خلص تقرير مقدَّم إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الجمعة 26 مارس/آذار 2021، إلى أن باريس تتحمل مسؤولية كبيرة عن الإبادة الجماعية في رواندا، وهو التقرير الذي أعدَّته لجنة وطنية فرنسية تم إعدادها من أجل التحقيق في دور فرنسا بالإبادة الجماعية في رواندا، وذلك وفق بيان لقصر الإليزيه عقب استقبال ماكرون رئيس هذه اللجنة الوطنية، فنسنت دوكلرت.
ذكر البيان، أن التقرير الصادر استند إلى وثائق من الأرشيف الفرنسي حول الإبادة الجماعية، كما أضاف أن فرنسا ستواصل جهودها لمعاقبة المسؤولين عن أي جريمة تمس حرية الإنسان وكرامته.
يحدث هذا، في الوقت الذي تعالت فيه العديد من الأصوات من مجموعة من البلدان المستعمرة سابقاً من فرنسا، والتي تطالب باريس بالكشف عن جرائمها في عهد الاستعمار، على غرار الجزائر.
فرنسا متورطة في الجريمة
فقد أشار التقرير إلى أن فرنسا متواطئة في جريمة قتل الروانديين، بما لا يجعل هناك مجالاً للشك.
وأكد أن الرئيس آنذاك فرانسوا ميتران (1981ـ1995)، لعب دوراً مُهماً في الإبادة الجماعية، عبر تزويد حكومة رواندا بالأسلحة.
في أبريل/نيسان 1994، وإثر سقوط طائرة الرئيس الرواندي آنذاك جوفينال هابياريمانا، الذي ينتمي إلى "الهوتو"، بدأت عمليات الإبادة بحق جماعة "التوتسي"، بعد مضي أقل من ساعة على حادثة سقوط الطائرة.
نصف مليون قتيل
ولعبت إذاعة "RTLM" الهوتية دوراً كبيراً في نشر الكراهية وتأجيج عمليات الإبادة، من خلال وصفها التوتسيين بـ"الصراصير"، ودعواتها إلى التخلص منهم وقتلهم.
وبلغ عدد الضحايا بحلول 12 مايو/أيار، نحو 200 ألف قتيل، ولكن رغم ذلك امتنعت الأمم المتحدة عن استخدام مصطلح "الإبادة الجماعية"، مستعيضة بالقول إنها "انتهاكات للقانون الدولي، من شأنها القضاء على جماعة عرقية بشكل جزئي أو كامل".
فيما اتخذ مجلس الأمن، بتاريخ 17 مايو، قراراً يقضي بحظر إرسال الأسلحة إلى رواندا، وفي الـ31 من الشهر نفسه، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أن أعداد الضحايا تتراوح بين 250 و500 ألف قتيل مدني.
سنتان من التحقيق
قبل عامين، تعهد الرئيس الفرنسي بتسليط ضوءٍ غير مسبوق على دور فرنسا الغامض في الإبادة الجماعية برواندا، من خلال رفع كافة القيود عن وثائق أرشيف الدولة بعد 25 عاماً من بدء المذبحة، بحسب ما ذكرته صحيفة The Telegraph البريطانية.
جاءت بادرة ماكرون، التي تعود ليوم الجمعة 5 أبريل/نيسان 2019، بعد ربع قرن من العلاقات المتوترة على خلفية الموقف الفرنسي قبل وأثناء الإبادة الجماعية التي وقعت عام 1994، التي أسفرت عن مقتل 800 ألف شخص من عرقيّتي التوتسي والهوتو المعتدلين، ضُرِب الكثيرون منهم بالمناجل حتى الموت.
واتهمت رواندا فرنسا بدعم قوات الهوتو العِرقية، التي وقفت خلف معظم عمليات القتل، واتهمتها كذلك بتسهيل هروب بعض الجناة، لكنَّ باريس رفضت تلك الادعاءات طويلاً.
وقالت الرئاسة الفرنسية حينها إنَّ لجنة مُؤلَّفة من 8 مؤرخين وباحثين "ستُكلَّف بمراجعة كل وثائق الأرشيف الفرنسي المرتبطة بالإبادة الجماعية… بهدف تحليل دور ومشاركة فرنسا في تلك الفترة".
كما تمكن الفريق من الوصول إلى وثائق سرية من وزارتي الدفاع والخارجية، وكذلك من المديرية العامة للأمن الخارجي، التي تُمثِّل جهاز الاستخبارات الخارجي الفرنسي، إلى جانب أرشيف الرئيس الفرنسي في تلك الفترة فرانسوا ميتران، بحسب بعض التقارير.