وصف كبير المفاوضين النوويين في إيران محادثات فيينا لإعادة إحياء الاتفاق النووي بين طهران والدول الكبرى، والتي عُقدت، الثلاثاء 6 أبريل/نيسان 2021، بـ"البناءة"، معلناً أن الاجتماع القادم سيكون يوم الجمعة المقبل.
حيث قال عباس عراقجي، للتلفزيون الرسمي الإيراني، إن بلاده ستواصل مع القوى الكبرى بحث سبل استئناف الامتثال للاتفاق النووي لعام 2015 الذي انسحب منه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في 2018.
فيما أضاف عراقجي أن طهران لن تعلق تخصيب اليورانيوم إلى درجة نقاء 20% في مقابل الإفراج عن مليار دولار من أموالها المجمدة في دول أخرى بسبب العقوبات الأمريكية.
من جهته، ذكر أمين مجلس الأمن القومي الإيراني، علي شمخاني، في تغريدة عبر "تويتر" أنه "بغض النظر عما إذا كان لدى أوروبا الإرادة أو القدرة على إقناع أمريكا برفع العقوبات بشكل كامل والعودة الى الوفاء بتعهداتها أو لم يكن، لن يكون هنالك أي احتمال لدخول إيران في مفاوضات خارج نطاق الاتفاق النووي تحت أي ظرف كان".
بدوره، أشار علي ربيعي، المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، إلى أنهم "على ثقة في أننا على الطريق الصحيح، وإذا تأكدت إرادة الأمريكيين وجديتهم وصدقهم، فقد تكون هذه بادرة طيبة لمستقبل أفضل لهذا الاتفاق".
بينما ألقى مجيد تخت روانجي، مندوب إيران الدائم لدى الأمم المتحدة والمفاوض النووي السابق، بالعبء كاملاً في ذلك على الولايات المتحدة، إذ قال، في تغريدة على "تويتر": "لم تلتزم الولايات المتحدة حتى الآن بوعود الحملة الانتخابية بالعودة للانضمام إلى خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي). لذلك يجب عدم إهدار هذه الفرصة"، مضيفاً: "إذا رفعت الولايات المتحدة كل العقوبات فسوف توقف إيران كل الإجراءات التصحيحية".
تأتي تلك التطورات بينما سبق أن صرّح عراقجي، الذي يشغل منصب مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية، يوم الأحد 4 أبريل/نيسان 2021، بأنه لن تكون لدينا مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة مع الولايات المتحدة في فيينا، مشدّداً على ضرورة التزام أمريكا أولاً بجميع تعهداتها، ورفع جميع العقوبات التي فرضتها على بلاده.
البيت الأبيض لا يتوقع أي تغيير
في المقابل، قالت جين ساكي المتحدثة باسم البيت الأبيض، الثلاثاء، إن إدارة الرئيس جو بايدن لا تتوقع أي تغيير في السياسة تجاه إيران خلال المفاوضات بشأن العودة للامتثال للاتفاق النووي لعام 2015.
كما أضافت ساكي: "كنا واضحين في أننا لن نتخذ أي إجراءات، ولا نتوقع أي إجراءات في الوقت الحالي. سنسمح للمفاوضات بأن تستمر".
محادثات غير مباشرة لإحياء الاتفاق النووي
في وقت سابق من يوم الثلاثاء، بدأ وسطاء أوروبيون تحركات مكوكية بين مسؤولين إيرانيين وأمريكيين في فيينا في إطار سعيهم لإعادة البلدين للالتزام الكامل بالاتفاق النووي الموقع عام 2015.
عُقدت المباحثات في فندقين، على خلفية عدم إمكانية عقدها "مباشرة" في الوقت الحالي بين إيران والولايات المتحدة، بحسب هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي".
حيث تواجد المسؤولون الأمريكيون في مكان مختلف عن نظرائهم الإيرانيين، ضمن مشاركة الطرفين في الاجتماعات التي يحضرها أيضا مسؤولون من الصين، وفرنسا، وألمانيا، وروسيا، وبريطانيا.
يشار إلى أن تلك المفاوضات تهدف لإعادة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي، وتمهيد الطريق لتراجع إيران عن تملصها من القيود التي فرضت عليها بموجبه، فزادت عمليات تخصيب اليورانيوم إلى 20%، متجاوزة نسبة 3.67% المسموح بها.
كان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، قد رفض قبل أيام اقتراحاً قدمته الولايات المتحدة برفع تدريجي للعقوبات التي فرضتها إدارة ترامب.
