أبلغت الهند عن اكتشاف مُتغَيِّر جديد لفيروس كورونا المستجد، وصفه بعض المسؤولين بأنه "طفرة مزدوجة"، في أكثر من 200 عينة في ولاية ماهاراشترا الغربية، الأكثر تضرراً بالوباء، في الوقت الذي تعاني فيه من أعلى حصيلة يومية من الإصابات الجديدة والوفيات في هذا العام، وفقاً لما نشرته صحيفة The Guardian البريطانية.
"طفرة مزدوجة" لكورونا
مسؤولو الصحة قالوا إنَّ المُتغَيّر الجديد لم يُكتشَف بأعداد كبيرة بما يكفي لربطه بالزيادة في الإصابات التي تشهدها ولاية ماهاراشترا وولايات أخرى، بما في ذلك كيرالا والبنجاب، فيما أوضح علماء الأوبئة أنَّ مصطلح "طفرة مزدوجة" يشير إلى مُتغيِّر جديد يجمع خصائص مُتغَيرَين سبق التعرف عليهما.
رامانان لاكشمينارايان، مؤسس منظمة أبحاث Center for Disease Dynamics, Economics and Policy في نيودلهي، قال: "الطفرة المزدوجة ليست مصطلحاً علمياً، بل هي مجرد تَحوُّر آخر يبدو فريداً من نوعه في الهند"، وأضاف لاكشمينارايان: "هل هناك سبب يدعو للقلق بشأن هذا المُتغَيِّر بعينه؟ ليس بعد؛ لأنه ليس لدينا دليل على أنَّ هذه المُتغَيِّرات أكثر قابلية للانتقال أو أشد فتكاً مما لدينا بالفعل".
من جانبه، قال سوجيت كومار سينغ، مدير المركز الوطني لمكافحة الأمراض في الهند، في مؤتمر صحفي، إنَّ نحو 20% من العينات التي احتوت على المُتغير الجديد في ولاية ماهاراشترا عُثر عليها في مدينة ناجبور، وهي مركز تجاري ولوجستي رئيسي، ولفت سينغ إلى أنَّ المُتغير يتطور، مشيراً إلى العثور على 9 عينات من هذا القبيل أيضاً في نيودلهي، التي شهدت ارتفاعاً مطرداً في الإصابات خلال الأسابيع القليلة الماضية.
وقال مسؤولو الصحة إنَّ اللقاحين المعتمدين في الهند -أحدهما طورته شركة أسترازينيكا وجامعة أكسفورد، والآخر لقاح محلي من شركة Bharat Biotech- فعالان ضد مُتغيرات الفيروس التي رُصِدَت لأول مرة في بريطانيا والبرازيل.
ويوم الأربعاء 24 مارس/آذار، أبلغت الهند عن 47262 إصابة جديدة خلال الساعات الـ24 السابقة، وهو أعلى مستوى منذ أوائل نوفمبر/تشرين الثاني؛ ما رفع إجمالي عدد الإصابات إلى 11.7 مليون حالة. وتأتي الهند بذلك في المرتبة الثالثة، بعد الولايات المتحدة والبرازيل، من حيث هذه الحصيلة.
كما أظهرت بيانات حكومية أنَّ عدد الوفيات خلال الساعات الـ24 الأخيرة ارتفع إلى 275 وفاة، وهو أكبر عدد تسجله هذا العام، ليرتفع العدد الإجمالي إلى 160441 شخصاً.
الهند ليست الوحيدة
والشهر الماضي اكتشف علماء أمريكيون عدداً من السلالات الجديدة التي نشأت في الولايات المتحدة، في وقت يراقب فيه العالم بقلق السلالتين الجديدتين اللتين نشأتا في المملكة المتحدة وجنوب إفريقيا، وما يثير قدراً أكبر من القلق أن العديد من هذه السلالات على ما يبدو تتطور في الاتجاه نفسه، ويحتمل أنها تزيد من خطر انتشار العدوى.
صحيفة The New York Times الأمريكية قالت نقلاً عن دراسة نُشرت يوم الأحد 14 فبراير/شباط، إن فريقاً من الباحثين سجلوا اكتشافهم 7 سلالات متنامية لفيروس كورونا المستجد، رُصدت في ولايات على مستوى البلاد. وطورت جميع هذه السلالات طفرة في الحرف الجيني نفسه.
