أعلن المشاركون في محادثات فيينا لإحياء الاتفاق النووي الإيراني، الجمعة 9 أبريل/نيسان 2021، أن هناك تقدماً في جهود إعادة طهران وواشنطن للامتثال للاتفاق المبرم عام 2015، وأن كل الأطراف ستجتمع مُجدداً الأسبوع المقبل، إلا أن المسؤولين الإيرانيين أشاروا إلى خلاف مع واشنطن حول العقوبات التي يتعين رفعها.
حيث أكد مبعوثون روس وصينيون إلى المحادثات أن الأطراف الأخرى في الاتفاق، وهي إيران وبريطانيا والصين وروسيا وفرنسا وألمانيا، التقت مرة أخرى في فيينا، اليوم الجمعة، واتفقت على الاستمرار فيها.
"تقدم أوَّلي في الاتجاه الصحيح"
فقد قال ميخائيل أوليانوف سفير روسيا لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية على "تويتر"، إن أطراف خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي) بحثوا العمل الذي أنجزه الخبراء خلال الأيام الثلاثة الماضية، وأشاروا بارتياح إلى التقدم الأوَّلي الذي تحقق، منوهاً إلى أن "اللجنة ستعاود الاجتماع الأسبوع المقبل؛ من أجل الحفاظ على الزخم الإيجابي".
من جهته، أوضح سفير الصين لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وانغ كون، أن "محادثات فيينا تجري في الاتجاه الصحيح وسط مساعٍ لتقليص الخلافات من قِبل جميع الأطراف"، مؤكداً أن جميع الأطراف قلَّصت خلافاتها، و"نشهد في الواقع حالة من الزخم لتوافق تدريجي آخذ في التبلور".
المسؤول الدبلوماسي الصيني أضاف، في مؤتمر صحفي عقب ختام اجتماع المشاركين في الاتفاق؛ لتقييم النتائج بعد أسبوع من المناقشات، أن "جميع الأطراف اتفقت على عقد اجتماع جديدٍ، الأسبوع المقبل، في إطار الجهود الرامية إلى إعادة طهران وواشنطن إلى الامتثال للاتفاق النووي"، موضحاً أن المناقشات ستكون مكثفة بين مجموعتي العمل ودبلوماسيين كبار، الأسبوع المقبل.
جهود مكوكية
تهدف تلك المحادثات، التي يقوم فيها مسؤولون من الاتحاد الأوروبي بجهود مكوكية بين الولايات المتحدة وبقية أطراف الاتفاق، إلى التركيز على صميم الاتفاق المتمثل في القيود المفروضة على أنشطة إيران النووية مقابل رفع العقوبات الأمريكية وغيرها من العقوبات الدولية.
في هذا السياق، كتب وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، على "تويتر": "جميع عقوبات ترامب كانت مخالفة لخطة العمل الشاملة المشتركة ويجب رفعها من دون تفريق".
كانت الولايات المتحدة قد انسحبت من الاتفاق إبان إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي عارضه بشدة وسعى لنقضه، وأعاد فرض العقوبات على إيران؛ ما دفعها إلى "انتهاك" العديد من القيود المفروضة بموجبه على برنامجها النووي، كما تقول تقارير مختلفة.
عقد اجتماع جديد
كما أشارت وزارة الخارجية الإيرانية، في بيان، إلى أن الدبلوماسيين سيعاودون الاجتماع في فيينا، يوم الأربعاء المقبل. وفي أثناء ذلك، ستواصل مجموعتا العمل اللتان يرأسهما الاتحاد الأوروبي ولا يوجد بهما تمثيل أمريكي أداء مهمتهما.
فيما لفت دبلوماسيون غربيون إلى أنهم سيعرفون في غضون أسابيع ما إذا كانت جولات المحادثات ستثمر نتيجة قبل انتخابات الرئاسة الإيرانية يوم 18 يونيو/حزيران 2021.
التعقيد الفني للأوجه النووية
إذ قال مصدر دبلوماسي أوروبي كبير، إنه نظراً إلى ما وصفه بالتعقيد الفني للأوجه النووية والتعقيدات القانونية لرفع العقوبات، سيكون من التفاؤل البالغ الاعتقاد بأن المهمة ستنتهي في غضون بضعة أسابيع.
في المقابل، ذكر مسؤولون أمريكيون أنه يجري إطلاعهم على ما يدور في الاجتماعات.
