نقلت وكالة رويترز، الخميس 25 مارس/آذار 2021، عن مصادر بقطاع الشحن، قولها إنَّ توقف حركة المرور بقناة السويس يؤدي إلى تفاقم مشكلات خطوط النقل البحري التي تواجه بالفعل اضطراباً وتأخيرات في توريد السلع للمستهلكين، بخلاف هبوط أسعار النفط ثلاثة دولارات للبرميل حتى الآن.
حيث تعاني شركات شحن الحاويات، التي تنقل شتى بضائع متاجر التجزئة من الهواتف المحمولة والملابس إلى الموز، منذ شهور بسبب جائحة فيروس كورونا وزيادة الطلب، مما زاد نقاط الاختناق بقطاع الخدمات اللوجيستية في أنحاء العالم.
المصادر، التي رفضت الإفصاح عن هويتها، أكدت أن أكثر من 30 سفينة حاويات تعجز عن الإبحار بعد جنوح السفينة "إيفرغيفن"، البالغ طولها 400 متر، في قناة السويس، لتتوقف حركة العبور، في ظل فشل محاولات لتعويم السفينة حتى الآن.
ضغوط على سلاسل الإمداد
من جانبها، قالت جوانا كونينجز، كبيرة الاقتصاديين بشركة آي.إن.جي العالمية: "في الوقت الذي تتعرض فيه سلاسل الإمداد لضغوط، تغلق سفينة حاويات ضخمة واحداً من المسارات الرئيسية للتجارة العالمية. مع عكوف هيئة قناة السويس على تحرير القناة، يزداد التكدس، ومدخلات الإنتاج العالقة ستؤثر على سلاسل الإمداد".
فيما قالت شركة إم.إس.سي السويسرية، ثاني أكبر شركة لشحن الحاويات في العالم، إن جميع سفن الحاويات الرئيسية تأثرت بالتوقف في قناة السويس، مضيفة: "كمستخدم منتظم للقناة، نحن نتابع الموقف عن كثب؛ لمعرفة التطورات في حالة الحاجة إلى أي خطط طوارئ للأسطول أو شبكة الخدمات، ولمعرفة مدى تأثر دورة الحاويات في سوق تواجه صعوبات"، داعيةً زبائنها الذين ينتظرون شحنات عبر القناة في الأيام المقبلة، إلى الاستعداد لتغييرات محتملة في الخطط.
كما قالت مصادر تجارية وبقطاع الشحن، إن التأثير على نقل البضائع من المصنعين في آسيا إلى المشترين بأوروبا قد يزيد، وذلك اعتماداً على مدى استمرار التأخيرات في قناة السويس.
بدوره، أكد ليون ويلمز المتحدث باسم ميناء روتردام، أكبر منافذ أوروبا، أن الطلب على الخدمات اللوجيستية كان يفوق القدرة بالفعل من قبل واقعة قناة السويس، لافتاً إلى أن "جميع موانئ غرب أوروبا ستتأثر. مضت الآن 48 ساعة، ونأمل من أجل جميع الشركات والمستهلكين انتهاء ذلك قريباً".
اكتظاظ أمريكي
في السياق ذاته، أشارت مصادر بقطاع الشحن إلى أن أي تأخيرات عالمية أخرى ستتسبب في مزيد من الضغوط على الموانئ الأمريكية التي تعاني بالفعل تأخراً في مناولة أكثر من 90 سفينة.
إذ أفادت بيانات من وكالة ستاندرد آند بورز غلوبال بلاتس كونتينرز، في الأسابيع الأخيرة، بأن تكلفة شحن البضائع من آسيا إلى الساحل الشرقي الأمريكي ارتفعت إلى أكثر من خمسة آلاف دولار لكل وحدة مكافئة طول 40 قدماً، مقارنة مع ألفين و775 دولاراً في مارس/آذار من العام الماضي. وارتفعت أيضاً أسعار الشحن إلى الساحل الغربي.
هبوط أسعار النفط
إلى ذلك، فقدت أسعار النفط ثلاثة دولارات للبرميل، الخميس 25 مارس/آذار الجاري، بفعل المخاوف حيال الطلب بفعل قيود جديدة لاحتواء الجائحة في أوروبا، مما طغى على بواعث القلق إزاء المعروض، والتي رفعت الأسعار قبل يوم عندما سدت سفينة حاويات مجرى قناة السويس.
فبحلول الساعة الـ15.20 بتوقيت غرينتش، كان خام برنت منخفضاً 2.79 دولار بما يعادل 4.3% إلى 61.62 دولار للبرميل. ونزل الخام الأمريكي غرب تكساس الوسيط 3.20 دولار أو 5.2%، ليسجل 57.98 دولار للبرميل.
