تقدَّم رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، الخميس 8 أبريل/نيسان 2021، بالشكر للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، على الجهود التي بذلها خلال رئاسة أنقرة الدورية لمجموعة الثماني الإسلامية، في أحدث مؤشر على التقارب الحذر الذي تشهده البلدان في الفترة الأخيرة.
وأعلن رئيس الوزراء المصري، في كلمة ألقاها نيابة عن الرئيس عبدالفتاح السيسي، عبر اتصال مرئي خلال القمة العاشرة لمجموعة الدول الثماني الإسلامية النامية "D-8″، اهتمام بلاده بتعزيز التعاون بين أعضاء المجموعة لتحقيق المصالح والتطلعات المشتركة، وذلك حسب ما ذكرته وكالة الأناضول.
وقال مدبولي، إن "مصر تولي المشاركة في فعاليات المنظمة اهتماماً كبيراً، بهدف تعزيز الروابط في المجالات ذات الاهتمام المشترك، وتعزيز سبل التعاون الحالي والمستقبلي لمواجهة التحديات المتزايدة في ظل الظروف الاستثنائية الحالية".
أردوغان يدعو لتغليب السلام والحوار
من جهته، دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خلال اجتماع القمة العاشرة للمجموعة التي تستضيفها بنغلاديش افتراضياً، إلى تجديد مجموعة الدول الثماني الإسلامية النامية (D-8)، وفق المتطلبات الراهنة.
وأشار إلى أن المجموعة تأسست على أسس تغليب السلام على الحرب، والحوار على الصراع، والعدالة على المعايير المزدوجة، متبنيةً شعار سيادة الحرية والديمقراطية، والمساواة بدل الاستعلاء، والتشارك بدل الاستغلال، وحقوق الإنسان بدل القمع والهيمنة.
وأوضح أن المجموعة بوصفها كياناً يعمل بهدف إنشاء عالم يسوده الاستقرار، حققت إنجازات مهمة خلال الفترة الماضية، مشيراً إلى أنه ما زال هناك المزيد لعمله.
وأضاف: "سنواصل النضال من أجل إنشاء عالم يسوده السلام والاستقرار والرفاه، من خلال التضامن بين دول المجموعة".
وتأسست مجموعة الدول الثماني الإسلامية النامية عام 1997، من دول واقعة غرب إفريقيا وجنوب وشرق آسيا، وتضم تركيا وبنغلاديش ومصر وإندونيسيا وإيران وماليزيا ونيجيريا وباكستان.
تقارب وكسر للجليد
وتشهد العلاقات بين أنقرة والقاهرة نوعاً من التقارب الحذِر في الآونة الأخيرة، حيث تبادل الطرفان بعض التصريحات عن اتصالات لتقريب وجهات النظر بين الدولتين اللتين شهدتا خلافاً كبيراً منذ الانقلاب على الرئيس المصري المنتخب الراحل محمد مرسي.
ففي مارس/آذار الماضي، كشف وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، أن بلاده استأنفت اتصالاتها الدبلوماسية مع مصر لإعادة العلاقات إلى طبيعتها، دون أي شروط مسبقة.
أوغلو قال، وفقاً لما نشرته وسائل إعلام تركية، إنه في حال أقدمت السعودية على خطوات إيجابية فستقابلها أنقرة بالمثل، وأكد الوزير التركي أن لدى أنقرة "اتصالات مع مصر، سواء على مستوى الاستخبارات أو وزارة الخارجية".
وقال تشاووش أوغلو، في وقت سابق، إن تركيا ومصر قد تتفاوضان على ترسيم الحدود البحرية في شرق البحر المتوسط إذا سمحت العلاقات بينهما بمثل هذه الخطوة.
ومنذ عام 2013 سمحت تركيا لمعارضين مصريين بالإقامة لديها بدافع الدعم الإنساني، وذلك عقب الإطاحة بالرئيس الراحل محمد مرسي، وتصنيف جماعة الإخوان المسلمين "إرهابية"، ما أجبر عدداً من قياداتها وكوادرها على الخروج إلى دول أخرى؛ خشية الملاحقة.
أكدت تركيا، على لسان وزير خارجيتها مولود أوغلو، في وقت سابق، أن الطريقة الأكثر عقلانية لعودة العلاقات التركية المصرية هي عبر الحوار والتعاون مع أنقرة، بدلاً من تجاهلها.
يقول علي باكير، أستاذ العلاقات الدولية في مركز ابن خلدون بجامعة قطر، لـ"عربي بوست"، إن "الاتصالات بين أنقرة والقاهرة مفتوحة وربما لا تحتاج واسطة، فعلى مستوى الاستخبارات كانت -ولا تزال- قائمة حول عدة ملفات، لاسيما الإقليمية منها. أما على المستويين السياسي والاقتصادي، فليس هناك أي عائق من تواصل مباشر.
وبخلاف الاعتقاد السائد، فحجم التجارة بين البلدين ارتفع عام 2019 بشكل غير مسبوق، كما أن أنقرة عادت لتستورد من مصر؛ في محاولة للتلويح بالجزرة الاقتصادية لها، وفق تعبيره.
لكن باكير يرى أن "المشكلة القائمة بين أنقرة والقاهرة هي على المستوى الرئاسي، ولا أعتقد أننا سنرى تغييراً في وقت قريب بهذا الصدد. على المصريين أن يدركوا أن إدانة الانقلابات موقف مبدئي بالنسبة إلى تركيا بغض النظر عن الجهة التي تقوم بها".