يستعد تحالف "كاباياس"، المكون من أحزاب سياسية بمدينة سبتة، لتقديم مقترح قانون يهدف إلى الخروج من أزمة إغلاق المعابر بين المدينة الخاضعة للحكم الذاتي تحت السيادة الإسبانية والمغرب، ومن ثم القفز على الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعيشها الجارة الشمالية للمملكة.
ومن المنتظر أن تعرض الأحزاب السياسية مشروع القانون هذا على الحكومتين المحلية بالمدينة والمركزية بالعاصمة مدريد، تمهيداً لعرضه على حكومة الرباط، هذه الأخيرة التي قررت قبل أكثر من سنة، الإغلاق النهائي للمعابر البرية بينها وبين مدينتي سبتة ومليلية.
وتُمهد هذه الأحزاب السياسية اليسارية لإعلان تحالف مع القوى السياسية في مدينة مليلية، وذلك بغرض مخاطبة السلطات المغربية والإسبانية بصوت واحد، يضمن مصالح السكان الذين تأثروا من قرار المغرب الرامي إلى إغلاق المعابر.
قرار إغلاق المعابر تسبب في أزمة بالضفتين، فالآلاف من المغاربة الذين كانوا يشتغلون في التهريب من مدينتي سبتة ومليلية، وجدوا أنفسهم عرضة للبطالة، في الوقت الذي يعيش فيه تجار بالضفة الإسبانية ركوداً غير مسبوق لسلعهم.
للرباط أسبابها
لم تنحصر أسباب الأزمة بين المغرب وإسبانيا على الشق السياسي الذي تلا الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، بل الأزمة استبقت قرار ترامب بشهور، وذلك بعد إعلان المغرب، من طرفه فقط إغلاق المعابر وإنهاء مسلسل الود مع الجارة.
المغرب اعتبر أن سبب إغلاقه المعابر بينه وبين مدينتي سبتة ومليلية هو رغبة الرباط في الترويج لميناءين جديدين للاستيراد والتصدير بكل من طنجة وبني نصار يربطان إفريقيا ببقية العالم، وأيضاً الترويج لمطارات الشريف الإدريسي بالحسيمة، والعروي بالناظور، وابن بطوطة بطنجة.
أيضاً تُعبر الرباط عن عدم رضاها عن مشاركة بعض الأحزاب في التحالف الحكومي بإسبانيا، خاصةً حزب "بوديموس"، الذي يدعم بشكل علنيٍّ "البوليساريو"، والاحتجاجات في منطقة الريف، إضافة إلى ذلك يتهم المغربَ بانتهاك حقوق الإنسان.
إدواردو كاسترو، رئيس الحكومة المحلية لمدينة مليلية، اعتبر في تصريح للصحافة الإسبانية، أن الاقتصاد المحلي بهذه المدينة ذاتية الحكم يسير نحو الانهيار، بسبب عدم توصل الرباط ومدريد إلى اتفاق بخصوص الأنشطة التجارية على طرفي المعابر.
رحمة وعزو، أستاذة العلوم الدبلوماسية في جامعة مالقة، قالت في حديثها مع "عربي بوست"، إن "المغرب استفاد من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ومن علاقاته الجيدة مع الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا بشكل جزئي، لهذه الأسباب يماطل بطريقة غير مباشرة، في فتح حوار المعابر بينه وبين إسبانيا".
وأضافت المتحدثة، أن "عملية فتح المعابر البرية مع سبتة ومليلية لن تتم إلا بعد تشكيل الحكومة الجديدة على أقرب تقدير في منتصف عام 2021، بعد انتهاء الولاية الحكومية الحالية لحزب العدالة والتنمية بقيادة سعد الدين العثماني".
متى ستُفتح المعابر؟
في بيان إعلانه عن إعداد مشروع قانون، أعلن أيضاً التحالف اليساري الممثل في البرلمان المحلي لسبتة، والذي يقوده المحامي المغربي الأصل محمد علي، أنه يبحث عن جواب لسؤال كيف ستكون المعابر الجديدة إذا ما تم فتحها من طرف المغرب الذي يُغذي خطاب التشاؤم أمام إصراره على وقف التهريب نهائياً وإغلاق الجمارك التجارية.
أيضاً ترى الأحزاب اليسارية في مدينة سبتة، أن تصريح رئيس الحكومة المغربي سعد الدين العثماني، حول مدينتي سبتة ومليلية وقوله إن المدينتين مغربيتان واقتناعه بالأمر، سيعقّدان التفاوض بين المغرب وإسبانيا حول مسألة فتح المعابر التجارية بين المدينتين والمملكة.
ويرى تحالف "كاباياس"، أن "المعطيات الرائجة حالياً بخصوص مستقبل المعابر لا تعدو كونها مجرد شائعات، لكن المؤكد هو أن الطريقة التي ستتم بها إدارة المعابر بعد إعادة فتحها المتوقعة مباشرة بعد رفع القيود الصحية المتعلقة بوباء كورونا، "ستؤثر بشكل حاسم على المدينة بكاملها".
واعتبرت الأحزاب السياسية في بيانها، أن "مستقبل المعابر يعتمد على الاتفاق مع طرف ثالث له السيادة في اتخاذ قراراته وهو المغرب، كما أنه يقع ضمن اختصاصات الحكومة المركزية، لكن ذلك لا ينبغي أن يشكل عقبة أمام المدينة للدفاع عن مصالحها".
ومنذ سنة 2019، سنة إعلان المغرب إغلاق المعابر البرية مع مدينتي سبتة ومليلية وبالتالي توقيف عملية نقل السلع بين الضفتين، تسبب الأمر في وضع اقتصادي خانق، لذلك يقترح التفاوض أولاً مع مدينة مليلية التي تعيش وضعاّ مشابهاً، من أجل الوصول إلى توافق، قبل تقديم المقترحات إلى حكومة مدريد لوضعها كأساس للمفاوضات المنتظرة بخصوص الإدارة المشتركة للمعابر.
قمة مؤجلة
أجلت إسبانيا والمغرب، لأكثر من مرة، القمة التي كان من المنتظر أن تجمع بين المملكتين، آخر موعد كان محددا ً لها في فبراير/شباط 2021، لكن لحدود الساعة لم تُعقد هذه القمة.
مصادر دبلوماسية أكدت لـ"عربي بوست"، أن القمة المنتظرة بين المملكتين مؤجلة إلى وقت غير معلن، وليس بسبب كورونا كما سبق أن أُعلنَ، لكن بسبب عدة ملفات شائكة بين البلدين، أبرزها ملف معابر سبتة ومليلية المغلقة لأزيد من سنة، وأيضاً ملف الصحراء الذي عارضت فيه إسبانيا الاعتراف الأمريكي بمغربية الإقليم.
وأرجع المصدر ذاته سبب تأجيل القمة التي كان من المنتظر أن تُعقد منذ شهر، إلى تصريحات وزيرة الخارجية الإسبانية، أرانشا غونزاليس لايا، التي علقت على قرار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب؛ لكون "القضايا الدولية لا يمكن حلها من خلال مقاربة أحادية الجانب، ومن الضروري السعي إلى الحصول على إجماع من المجتمع الدولي".