تعرض للتوبيخ من الملك ومنع من السفر للإمارات.. لماذا أغلق المغرب الحدود بوجه أحد أبرز المقربين من القصر؟

عربي بوست
تم النشر: 2021/03/31 الساعة 19:12 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/04/01 الساعة 07:25 بتوقيت غرينتش
مصطفى الباكوري والملك محمد السادس (مواقع التواصل الاجتماعي)

وجد مصطفى الباكوري، الأمين العام الأسبق لحزب الأصالة والمعاصرة المغربي، وأحد المقربين من القصر، نفسه وسط زوبعة غير مسبوقة، بعدما منعته شرطة الحدود بمطار محمد الخامس الدولي في الدار البيضاء، الإثنين، 29 مارس/آذار 2021، من مغادرة المغرب نحو الإمارات العربية المتحدة.

 وبحسب المعلومات التي حصل عليها "عربي بوست" من مصادر مطلعة، فإن منع الباكوري الذي يرأس في نفس الوقت الوكالة المغربية للطاقة الشمسية منذ 2009 من مغادرة المغرب له علاقة بفتح بحث قضائي يتعلق باختلالات تشوب عمل الوكالة، والتي تعتبر المسؤولة رقم واحد عن تسيير قطاع الطاقات المتجددة في المغرب.

غضبة ملكية

 بحسب معطيات حصل عليها "عربي بوست" من مصادر مطلعة، فإن مصطفى الباكوري، الأمين العام الأسبق لحزب الأصالة والمعاصرة، تعرض للتوبيخ من طرف الملك محمد السادس خلال جلسة عمل عقدت يوم الخميس 23 أكتوبر/تشرين الأول 2020 خصصت لتتبع ملف استراتيجية الطاقات المتجددة.

ولم يترك الملك توبيخ الباكوري سراً، بل أشار بلاغ للديوان الملكي صدر حينها إلى أن "الملك سجل بعض التأخير الذي يعرفه هذا المشروع الواسع، ولفت الانتباه إلى ضرورة العمل على استكمال هذه الورش في الآجال المحددة، وفق أفضل الظروف، وذلك من خلال التحلي بالصرامة المطلوبة. وذلك من أجل تأمين 52% من احتياجات المملكة الكهربائية في 2030".

مصطفى الباكوري والملك محمد السادس (مواقع التواصل الاجتماعي)
مصطفى الباكوري والملك محمد السادس (مواقع التواصل الاجتماعي)

وبحسب مصادر "عربي بوست"، فإنه مباشرة بعد بلاغ الديوان الملكي فُتح تحقيق قضائي لم يعلن عنه، انتهى بإصدار قرار إغلاق الحدود في وجه الباكوري.

 كما أوردت جريدة الصباح المقربة من أجهزة الدولة في عددها الصادر اليوم الأربعاء 31 مارس/آذار 2021 أن سبب الغضبة الملكية يعود إلى سوء تسيير ورش الطاقة الشمسية، وهو ما نجم عنه تأخر في إنجاز مشاريع مبرمجة، وتماطل في أداء مستحقات شركات، مما أدى إلى إفلاس بعضها.

كما تحدثت الجريدة عن وجود خروقات في برامج أخرى تتعلق بمسالك طرق جهوية، يعتبر الباكوري مسؤولاً عنها بصفته رئيساً لجهة الدار البيضاء سطات.

من جهة أخرى، قال مصدر مطلع لـ"عربي بوست" إن "المشاريع التي يُشرف الباكوري على إدارتها عرفت تأخراً كبيراً مما جلب عليه غضب الملك محمد السادس".

 مصدر "عربي بوست" أشار إلى أن "تأخر مشروع "ميدلت 1″، الذي تبلغ طاقته الإجمالية 800 ميغاواط، والذي تعتبر الشركة الإماراتية "مصدر" واحدة من أهم الشركات التي تشرف على إنجازه، إلا أن ذلك لم يتم لحد الآن". 

