بيان من 103 ضباط متقاعدين في تركيا يثير غضباً رسمياً وشعبياً واسعاً.. والنيابة العامة تفتح تحقيقاً

عربي بوست
تم النشر: 2021/04/04 الساعة 12:28 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/04/04 الساعة 12:28 بتوقيت غرينتش
رويترز

أثار بيان أصدره 103 من الضباط والجنرالات المتقاعدين من الجيش التركي، أغلبيتهم من قوات البحرية، ردود فعل غاضبة على المستوى الشعبي والرسمي في تركيا، بعدما أبدوا اعتراضهم على مشروع قناة إسطنبول المائية، في تحرك اعتُبر بمثابة تدخل من العسكريين في الشؤون السياسية للدولة.

وسائل إعلام تركية تحدثت الأحد 4 أبريل/نيسان 2021، عن بيان الضباط الرافضين لمشروع القناة المائية بإسطنبول، الذي يدعمه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وحذروا في البيان مما اعتبروه "مساساً" باتفاقية مونترو الموقعة في العام 1936، والمتعلقة بنظام المضائق البحرية التركية. 

بيان الضباط دعا أيضاً إلى المحافظة على هيبة القوات التركية، وقال إنه "من الضروري أن يحافظ الجيش التركي بجد على القيم الأساسية للدستور، والتي لا يمكن تغييرها ولا يمكن اقتراح تغييرها، كما ندين ابتعاد القوات البحرية التركية عن هذه القيم وعن المسار المعاصر الذي رسمه أتاتورك"، وفقاً لما أوردته وكالة "أنباء تركيا". 

انتقادات للبيان 

قوبل بيان الضباط بهجوم واسع من قبل أتراك على شبكات التواصل الاجتماعي، وعلى على المستوى الرسمي قالت وزارة الدفاع التركية، إنه "لا يمكن استخدام الجيش كوسيلة لتحقيق الغايات الشخصية لأولئك الذين ليس لديهم أي مهمة أو مسؤولية"، وفقاً لما أوردته وكالة الأناضول التركية الرسمية. 

انتقدت الوزارة بياناً صدر عن الضباط المتقاعدين، وقالت إنه من "الواضح أن نشر مثل هذا البيان لن يؤدي إلا إلى إلحاق الضرر بديمقراطيتنا"، وشدّدت على أنه لا يمكن استخدام القوات المسلحة كوسيلة لتحقيق الغايات والأطماع والآمال الشخصية.

كذلك أكّد بيان وزارة الدفاع التركية، أن "الذين لا يرون ولا يريدون أن يروا إنجازات الجيش التركي الذي يعد جسداً واحداً بقواته البرية والبحرية والجوية، هم أولئك الذين أعماهم الطمع والجشع والحسد".

الوكالة التركية أشارت أيضاً إلى أن النيابة العامة في أنقرة فتحت تحقيقاً حول بيان الضباط المتقاعدين.

من جانبه، وصف فؤاد أوكتاي نائب الرئيس أدروغان، من أصدر البيان بأنهم "جبناء وعاشقون للانقلاب"، وذلك في تغريدة له على حسابه في موقع تويتر، وقال إن هؤلاء "لم يتمكنوا بعد من هضم الإرادة الشعبية". 

بدوره، أكد رئيس دائرة الاتصالات في الرئاسة التركية، فخر الدين ألتون أن الشعب "أظهر للصديق والعدو في 15 يوليو/تموز من عام 2016 كيف داس على الانقلابيين"، مضيفاً: "اعرفوا حدودكم".

كما هاجم ألتون البيان ومَن وراءه، وقال: "تداعى عدد من المتقاعدين على إصدار بيان أثار حماسة الطابور الخامس فوراً، اجلسوا مكانكم، تركيا القديمة التي تتحدثون عنها باتت في الماضي، تركيا دولة قانون فمن أنتم، وبأي حق تشيرون بأصابعكم إلى إرادة الشعب الشرعية، تركيا دولة قانون لا تنسوا ذلك".

أما وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، فقال إنه يمجد من يرتدون الزي العسكري في البلاد، الذين لا يستخدمون زيهم كأداة سياسية. 

كذلك دعا رئيس الحركة القومية، دولت بهتشلي، إلى نزع الرتب العسكرية لمن يقف وراء هذا البيان. 

وأعرب رئيس البرلمان التركي مصطفى شنطوب عن انزعاجه من بيان الضباط، وقال إن "التعبير عن الرأي يختلف عن الدعوة إلى الانقلاب وإعداد البيانات".

ما هي قناة إسطنبول؟ 

يطلق على مشروع "قناة إسطنبول" اسم "مشروع العصر"، بحسب وكالة الأناضول التركية، فإن هذا المشروع هو أضخم عمل سيتم إنجازه في تاريخ الجمهورية التركية؛ والذي أعلن عنه أردوغان لأول مرة حينما كان رئيساً للوزراء سنة 2011.

وتقول تركيا إن مشروع القناة سيعزز مكانتها في مجال المعابر المائية، لكونه سيربط بين بحر مرمرة والبحر الأسود في الشق الأوروبي من إسطنبول.

تهدف الحكومة التركية من خلال إنشاء قناة إسطنبول، إلى التخفيف من حركة السفن في مضيق البوسفور، كما تسعى إلى التقليل من الأضرار التي تبعثها السفن الناقلة للمواد الخطيرة، فضلاً عن إزالة الأبنية العشوائية الواقعة على المسار.

ويُشارك في إنجاز مشروع القناة وزارة النقل والملاحة البحرية، وعدد كبير من المؤسسات، أبرزها وزارات البيئة، وشؤون الغابات والمياه، والأغذية والزراعة والثروة الحيوانية، والطاقة والموارد الطبيعية، إلى جانب بلدية إسطنبول، وإدارة الإسكان الجماعي "توكي"، التابعة لرئاسة الوزراء التركية.

كانت وزارة النقل قد استعانت خلال تعيين مسار القناة بعدد كبير من الخبراء الأتراك والدوليين، وفي النهاية وقع الخيار على مسار "كوتشوك تشكمجه -سازلي دره- قرية دوروسو" البالغ طوله 45 كيلومتراً، من بين 5 مسارات كانت مطروحة للمشروع.

تقول التقارير الرسمية التركية إن القناة ستدرُّ على تركيا نحو 8 مليارات دولار سنوياً، تسهم في تعويضها عن 10 مليارات دولار حُرمت منها بفعل تسعيرة المرور المخفضة عن السفن التي تعبر مضيق البوسفور، تبعاً لاتفاقية مونترو.

كما تشير البيانات إلى أن عائدات القناة الجديدة ستغطي خلال عامين فقط تكاليف المشروع، البالغة نحو 15 مليار دولار، وستحوِّل مضيق البوسفور التاريخي إلى خطٍّ ثانوي للتجارة البحرية.

تنبع القيمة الأهم للقناة من عدم خضوعها لاتفاقية مونترو، ما يسمح لتركيا بجباية 5.5 دولار عن كل طنٍّ من البضائع وحمولات السفن التي تعبرها يومياً.

تحميل المزيد