فيما اعتبرت واشنطن أن المفاوضات "خطوة أولى بناءة".
وفي مايو/أيار 2018، انسحبت واشنطن من الاتفاق النووي الموقع في 2015 بين إيران ومجموعة (5+1)، التي تضم روسيا وبريطانيا والصين والولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا، وفرضت على طهران عقوبات اقتصادية.
دبلوماسي أوروبي يعلق على التطورات
في السياق ذاته، قال مساعد المنسق العام للسياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، إنريكي مورا، إن اجتماع اللجنة المشتركة للاتفاق النووي مع إيران كان "بناءً؛ فهناك وحدة وطموح لتبني عملية دبلوماسية مشتركة مع مجموعتين من الخبراء بشأن التنفيذ النووي ورفع العقوبات".
جاء ذلك في تغريدة لمورا، وهو أيضاً رئيس اللجنة المشتركة، عقب ختام الجولة الثانية من المباحثات في العاصمة النمساوية فيينا.
كما أضاف الدبلوماسي الأوروبي: "بصفتي منسقاً (لهذا الاجتماع) سأكثف الاتصالات المنفصلة هنا في فيينا مع جميع الأطراف المعنيين، بما في ذلك الولايات المتحدة".
محادثات فيينا
يشار إلى أن اجتماع القوى العالمية وإيران السابق، والذي عُقد يوم الجمعة 2 أبريل/نيسان 2021، عبر الإنترنت، كان قد انتهى إلى الاتفاق على عقد لقاء مباشر في فيينا يوم الثلاثاء 6 أبريل/نيسان الجاري، وهو ما اعتبر خطوة متقدمة في إطار العودة إلى الاتفاق النووي الإيراني.
شارك في الاجتماع المُشار إليه، إيران والصين وروسيا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا، وجميعها أطراف في اتفاق 2015.
مواقف "بناءة"
يأتي ذلك في الوقت الذي حثت فيه فرنسا إيران مؤخراً على إبداء موقف بناء في المحادثات غير المباشرة مع واشنطن في العاصمة النمساوية، والتي قالت إنها ستكون جزءاً من مفاوضات أوسع نطاقاً.
جاء الموقف الفرنسي في مباحثات هاتفية أجراها وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، السبت 3 أبريل/نيسان 2021، مع نظيره الفرنسي جان إيف لودريان.
إذ لفت لو دريان، في بيان، إلى أنه طلب من إيران "تجنب المزيد من الانتهاكات لالتزاماتها النووية. ومن المفترض أن تساعد (المناقشات) في تحديد الخطوات اللازمة في الأسابيع المقبلة من أجل العودة إلى الامتثال الكامل للاتفاق النووي"، مؤكداً أنه شجع طهران على أن تكون "بناءة" في المناقشات المقرر إجراؤها.
بينما طالب ظريف فرنسا بتبني موقف "بناء" تجاه الاتفاق النووي خلال محادثات فيينا. وقال ظريف، في تغريدة عبر تويتر: "طالبت فرنسا بأن تحترم التزاماتها المنصوصة في الاتفاق النووي، والكف عن اتباع العقوبات غير القانونية التي تفرضها الولايات المتحدة".
إدارة بايدن تسعى للتواصل مع إيران
يشار إلى أن إدارة بايدن تسعى للتواصل مع إيران في محادثات حول استئناف الطرفين الالتزام بالاتفاق الذي رفعت بموجبه عقوبات أمريكية ودولية على طهران مقابل تقييدها لبرنامجها النووي.
كانت واشنطن قد انسحبت، في مايو/أيار 2018، من الاتفاق النووي، وفرضت على طهران عقوبات اقتصادية؛ ما دفع إيران إلى الرد بتقليص التزامها ببنود الاتفاق بعد أن انتظرت أكثر من عام.
أما طهران فقد أعلنت، في يناير/كانون الثاني 2020، تعليق جميع تعهداتها الواردة بالاتفاق، رداً على اغتيال واشنطن قبلها بأيام، قائد "فيلق القدس" الإيراني قاسم سليماني، ونائب رئيس "هيئة الحشد الشعبي" العراقي، أبومهدي المهندس، وآخرين بقصف جوي في بغداد.
وينص الاتفاق على التزام طهران بالتخلي، لمدة لا تقل عن 10 سنوات، عن أجزاء حيوية من برنامجها النووي، وتقييده بشكل كبير، بهدف منعها من امتلاك القدرة على تطوير أسلحة نووية، مقابل رفع العقوبات عنها.