أعلن مسؤول أمريكي كبير، الجمعة 9 أبريل/نيسان 2021، أن الولايات المتحدة تعتزم رفع العقوبات غير المتسقة مع الاتفاق النووي، والتي رفعتها سابقاً ضد إيران، مستدركاً بالقول: "لكن هذا لا يعني رفع كل العقوبات المفروضة منذ عام 2017".
فيما يرى المسؤول الأمريكي بعض المؤشرات على "جدية" إيران خلال محادثات فيينا غير مباشرة التي تهدف لإحياء الاتفاق النووي، إلا أنه يعتقد أن تلك المحادثات غير كافية، حيث إن هناك علامة استفهام رئيسية حول مطالبة طهران المتكررة لواشنطن برفع جميع العقوبات المفروضة منذ عام 2017.
المسؤول الكبير بوزارة الخارجية الأمريكية أشار، في تصريحات، نقلتها وكالة رويترز، إلى أنه "إذا ما أصرت إيران على ضرورة رفع كل العقوبات التي فُرضت منذ عام 2017 فإننا ذاهبون إلى مأزق"، مشدّداً على أن بلاده تأمل في أن تتخذ إيران موقفاً عملياً أكثر في الأيام والأسابيع المقبلة، منوهاً إلى أنه لا تزال هناك علامات استفهام أخرى بشأن إن كانت إيران ستتخذ نهجاً عملياً للعودة للامتثال للاتفاق النووي.
يشار إلى أن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، نيد برايس، وصف محادثات فيينا بأنها "بناءة" و"عملية".
إيران لن تشارك في أي محادثات مع أمريكا
في المقابل، ذكر المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، أن إيران لن تشارك في محادثات مباشرة أو غير مباشرة مع أمريكا حتى تنضم واشنطن مرة أخرى إلى خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي).
حيث قال زاده، في تصريحات لشبكة CNN الأمريكية: "لم تكن هناك محادثات مباشرة أو غير مباشرة في فيينا أو في أي مكان آخر؛ لأنه لا توجد حاجة لأية مفاوضات جديدة"، مضيفاً: "ما نقوم به الآن هو تحديد القائمة الكاملة للعقوبات التي يجب على الولايات المتحدة إزالتها بالفعل. ما إذا كان يمكن لإيران والولايات المتحدة التحدث مرة أخرى يعتمد على ما إذا كانت الولايات المتحدة قد عادت إلى الصفقة. حتى ذلك الحين لن تكون هناك محادثات أو مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة بين الجانبين".
لكن زاده لفت إلى ما وصفها بـ"التحركات الإيجابية" في فيينا، قائلاً: "تُظهر محادثات فيينا أن التقدم ممكن وأن الزخم الإيجابي الذي تم إنشاؤه بواسطة 4 + 1 ويمكن أن تستمر إيران إذا كانت الولايات المتحدة مستعدة للوفاء بالتزاماتها بموجب قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2231".
"تقدم أوَّلي في الاتجاه الصحيح"
كان المشاركون في محادثات فيينا قد أعلنوا، الجمعة 9 أبريل/نيسان 2021، أن هناك تقدماً في جهود إعادة طهران وواشنطن للامتثال للاتفاق المبرم عام 2015، وأن كل الأطراف ستجتمع مُجدداً الأسبوع المقبل، إلا أن المسؤولين الإيرانيين أشاروا إلى خلاف مع واشنطن حول العقوبات التي يتعين رفعها.
حيث أكد مبعوثون روس وصينيون إلى المحادثات أن الأطراف الأخرى في الاتفاق، وهي إيران وبريطانيا والصين وروسيا وفرنسا وألمانيا، التقت مرة أخرى في فيينا، اليوم الجمعة، واتفقت على الاستمرار فيها.
فقد قال ميخائيل أوليانوف سفير روسيا لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية على "تويتر"، إن أطراف خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي) بحثوا العمل الذي أنجزه الخبراء خلال الأيام الثلاثة الماضية، وأشاروا بارتياح إلى التقدم الأوَّلي الذي تحقق، منوهاً إلى أن "اللجنة ستعاود الاجتماع الأسبوع المقبل؛ من أجل الحفاظ على الزخم الإيجابي".
من جهته، أوضح سفير الصين لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وانغ كون، أن "محادثات فيينا تجري في الاتجاه الصحيح وسط مساعٍ لتقليص الخلافات من قِبل جميع الأطراف"، مؤكداً أن جميع الأطراف قلَّصت خلافاتها، و"نشهد في الواقع حالة من الزخم لتوافق تدريجي آخذ في التبلور".
المسؤول الدبلوماسي الصيني أضاف، في مؤتمر صحفي عقب ختام اجتماع المشاركين في الاتفاق؛ لتقييم النتائج بعد أسبوع من المناقشات، أن "جميع الأطراف اتفقت على عقد اجتماع جديدٍ، الأسبوع المقبل، في إطار الجهود الرامية إلى إعادة طهران وواشنطن إلى الامتثال للاتفاق النووي"، موضحاً أن المناقشات ستكون مكثفة بين مجموعتي العمل ودبلوماسيين كبار، الأسبوع المقبل.
