تحدثت صحيفة The Wall Street Journal الأمريكية، الجمعة 26 مارس/آذار 2021، عن كواليس جنوح السفينة العملاقة "إيفر غيفن" في قناة السويس بمصر، والتي تسببت في تعطّل حركة الملاحة لليوم الرابع على التوالي، مؤثرة بذلك على حركات الكثير من السفن بالعالم.
يوم حدوث أزمة قناة السويس
تقول الصحيفة إنه في يوم الثلاثاء 23 مارس/آذار 2021، كانت الشمس قد أشرقت مع دخول أكبر سفينة حاويات في العالم إلى قناة السويس، وهي تشق طريقها إلى البحر المتوسط، لكن عاصفة ترابية في الليل أعاقت رؤية سفينة "إيفر غيفن"، وجرفت السفينة التي يعادل طولها 4 ملاعب كرة قدم عن مسارها.
حدّق قبطان خارج نوافذ الجسر، موجهاً السفينة عبر المضيق الحيوي للشحن الدولي، ووقف بجانبه مرشدان مصريان، مسؤولان عن مرافقة جميع السفن الكبرى في الرحلة التي تستغرق نصف يوم، ثم جاءت هبة رياح ودفعت شحنة السفينة التي تحوي 17 ألف حاوية إلى مسار غير مرغوب.
نقلت الصحيفة عن شخصين سمعا المحادثة على الجسر، قولهما، إن القبطان صاح "أبقِها ثابتة"، وبعدها بدقائق اصطدمت مقدمة السفينة بالجدار الشرقي للقناة، ما عرَّضها لهزة قوية، وعرقل الملاحة عبر قناة السويس، التي تمثل واحدة من أهم حلقات سلسلة التوريد العالمية.
وقال ضابط على الجسر: "نحن عالقون بشدة"، حسبما نقل المصدران اللذان سمعا المحادثات.
رفضت شركة تشغيل السفينة التايوانية Evergreen Group الكشف عن هوية القبطان أو الضباط الآخرين على متن السفينة أو إتاحتهم للتعليق، وقالت الصحيفة إنه لم يتسنَّ تحديد ما إذا كان القبطان أو أحد المرشدين المصريين هم من كانوا يُسيرون السفينة وقت الحادث.
بدورهم، أشار بعض المسؤولين المشاركين في التحقيق بحادثة جنوح السفينة، إلا أن الأخيرة كانت مُسرِعَة أو مُحمَّلة فوق طاقتها، بناءً على الطريقة التي عَلِقَت بها في القناة.
لكن قال أشخاص مقربون من الشركة مُشغِّلة السفينة، إنَّ المرور في القناة مزدحم للغاية، لدرجة أن الإبحار بسرعة كبيرة أمر مستحيل.
وحتى صباح السبت 27 مارس/آذار 2021، لم يدلِ الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بأي تعليق علني عن انسداد القناة، لكنه يتلقى تحديثات منتظمة عن الأمور، وفقاً لمسؤولين مصريين.
الصحيفة نقلت عن المسؤولين القول إن النتائج الأولية لتحقيق منفصل أمر به السيسي أشارت إلى أنَّ هيئة القناة انتظرت ساعات قبل إغلاق الممر المائي؛ ما أدى إلى تفاقم الأزمة من خلال عرقلة الخيارات أمام بعض السفن لتجنب القناة.
تحقيقات بالحادثة وتحذيرات
من جانبهم، يحقق خبراء ومهندسو ملاحة بهيئة قناة السويس، الجهة المُشغِّلة للمجرى المائي، في الحادث، وينضم إليهم مالك السفينة، شركة Shoei Kisen Kaisha اليابانية، ويسافر خبراء تسوية المطالبات لشركات التأمين الدولية إلى هناك لفحص الموقع.
يُحذِّر خبراء الشحن من أنَّ الأمر قد يستغرق أياماً، إن لم يكن أسابيع، قبل أن تعود حركة الملاحة إلى طبيعتها.
الأشخاص المشاركون في التحقيق، الذي لا يزال في مراحله الأولية، قالوا إنه يرتكز على عاصفة رملية وهبة رياح لمدة دقيقتين تقريباً، التي يُحتمَل أن تكون قد أدت إلى انحراف السفينة عن مسارها بقوة.
بالتزامن مع ذلك، يخضع سلوك قبطان السفينة وسلطة القناة للتدقيق، بحثاً عن أية أخطاء قد تكون ارتُكِبَت من جانبهما، وكذلك احتمال حدوث عطل ميكانيكي، وفقاً لهؤلاء الأشخاص.
يقول فوتيس باغولاتوس، مهندس بحري في أثينا، كان جزءاً من عمليات إنقاذ سفن عالقة أخرى، "إنَّ اندلاع رياح قوية في مساحة مائية محصورة يمكن أن يسبب اضطراب سفينة. يشبه الأمر أن تكون في مبنى شاهق تضربه تيارات هوائية قوية".
أضاف باغولاتوس أنه "يمكنك الشعور بالاهتزازات، لكن الفارق أنَّ السفينة غير منغرسة في الأرض بالخرسانة والحديد، فهي تطفو، ويمكن أن تهتز لدرجة فقدان السيطرة عليها".
على إثر استمرار تعطّل حركة الملاحة في قناة السويس ارتفعت أسعار النفط بأكثر من 4%، أمس الجمعة، جراء مخاوف من أن يستغرق تعويم السفينة العملاقة أسابيع، ما قد يفرض ضغوطاً على إمدادات الخام والمنتجات المكررة.
يُشار إلى أن مصر تلقت عروضاً للمساعدة في أزمة القناة، وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن إن إدارته تدرس ما يمكنها تقديمه للمساعدة، بعد أن جنحت السفينة إيفر غيفن، التي يبلغ طولها 400 متر، ولم يصدر حتى صباح السبت أي تعليق مصري على العرض الأمريكي.