وسبق أن صرّحت جين ساكي، المتحدثة باسم البيت الأبيض، قبل أيام، بأن إدارة الرئيس جو بايدن لا تتوقع أي تغيير في السياسة تجاه إيران خلال المفاوضات بشأن العودة للامتثال للاتفاق النووي لعام 2015.
كما أضافت ساكي: "كنا واضحين في أننا لن نتخذ أي إجراءات، ولا نتوقع أي إجراءات في الوقت الحالي. سنسمح للمفاوضات بأن تستمر".
بدوره، أكد هنري روم، المحلل بمجموعة أوراسيا للأبحاث، أنه "في هذه المرحلة إيران هي القاطرة التي تحدد سرعة تحقيق تقدُّم، فإن هي قررت الإسراع قبل انتخابات الرئاسة في يونيو/حزيران، فمن شبه المؤكد أن تبدي الولايات المتحدة استجابة".
روم واصل حديثه بالقول: "هذا سيتطلب من إيران قبول حلول وسط فيما يتعلق بالعقوبات عليها وما يستتبعه ذلك من مطالب. فإن لم تَقنع طهران بالموقف الأمريكي أو خشي زعيمها الأعلى، علي خامنئي، التبعات السياسية لانفراجة دبلوماسية وسط حملة الانتخابات الرئاسية، فستضغط طهران على المكابح".
محادثات فيينا
يشار إلى أن الاجتماع الأول بين القوى العالمية وإيران، والذي عُقد يوم الجمعة 2 أبريل/نيسان 2021، عبر الإنترنت، كان قد انتهى إلى الاتفاق على عقد لقاء مباشر في فيينا يوم الثلاثاء 6 أبريل/نيسان الجاري، وهو ما اعتُبر خطوة متقدمة في إطار العودة إلى الاتفاق النووي الإيراني.
شارك في اجتماع الثلاثاء المُشار إليه، إيران والصين وروسيا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا، وجميعها أطراف في اتفاق 2015.
كانت أطراف الاتفاق الأخرى قد اتفقت يوم الثلاثاء الماضي، على تشكيل مجموعتين من الخبراء مهمتهما إعداد قائمة العقوبات التي يجب أن ترفعها الولايات المتحدة عن إيران مقابل قائمة الالتزامات النووية التي يتعين على طهران الامتثال لها.
حينها علق مساعد المنسق العام للسياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، إنريكي مورا، على اجتماع الثلاثاء، بالقول إنه كان "بنّاءً؛ فهناك وحدة وطموح لتبنّي عملية دبلوماسية مشتركة مع مجموعتين من الخبراء بشأن التنفيذ النووي ورفع العقوبات".
جاء ذلك في تغريدة لمورا، وهو أيضاً رئيس اللجنة المشتركة، عقب ختام الجولة الثانية من المباحثات في العاصمة النمساوية فيينا.
كما أضاف الدبلوماسي الأوروبي: "بصفتي منسقاً (لهذا الاجتماع) سأكثف الاتصالات المنفصلة هنا في فيينا مع جميع الأطراف المعنيين، وضمن ذلك الولايات المتحدة".
إدارة بايدن تسعى للتواصل مع إيران
يشار إلى أن إدارة بايدن تسعى للتواصل مع إيران في محادثات حول استئناف الطرفين الالتزام بالاتفاق الذي رفعت بموجبه عقوبات أمريكية ودولية على طهران مقابل تقييدها لبرنامجها النووي.
كانت واشنطن قد انسحبت، في مايو/أيار 2018، من الاتفاق النووي، وفرضت على طهران عقوبات اقتصادية؛ ما دفع إيران إلى الرد بتقليص التزامها ببنود الاتفاق بعد أن انتظرت أكثر من عام.
أما طهران فقد أعلنت، في يناير/كانون الثاني 2020، تعليق جميع تعهداتها الواردة بالاتفاق، رداً على اغتيال واشنطن قبلها بأيام، قائد "فيلق القدس" الإيراني قاسم سليماني، ونائب رئيس "هيئة الحشد الشعبي" العراقي، أبومهدي المهندس، وآخرين بقصف جوي في بغداد.
وينص الاتفاق على التزام طهران بالتخلي، لمدة لا تقل عن 10 سنوات، عن أجزاء حيوية من برنامجها النووي، وتقييده بشكل كبير، بهدف منعها من امتلاك القدرة على تطوير أسلحة نووية، مقابل رفع العقوبات عنها.