في أول زيارة لرئيس الوزراء العراقي إلى الرياض، أكّد مصطفى الكاظمي، الأربعاء 31 مارس/آذار 2021، أنّ بلاده لن تصبح نقطة انطلاق لأي هجوم على المملكة، في رسالة طمأنة للرياض وجهها الكاظمي أثناء تواجده بالمملكة.
رسالة من الكاظمي إلى السعودية
تصريحات الكاظمي جاءت في وقت تتزايد فيه هجمات الحوثيين على السعودية، حيث تحطّمت طائرات مسيّرة مفخّخة في القصر الملكي الرئيسي في الرياض، في هجوم نقلت وسائل إعلام أمريكية عن مسؤولين أمريكيين قولهم إنّ الطائرات التي شنّته أُطلقت من العراق المجاور، فيما لم يكشف المسؤولون السعوديون علناً عن أيّ تفاصيل حول الهجوم الذي أفادت التقارير بأنّه استهدف مجمّع اليمامة المترامي الأطراف.
هذه الأنباء أثارت القلق في بلد يتعرّض باستمرار لهجمات بصواريخ وطائرات مسيّرة مفخّخة يشنّها من اليمن المجاور الحوثيون المدعومون من إيران، والذين تقود ضدّهم الرياض منذ ستّ سنوات تحالفاً عسكرياً.
وتبنت جماعة "ألوية الوعد الصادق" الهجوم، وهي جماعة مسلّحة غير معروفة نسبياً في العراق، لكن خبراء أمنيين اعتبروا أنّها واجهة لفصائل أخرى أكثر رسوخاً في العراق تدعمها إيران.
وردّاً على سؤال بشأن تبنّي الهجوم، قال الكاظمي إنّ ما أعلنته الجماعة المسلّحة "غير صحيح"، مشدّداً على أنّ الهجوم لم يُشنّ من العراق.
وفي أعقاب اجتماع استمرّ، وفقاً لعدد من مساعدي رئيس الوزراء العراقي، ساعات عدّة مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، قال الكاظمي للصحفيين: "لن نسمح بأيّ اعتداء على المملكة"، وأضاف: "أمّا الحديث عن اعتداءات من العراق فلم تكن هناك أيّ اعتداءات"، معتبراً أنّ "هناك محاولات من البعض لتوجيه الاتّهامات لضرب العلاقات".
اتفاقيات مشتركة بين العراق وبغداد
وخلال زيارة الكاظمي للرياض، وقّعت السعودية والعراق عدة اتفاقيات في مجالات مختلفة، وبالإضافة إلى اتفاقيات في مجال الطاقة والطاقة المتجددة، اتفقت الرياض وبغداد على تأسيس صندوق مشترك يقدر رأس ماله بثلاثة مليارات دولار، بحسب بيان مشترك، أكد دفع المزيد من المشاريع الاقتصادية بين البلدين.
أضاف البيان أن الصندوق المشترك سوف "يعود بالنفع على الاقتصادين السعودي والعراقي، وبمشاركة القطاع الخاص من الجانبين".
كما أكد البيان ضرورة الاستمرار في التعاون وتنسيق المواقف في المجال البترولي، ضمن نطاق عمل منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) واتفاق (أوبك +)، مع الالتزام الكامل بمقتضيات الاتفاق، وآلية التعويض، وبجميع القرارات التي تم الاتفاق عليها، بما يضمن استقرار أسواق البترول العالمية، وفقاً لما نشرته وكالة الأنباء الفرنسية.
يُشار إلى أن العراق هو ثاني مصدّر للنفط في منظمة أوبك بعد السعودية.
من جهته، قال المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي إن مصطفى الكاظمي وولي العهد السعودي محمد بن سلمان ترأسا اجتماعاً موسعاً في الرياض، كما أجرى الطرفان مباحثات تناولت عدة ملفات سياسية واقتصادية وأمنية، من بينها تفعيل النقل البري التجاري بين البلدين.
أول زيارة للكاظمي إلى المملكة بدعوة سعودية
وجاءت زيارة الكاظمي بعد إعادة فتح معبر عرعر الحدودي للمرة الأولى بين البلدين رسمياً، في نوفمبر/تشرين الثاني، بعد إغلاقه عام 1990 عقب الغزو العراقي للكويت في ظل حكم صدام حسين، ولم يجر فتحه رسمياً باستثناء مواسم الحج، فيما قالت وكالة الأنباء السعودية إن الزيارة جاءت تلبية لدعوة من الملك سلمان بن عبدالعزيز.
وكتب الكاظمي على تويتر قبل بدء زيارته: "نتوجه اليوم إلى المملكة العربية السعودية الشقيقة في زيارة رسمية هدفها توطيد العلاقات المتميزة بين بلدينا الشقيقين، وإرساء آفاق التعاون الأخوي بين دول المنطقة".
وكان من المقرر أن يزور الكاظمي السعودية في أول رحلة خارجية رسمية له في تموز/يوليو الماضي، لكن الزيارة ألغيت في اللحظة الأخيرة حينذاك بعد خضوع الملك السعودي لجراحة.
وقام الكاظمي بزيارة طهران، العدو اللدود للرياض، حيث التقى المرشد الأعلى علي خامنئي.
والكاظمي المعروف بمحافظته على علاقات وثيقة مع ولي العهد السعودي يسير على حبل دبلوماسي مشدود في العلاقة مع طهران والرياض، إذ غالباً ما تجد بغداد نفسها عالقة في النزاع بينهما وبين حليفتها واشنطن أيضاً.
وتدفع حكومة الكاظمي، التي تعمل على تسريع وتيرة الاستثمارات الأجنبية بما في ذلك الدعم السعودي في مجالات الطاقة والزراعة، باتجاه تعميق العلاقات الاقتصادية مع الرياض.