كان خاما القياس، الأمريكي وبرنت، قفزا نحو 6%، الأربعاء 24 مارس/آذار، بعد جنوح السفينة في قناة السويس، أحد أهم خطوط الشحن البحري للنفط.
يذكر أن أثر توقف القناة على أسعار النفط محدود، لأن معظم الناقلات وجهتها أوروبا، حيث الطلب ضعيف حالياً، بسبب جولة الإغلاقات الجديدة.
خط سوميد المصري يخاطب متداولي النفط
في السياق ذاته، أبلغت ثلاثة مصادر تجارية وكالة رويترز، الخميس، أن مشغل خط الأنابيب المصري "سوميد" خاطب متداولي النفط لمعرفة ما إذا كانوا يرغبون في استخدام الخط لنقل الخام، في ظل توقف قناة السويس، بسبب أزمة سفينة الحاويات الجانحة.
يشار إلى أن السفينة (إيفرغيفن) تسد حركة المرور في كلا الاتجاهين عبر إحدى أكثر القنوات ازدحاماً في العالم لشحن النفط والحبوب وغيرها بين آسيا وأوروبا، وسط تخوفات من تأثر سلاسل الإمدادات.
فقد اضطر المتعاملون إلى استبدال بعض الناقلات الفارغة، التي كان من المقرر أن تتجه شمالاً عبر القناة لتحميل النفط من منطقة البحر المتوسط. ويراهن كثيرون على أن الوضع سيُحل خلال الأيام القليلة المقبلة.
فيما قال مصدر بقطاع الشحن، اشترط عدم ذكر اسمه: "قد ترفع إعادة التوجيه حول إفريقيا تكلفة الشحن نحو 400 ألف دولار، فضلاً عن زيادة زمن الرحلة أسبوعين أو ثلاثة، وهو ما يجب أخذه في الحسبان أيضاً"، مضيفاً: "في الوقت الحالي، لا يتكلف المستأجرون أي أموال. الإغلاق سيؤثر على زمن التوصيل، لكن ليست هناك غرامات تأخير، لأنه ليست هناك بنود تتعلق بإغلاق قناة السويس".
يذكر أن خط الأنابيب "سوميد" يربط البحرين الأحمر والمتوسط، وتزيد سعته على 2.5 مليون برميل يومياً. وقالت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، إنه شهد تدفق نحو 1.3 مليون برميل يومياً في العام 2018.
جدير بالذكر أن الهيئة المصرية العامة للبترول تملك حصة أغلبية في خط الأنابيب، وتحوز شركة أرامكو السعودية، ومؤسسة البترول الكويتية، وقطر للبترول، حصصاً أقل.
الوضع صعب للغاية
في وقت سابق من الخميس 25 مارس/آذار 2021، أقرّت الشركة اليابانية المالكة للسفينة الجانحة في قناة السويس بأن "الوضع صعب للغاية"، مشدّدة على أن عمليات تعويم السفينة مرة أخرى وإعادتها إلى مسارها الطبيعي، تواجه صعوبات.
إذ قدمت شركة "شوي كيسن كايشا"، في بيان، اعتذارها عما سمته "إحداث قدر كبير من القلق للسفن المقرر إبحارها، وكافة الأطراف ذات الصلة، بسبب حادثة هذه السفينة"، مشيرة إلى أن هناك جهوداً لاتزال تُبذل "لخلع الشعاب المرجانية وإبعاد مقدمة السفينة عن ضفة القناة، بالتعاون مع السلطات المحلية".
كانت هيئة قناة السويس (حكومية) قد أعلنت، ظهر الخميس، تعليق حركة الملاحة في الممر المائي إلى حين نجاح محاولات تعويم السفينة، الجانحة منذ صباح الثلاثاء.
الحفر حول السفينة الجانحة
كما قالت هيئة قناة السويس إنها درست، خلال اجتماع مع فريق إنقاذ هولندي، خيار الحفر حول السفينة الجانحة، كأحد سبل تعويم السفينة، بما في ذلك إمكانية القيام بأعمال التكريك بمحيط السفينة من خلال كراكات الهيئة.
يشار إلى أن السفينة تحمل على متنها 224 ألف طن من حاويات البضائع، قادمة من الصين باتجاه روتردام الهولندية؛ ويبلغ طولها 400 متر وعرضها 59 متراً.
جاء ذلك بعدما انحرفت السفينة صباح الثلاثاء عن مسارها، وجنحت على ضفتي الممر المائي في قناة السويس، بسبب انعدام الرؤية الأفقية، لسوء الأحوال الجوية التي تشهدها مصر منذ يوم الإثنين الماضي.
جدير بالذكر أنه عبرت القناة خلال العام الماضي، 18 ألفاً و928 سفينة بإجمالي حمولات صافية 1.17 مليار طن، "ثاني أعلى حمولة صافية في تاريخ القناة"، بحسب بيانات سابقة لهيئة قناة السويس.