فيما قال جيريمي كاميل، عالم الفيروسات في مركز شريفبورت للعلوم الصحية بجامعة ولاية لويزيانا، وأحد القائمين على الدراسة الجديدة: "من الواضح أن ثمة أمراً ما يحيط بهذه الطفرة"، كما أنه ليس واضحاً إن كانت تجعل هذه السلالات أشد عدوى أم لا، ولكن العلماء يشكون في ذلك، لأن هذه الطفرة ظهرت في الجين الذي يؤثر على كيفية دخول الفيروس إلى الخلايا البشرية.
الدكتور كاميل أدرك بعد فحصه هذه الفيروسات المتحورة أنها جميعاً تنتمي إلى الأصل نفسه. ويعود تاريخ أقدم فيروس في هذه السلالة إلى 1 ديسمبر/كانون الأول، وفي الأسابيع التي أعقبت هذا التاريخ أصبح هذا الفيروس أكثر شيوعاً.
ورفع الدكتور كاميل جينومات هذه الفيروسات إلى قاعدة بيانات على الإنترنت، يستعين بها العلماء على مستوى العالم. وفي صباح اليوم التالي، تلقى رسالة بريد إلكتروني من داريل دومان، الباحث في جامعة نيو مكسيكو، الذي اكتشف هو وزملاؤه لتوّهم السلالة نفسها في ولايتهم، وكان يحمل طفرة 677 نفسها. ويعود تاريخ العينات التي فحصوها إلى أكتوبر/تشرين الأول.
سلالات جديدة مجهولة المصدر
فيما تساءل العلماء إن كانت هذه السلالة التي اكتشفوها هي الوحيدة التي تحمل طفرة 677 وبعد فحص قاعدة البيانات، وجد الدكتور كاميل وزملاؤه ست سلالات أخرى، اكتسبت كل منها على حدة الطفرة نفسها.
وتصعب الإجابة حتى عن الأسئلة الأساسية عن انتشار هذه السلالات السبع؛ لأن الولايات المتحدة تتبع الجينومات من أقل من 1% من عينات فيروس كورونا الاختبارية. ووجد الباحثون عينات من هذه السلالات منتشرة في معظم أنحاء البلاد، لكنهم عاجزون عن تحديد موقع نشأة هذه الطفرات.
تقول إيما هود كروفت، عالمة الأوبئة بجامعة برن وأحد القائمين على الدراسة الجديدة: "من الصعب تحديد مصدر أي من هذه السلالات في الوقت الحالي"، ويصعب أيضاً تحديد إن كانت هذه الزيادة في السلالات الجديدة ترجع إلى أنها أشد عدوى. فربما ترجع زيادة انتشارها إلى السفر خلال موسم العطلات. أو ربما انتشرت في أماكن مثل الحانات أو المصانع التي يشتد بها خطر انتشار العدوى، لكن الشعور بالقلق لا يزال يراود العلماء لأن هذه الطفرة قد تؤثر على مدى سهولة وصول الفيروس إلى الخلايا البشرية.
ويتوقع العلماء أن تستمر فيروسات كورونا في تطوير تحورات تزيد من تفوقها، لا على الفيروسات الأخرى فحسب، وإنما على أنظمة مناعتنا كذلك. إلا أن فوغن كوبر، عالم الأحياء التطورية بجامعة بيتسبرغ والباحث المشارك في الدراسة الجديدة، قال إن التجارب المعملية وحدها لن تكون قادرة على الكشف عن حجم التهديد.
وقال إنه لفهم ما تفعله الطفرات فعلياً، سيتعين على العلماء تحليل عينات أكبر بكثير من فيروسات كورونا التي جمعت من أنحاء البلاد، لكن في الوقت الحالي لا يسعهم إلا فحص عدد ضئيل نسبياً من الجينومات التي جمعها عدد من مختبرات الولايات والجامعات، فيما يضيف الدكتور كوبر: "من السخيف أن بلدنا لا يبتكر استراتيجية على مستوى البلاد تُمكننا من إجراء الفحوصات".