تعرض الصين في دور السينما فيلماً موسيقياً يرسم مشهداً ريفياً ملحمياً من التماسك العرقي الخالي من القمع والرقابة الجماعية، ولا يشير إلى حقيقة أن غالبية سكان المنطقة التي تدور فيها أحداث الفيلم هم من المسلمين الإيغور.
الفيلم الجديد والمستوحى من الفيلم الهوليودي الناجح La La Land يأتي في ظل حملة علاقات عامة هجومية للصين بهدف إعادة رسم صورة المنطقة الشمالية الغربية، حيث تتعرض الأقليات المسلمة للاضطهاد والسجن والتعذيب، وذلك بحسب صحيفة The Guardian البريطانية السبت 3 أبريل/نيسان 2021.
تشير الصحيفة إلى أن الصين تحاول ترويج روايةٍ مختلفة تماماً عن المنطقة المنكوبة في ظل اجتذاب اتهامات السخرة والعمل القسري داخل صناعة القطن في سنجان لاهتمامٍ عالمي متجدد شمل العديد من العلامات التجارية الكبرى، مثل شركة Nike التي قالت إنّها لن تشتري المواد الخام من المنطقة بعد الآن.
أغانٍ ورقصات
وتتصدّر أغنية راب، ومعارض صور، وفيلم موسيقي بعنوان "أجنحة الأغنيات The Wings of Songs" عملية إعادة الصياغة الثقافية للمنطقة. بينما هبّت نخبةٌ من المشاهير للدفاع عن صناعة النسيج الملوثة في سنجان.
وتنكر بكين كافة مزاعم إساءة المعاملة، كما أعادت تقديم سنجان بدلاً من ذلك على اعتبارها ملاذاً للتماسك الاجتماعي والتجديد الاقتصادي الذي عكس مسار سنوات من التشدد العنيف بفضل تدخل الدولة الحميد.
ويركز الفيلم، الذي تأخر صدوره عاماً كاملاً حسب التقارير، على ثلاثة رجال من جماعات عرقية مختلفة يحلمون بالنجاح إبان جمعهم الإلهام الموسيقي من مختلف الثقافات وسط الجبال التي تغطيها الثلوج والمسطحات الصحراوية في المنطقة الشاسعة.
وفي أعقاب صدور الفيلم، نقلت صحيفة Global Times الصينية التي تديرها الدولة أنّ أفلاماً ناجحة في الخارج مثل La La Land قد ألهمت "شركات الإنتاج الصينية" لإنتاج أعمالها المحلية الناجحة.
لكن الفيلم لا يتحدث عن كاميرات المراقبة ونقاط التفتيش التي تغطي سنجان. كما غابت عن الفيلم بشكلٍ واضح أي إشارات إلى الإسلام -رغم أن أكثر من نصف سكان سنجان من المسلمين- ولم تظهر أي مساجد أو نساء محجبات.
وفي أحد المشاهد قدّمت شخصيةٌ رئيسية، لواحد من الإيغور المسلمين نخباً بكأس خمرة محرمة.
وتشير تقارير المؤسسات الحقوقية إلى احتجاز مليون على الأقل من الإيغور وغيرهم من الجماعات التي غالبيتها من المسلمين داخل معسكرات في سنجان، كما تُتهم السلطات أيضاً بتعقيم النساء قسرياً وفرض العمل القسري.
تغيير الرواية السائدة
وتهدف حملة العلاقات العامة الحالية إلى السيطرة على الرواية السائدة محلياً بشأن سنجان، وفقاً للاري أونغ من SinoInsider. وأضاف لاري: "بكين تعلم أنّ الكذبة التي تتردّد ألف مرة يمكن أن تتحول إلى حقيقة".
وبالنسبة للعديد من الصينيين، يبدو أنّ هذه الرسائل بدأت تحقق مرادها.
إذ قال أحد رواد السينما لوكالة فرانس-برس الفرنسية بعد مشاهدة الفيلم في بكين: "لقد ذهبت إلى سنجان والفيلم واقعي للغاية. الناس سعداء، وأحرار، ومنفتحون". لكنه رفض الإفصاح عن اسمه.
واتّخذت الحملة القائمة طابع الثقافة الشعبية، مع إصدار أغنية راب الأسبوع الجاري تنتقد "أكاذيب المستوطنين الغربيين" بشأن القطن في المنطقة، بينما من المقرر أن تعرض قناة CGTN الصينية الحكومية وثائقياً حول الاضطرابات التي أثارت حملة القمع في بكين.
ومن المستحيل في الواقع أنّ تصل إلى سنجان دون قيود، لأنّ وسائل الإعلام الأجنبية تتعرض لرقابةٍ لصيقة من السلطات أثناء الزيارات، وربما يتعرض المراسلون للتحرش بسبب تقاريرهم.
ففي الأسبوع الجاري سارع صحافي شبكة BBC البريطانية جون سودوورث لمغادرة الصين إلى تايوان، زاعماً تعرضه للـ"ترهيب" عقب تقريره عن الأوضاع في مزارع القطن داخل سنجان.