيفاً: "نبحث عن حلول عادلة (في قضية سد النهضة الإثيوبي)، لكن الأمن القومي لمصر هو أمننا، وموقف مصر في أي محفل دولي سيكون موقفنا. ونحن نريد حلولاً عادلة، ولكن ليست على حساب مصر وأمتنا".
جاء ذلك في مؤتمر صحفي بقصر الاتحادية شرقي القاهرة، جمعه بنظيره المصري عبدالفتاح السيسي.
والجمعة، وصل سعيّد إلى مصر، في زيارة تستمر 3 أيام، هي الأولى له منذ توليه منصبه في أكتوبر/تشرين الأول 2019.
يشار إلى أن السيسي، ووزير الري والموارد المائية السوداني ياسر عباس، قالا في تصريحين منفصلين متطابقين، إن "جميع الخيارات مفتوحة للتعامل مع أزمة السد".
تأتي تلك التطورات في ظل إصرار أديس أبابا على الملء الثاني للسد في يوليو/تموز المقبل، حتى لو لم تتوصل إلى اتفاق، فيما تتمسك القاهرة والخرطوم بالتوصل إلى اتفاق يحافظ على منشآتهما المائية ويضمن استمرار تدفق حصتيهما السنوية من مياه نهر النيل.