أغلقت صناديق الاقتراع في إسرائيل، مساء الثلاثاء 23 مارس/آذار 2021، واتجهت الأنظار بعدها إلى نتائج استطلاعات الرأي للناخبين الإسرائيليين، التي أجرتها قنوات تلفزيونية لدى خروجهم من مراكز الاقتراع، حيث أشارت إلى أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أخفق في الحصول على أغلبية برلمانية قوية في الانتخابات، إلا أن اتفاقاً محتملاً مع سياسي يميني منافس قد يجعله الفائز في نهاية المطاف.
حملة نتنياهو الانتخابية التي سلطت الضوء على عملية التطعيم الإسرائيلية السريعة للوقاية من كوفيد-19 والتي لقيت إشادة واسعة لم تتمكن من تحطيم جمود سياسي قائم منذ عامين جرت خلالهما أربعة انتخابات.
نتائج استطلاع آراء الناخبين
بحسب عدة قنوات تلفزيونية إسرائيلية، فقد حصل حزب الليكود منفرداً، الذي يتزعمه نتنياهو، على ما بين 31 إلى 33 مقعداً (من أصل 120)، متقدماً على بقية الأحزاب.
أما معسكر اليمين، الذي يقوده نتنياهو (الليكود وأحزاب يمينية متطرفة) فحصل على ما بين 53 إلى 54 مقعداً، وهو ما يحول بينه وبين القدرة على تشكيل الحكومة، حيث يحتاج إلى تأييد 61 عضواً.
لكن في المقابل وباتفاق القنوات التلفزيونية، حصل المعسكر المناوئ لنتنياهو على 59 مقعداً.
ما الذي تعنيه نتائج الاستطلاع؟
أظهر استطلاع آراء الناخبين لدى الخروج من مراكز الاقتراع أن أداء تيار يسار الوسط في الانتخابات جاء أفضل من المتوقع بعد تسليط الأضواء على مزاعم الفساد التي تلاحق نتنياهو منذ فترة وكذلك اتهامه بسوء إدارة أزمة الجائحة.
لكن مثله مثل كتلة نتنياهو اليمينية التقليدية والأحزاب الدينية اليهودية، لم يتمكن ذلك التيار أيضاً من تحقيق أغلبية في البرلمان المؤلف من 120 عضواً، لأن هذا المعسكر، غير متجانس، ويضم أحزاباً وسطية ويسارية ويمينية وعربية، وهو ما يجعل اتفاقها على شخصية محددة لقيادة الحكومة، أمراً صعباً للغاية.
قد ينذر هذا الجمود بمحادثات مطولة لتشكيل ائتلاف أو حتى بإجراء انتخابات خامسة.
أما على وسائل التواصل الاجتماعي، فقد أعلن نتنياهو (71 عاماً) عن "فوز ضخم" لتيار اليمين وحزبه الليكود، لكن التوقعات المذاعة على القنوات التلفزيونية لم تؤكد هذا.
بدا أن مفتاح بقاء نتنياهو السياسي -وهو أطول زعماء إسرائيل مكوثاً في رئاسة الوزراء- يكمن في يد نفتالي بينيت، الذي كان وزيراً للدفاع في حكومة سابقة برئاسة نتنياهو وزعيم حزب (يامينا) القومي.
فيما لم يكشف بينيت، مساعد نتنياهو السابق الذي سعى لفترة طويلة لأن يحل محله، عن نواياه بعد إغلاق مراكز الاقتراع مباشرة.
إلا أن متحدثاً باسمه عنه القول: "لن أفعل إلا ما فيه مصلحة دولة إسرائيل".
كان بينيت قد قال إنه لن يعمل تحت مظلة الزعيم المرجح لتيار يسار الوسط يائير لابيد وزير المالية السابق البالغ من العمر 57 عاماً وزعيم حزب (هناك مستقبل). كما لم يقدم وعداً علنياً واضحاً خلال الحملة الانتخابية بتوحيد الصف مع نتنياهو، لتشكيل أغلبية أشارت استطلاعات آراء الناخبين بعد الإدلاء بالأصوات إلى أنها ستكون هزيلة.
نتنياهو يتروى قبل تحديد خطواته القادمة
بعد إعلان استطلاعات آراء الناخبين بعد الخروج من مراكز الاقتراع، قال بينيت إنه تلقى اتصالاً تليفونياً من نتنياهو وأبلغه "سننتظر النتائج النهائية" قبل تحديد خطواته القادمة.
وقال متحدث باسم نتنياهو إن رئيس الوزراء هاتف أيضاً حلفاء سياسيين من التيار المحافظ وحثهم على الانضمام إلى "حكومة يمينية قوية ومستقرة".
وسلط نتنياهو الضوء في حملته الانتخابية على برنامج أتاح بالفعل تطعيم ما يقرب من نصف الإسرائيليين بجرعتين من اللقاح الواقي من كوفيد-19.
لكن شعبيته تأثرت باتهامات بالفساد والاحتيال وخيانة الأمانة، وهي اتهامات نفاها في محاكمة لا تزال قائمة، كما أنها تضررت بمعاناة الإسرائيليين اقتصادياً خلال ثلاثة قرارات بالإغلاق والعزل على مستوى البلاد لاحتواء فيروس كورونا.
انتخابات خامسة خيار قائم
قال يوهانان بلسنر، رئيس معهد الديمقراطية الإسرائيلي، وهو مؤسسة بحثية غير حزبية، إن استطلاع الآراء عند مراكز الاقتراع يظهر أن البلاد لا تزال منقسمة وأن إجراء انتخابات خامسة لا يزال خياراً قائماً.
وأضاف: "وفي الوقت ذاته، إذا انضم بينيت إلى ائتلافه، فسيكون نتنياهو أقرب من أي وقت مضى لتشكيل حكومة أغلبية ضئيلة تشمل أكثر عناصر المجتمع الإسرائيلي تطرفاً".
يذكر أن نتنياهو هو الشخصية السياسية الأبرز في جيله، وهو يتولى السلطة على نحو متصل منذ عام 2009. لكن الناخبين الإسرائيليين منقسمون حوله بشدة، إذ يطلق عليه مؤيدوه (الملك بيبي) في حين يلقبه معارضوه بـ(مجرم الوزراء) وليس (رئيس الوزراء).
كما أتاحت حملة التطعيم السريعة في إسرائيل إعادة فتح معظم جوانب الاقتصاد قبل الانتخابات. وكان نتنياهو قد وعد الناخبين والمؤسسات بمزيد من المنح وملايين الجرعات الإضافية من اللقاح.