من جهته، يؤكد إسماعيل حمودي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة فاس، لـ"عربي بوست" أن "هناك واقعتين، فيما يتعلق بقضية مصطفى الباكوري، أولاها تتعلق بالتأنيب الذي تضمنه البلاغ الصادر عن جلسة العمل، التي عقدها الملك حول مشاريع الطاقات المتجددة، والذي تحدث فيها عن تأخر المشاريع التي تُشرف عليها الوكالة في التنزيل والتنفيذ، وبالتالي تحميل المسؤولية المباشرة للباكوري"، مشيراً إلى أن "الحكومة لا تتحمل المسؤولية المباشرة لهذا المشروع، إلا فيما يتعلق بتهيئة الأرضية القانونية، وتوفير الاعتمادات المالية عبر وزارة الاقتصاد والمالية، أما الجانب الإجرائي، فإن الباكوري يتحمله مباشرة" .

أما المعطى الثاني، حسب المتحدث نفسه، فيتعلق بمنع الباكوري من السفر، وهو ما يعني أن هناك بحثاً قضائياً وتحريات حوله، إذ لا يمكن منع أحد من السفر دون تحريك مسطرة البحث القضائي.

وبحسب حمودي، فإن "تكوين صورة واضحة عن هذه القضية لازال في حاجة إلى مزيد من المعطيات التي  نجهلها لحد الآن بسبب الغموض الذي يلف الموضوع، وتضارب الإشاعات حوله، التي وصلت حد الربط بين الأزمة السياسية مع ألمانيا والتحقيق مع الباكوري".

من هو الباكوري؟

 يعتبر الباكوري واحداً من المقربين إلى القصر بفضل صداقته مع المستشار الملكي فؤاد علي الهمة، وظل يشتغل في الظل إلى حدود سنة 2008، حينها ظهر اسمه إلى جانب الموقعين على بيان حركة "كل الديمقراطيين" التي أسسها علي الهمة لمواجهة إسلاميي المغرب، هذه الحركة التي تحولت فيما بعد إلى حزب الأصالة والمعاصرة.

وشغل الباكوري منصب مدير عام لصندوق الإيداع والتدبير، ما بين أغسطس/آب 2001 ويونيو/حزيران 2009. كما شغل منصب مدير منتدب مكلف بالقطاع المالي في مؤسسة البنك المغربي للتجارة والصناعة ما بين 1998 و2001.

وعمل البكوري ما بين يناير/كانون الثاني 1995 وفبراير/تشرين الثاني 1998 مديراً للتمويل والاستغلال بالشركة الوطنية للتجهيز الجماعي، وهي شركة مختلطة تتولى إنجاز المشاريع الكبرى في مجال التعمير بمدينة الدار البيضاء. كما تولى مسؤولية إدارة المقاولات الكبرى بالبنك المغربي للتجارة والصناعة ما بين 1994 و1995.

كما تولى الباكوري مسؤولية الأمانة العامة لحزب الأصالة والمعاصرة في الفترة ما بين 2012 و2016 بعد إعلان فؤاد علي الهمة انتهاء علاقته بالحزب على إثر تعيينه مستشاراً للملك محمد السادس.

وظل حضور الباكوري السياسي باهتاً، إذ اتهم بكونه أداة في يد نائبه، إلياس العماري، المقرب جداً من فؤاد علي الهمة.

قضية مصطفى الباكوري

حاول "عربي بوست" الحصول على مزيد من المعطيات من أشخاص مقربين من مصطفى الباكوري داخل حزب الأصالة والمعاصرة، الذي أسسه فؤاد علي الهمة، المعروف بصداقته القوية للملك محمد السادس دون جدوى، إذ لم تتسرب أية معطيات جديدة باستثناء فتح بحث قضائي معه بشأن المشاريع التي يشرف على إدارتها.

وكشف أكثر من مصدر قيادي من المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة لـ"عربي بوست" أن "المكتب السياسي سيعقد اليوم اجتماعاً لمناقشة القضية، وقد يستمع لرواية الباكوري، إلا أنه استبعد الإعلان عن تفاصيل ذلك، احتراماً لسرية الأبحاث القضائية".

تحميل المزيد