جهود مكوكية
تهدف تلك المحادثات، التي يقوم فيها مسؤولون من الاتحاد الأوروبي بجهود مكوكية بين الولايات المتحدة وبقية أطراف الاتفاق، إلى التركيز على صميم الاتفاق المتمثل في القيود المفروضة على أنشطة إيران النووية مقابل رفع العقوبات الأمريكية وغيرها من العقوبات الدولية.
في هذا السياق، كتب وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، على "تويتر": "جميع عقوبات ترامب كانت مخالفة لخطة العمل الشاملة المشتركة ويجب رفعها من دون تفريق".
كانت الولايات المتحدة قد انسحبت من الاتفاق إبان إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي عارضه بشدة وسعى لنقضه، وأعاد فرض العقوبات على إيران؛ ما دفعها إلى "انتهاك" العديد من القيود المفروضة بموجبه على برنامجها النووي، كما تقول تقارير مختلفة.
عقد اجتماع جديد
كما أشارت وزارة الخارجية الإيرانية، في بيان، إلى أن الدبلوماسيين سيعاودون الاجتماع في فيينا، يوم الأربعاء المقبل. وفي أثناء ذلك، ستواصل مجموعتا العمل اللتان يرأسهما الاتحاد الأوروبي ولا يوجد بهما تمثيل أمريكي أداء مهمتهما.
فيما لفت دبلوماسيون غربيون إلى أنهم سيعرفون في غضون أسابيع ما إذا كانت جولات المحادثات ستثمر نتيجة قبل انتخابات الرئاسة الإيرانية يوم 18 يونيو/حزيران 2021.
التعقيد الفني للأوجه النووية
إذ قال مصدر دبلوماسي أوروبي كبير، إنه نظراً إلى ما وصفه بالتعقيد الفني للأوجه النووية والتعقيدات القانونية لرفع العقوبات، سيكون من التفاؤل البالغ الاعتقاد بأن المهمة ستنتهي في غضون بضعة أسابيع.
في المقابل، ذكر مسؤولون أمريكيون أنه يجري إطلاعهم على ما يدور في الاجتماعات.
محادثات فيينا
يشار إلى أن الاجتماع الأول بين القوى العالمية وإيران، والذي عُقد يوم الجمعة 2 أبريل/نيسان 2021، عبر الإنترنت، كان قد انتهى إلى الاتفاق على عقد لقاء مباشر في فيينا يوم الثلاثاء 6 أبريل/نيسان الجاري، وهو ما اعتُبر خطوة متقدمة في إطار العودة إلى الاتفاق النووي الإيراني.
شارك في اجتماع الثلاثاء المُشار إليه، إيران والصين وروسيا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا، وجميعها أطراف في اتفاق 2015.
كانت أطراف الاتفاق الأخرى قد اتفقت يوم الثلاثاء الماضي، على تشكيل مجموعتين من الخبراء مهمتهما إعداد قائمة العقوبات التي يجب أن ترفعها الولايات المتحدة عن إيران مقابل قائمة الالتزامات النووية التي يتعين على طهران الامتثال لها.
حينها علق مساعد المنسق العام للسياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، إنريكي مورا، على اجتماع الثلاثاء، بالقول إنه كان "بنّاءً؛ فهناك وحدة وطموح لتبنّي عملية دبلوماسية مشتركة مع مجموعتين من الخبراء بشأن التنفيذ النووي ورفع العقوبات".
جاء ذلك في تغريدة لمورا، وهو أيضاً رئيس اللجنة المشتركة، عقب ختام الجولة الثانية من المباحثات في العاصمة النمساوية فيينا.
كما أضاف الدبلوماسي الأوروبي: "بصفتي منسقاً (لهذا الاجتماع) سأكثف الاتصالات المنفصلة هنا في فيينا مع جميع الأطراف المعنيين، وضمن ذلك الولايات المتحدة".
إدارة بايدن تسعى للتواصل مع إيران
يشار إلى أن إدارة بايدن تسعى للتواصل مع إيران في محادثات حول استئناف الطرفين الالتزام بالاتفاق الذي رفعت بموجبه عقوبات أمريكية ودولية على طهران مقابل تقييدها لبرنامجها النووي.
كانت واشنطن قد انسحبت، في مايو/أيار 2018، من الاتفاق النووي، وفرضت على طهران عقوبات اقتصادية؛ ما دفع إيران إلى الرد بتقليص التزامها ببنود الاتفاق بعد أن انتظرت أكثر من عام.
أما طهران فقد أعلنت، في يناير/كانون الثاني 2020، تعليق جميع تعهداتها الواردة بالاتفاق، رداً على اغتيال واشنطن قبلها بأيام، قائد "فيلق القدس" الإيراني قاسم سليماني، ونائب رئيس "هيئة الحشد الشعبي" العراقي، أبومهدي المهندس، وآخرين بقصف جوي في بغداد.
وينص الاتفاق على التزام طهران بالتخلي، لمدة لا تقل عن 10 سنوات، عن أجزاء حيوية من برنامجها النووي، وتقييده بشكل كبير، بهدف منعها من امتلاك القدرة على تطوير أسلحة نووية، مقابل رفع العقوبات عنها.