بصدقٍ هذه المرة.. لو لم أكن مصرياً

عربي بوست
تم النشر: 2021/04/04 الساعة 10:01 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/04/04 الساعة 10:02 بتوقيت غرينتش
موكب نقل المومياوات المصرية من المتحف المصري في التحرير إلى متحف الحضارة في الفسطاط/ مواقع التواصل

قبل ساعات من الحدث الأبرز في اليوم، وجدت صديقاً دوّن على موقع التواصل الاجتماعي تويتر كنوع من السخرية والمزاح: "يا عم اقعد موكب إيه اللي مستنيه وأنت فاكر الملك مينا مسيحي".

في واقع الأمر قبل ذلك بأسبوعين تحديداً كنت أنا وصديق آخر قد قتلنا بحثاً ذلك السر الغريب نسبة إلى عقولنا وراء سبب تسمية المسيحيين فقط لاسم مينا؛ رغم كونه اسماً مصرياً خالصاً قبل مجيء الديانتين من الأساس.

لِم لا نجد مثلاً الحاج مينا محمد عويس؟ وبعد طول بحث في واقع الأمر لم نجد تفسيراً منطقياً، ولكن قد أخبرني صديق مسيحي بأن سبب التسمية لا يعود إلى الملك مينا موحّد القطرين، وإنما يعود إلى اسم من الأسماء المقدسة.

على أي حال اتفقنا أو اختلفنا، أيدنا أو عارضنا، كنا شيوخاً أو قساوسة، فما شهدته ميادين القاهرة أمس كان شيئاً يدعو للفخر، كان شيئاً حقاً يدعو للفخر.

لوحة فنية رسمتها قلوب مصرية بأقلام الحب، إن لم يكن كله للحاضر، فعلى أقل تقدير حب للماضي العريق، الماضي الذي ننتمي جميعاً إليه في وجداننا، الماضي الذي نتمنى جميعاً العودة له.

لم أرَ جيلاً واحداً لا يتمنى العودة للجيل الذي قبله، أعتقد أن هؤلاء الفراعنة هم وحدهم الذين لم يتمنوا ذلك، هم أول من سطرت حروفهم القصة التي لم تنتهِ بعد.

أثناء المشاهدة، مرّت لقطات أمام عيني تمنيتها لو كانت الواقع المعتاد، تمنيت لو أن تلك الموسيقى هي وحدها التي نتذوقها، لو أن ذلك النظام هو سلوكنا الفطري، لو أن تلك الصورة المخرجة بعناية هي صور شوارعنا اليومية.

تمنيت رغم إيماني بأحقية الفن في الوجود مهما بلغ اختلافي معه، أن يختفي صخب المهرجانات المزعج، وأن تقل حدة أغاني الراب في التعبير عن الحماس الفارغ، تمنيت رغم تسليمي باستحالة ذلك في الوقت الراهن أن تظل الشوارع نظيفة هكذا، أن تبقى أنوار الاحتفال مضيئة هكذا، أن تكون سرعة العربات الناقلة للمومياوات هي سرعة حياتنا العادية، تمنيت أن نعود إلى أصولنا ليس أكثر، أن نعود إلى فطرتنا التي أحبت الجمال عندما رأته متاحاً.

ولكن رغم رغبتي، علمت أن هناك مَن لا يشاركني هذه الرغبة، علمت أن الفراعنة الأجداد ليسوا بحاجة إلى لعنة جديدة من أجل الانتقام لأننا فعلياً مصابون بلعنة نفوسنا، علمت ذلك تماماً عندما رأيت صورة "الزعامة" بالزي الفرعوني تحت مسمى "الملك عدول شكلبسوت"، علمت وقتها حقاً أن "مفيش فايدة".

ولكن رغم انعدام الأمل في أن يكون الواقع مثل ما رأيناه في الصور، فهذه المرة صدقاً.. لو لم أكن مصرياً لوددت أن أكون مصرياً.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

زياد حرحش
مدون مصري
مهندس ميكانيكا، وصانع محتوى
تحميل المزيد