أردوغان يريد توسيع دائرة أصدقاء تركيا: نسعى لإنهاء حالة الخصومة خلال المرحلة المقبلة

عربي بوست
تم النشر: 2021/03/24 الساعة 15:53 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/03/24 الساعة 15:55 بتوقيت غرينتش
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان/رويترز

أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الأربعاء 24 مارس/ آذار 2021، عزم بلاده على تحويل المنطقة إلى ما اعتبرها "واحة سلام"، وذلك من خلال تصميم أنقرة على زيادة عدد أصدقائها وإنهاء حالات الخصومة في الفترة القادمة، وذلك في استعراض لأبرز ما حققته السياسة الخارجية للبلاد، منذ تولي حزب العدالة والتنمية السلطة قبل 19 عاماً، والتي رأى أنها نجحت في تعزيز وتنويع الأدوات التي تمتلكها تركيا في السياسة الخارجية.

تصريح أردوغان جاء في معرض حديثه عن علاقات تركيا الخارجية، خلال مشاركته في المؤتمر العام السابع لـ"حزب العدالة والتنمية" بصالة أنقرة الرياضية في العاصمة.

ريادة عالمية

في المناسبة نفسها، أوضح الرئيس التركي أن حزبه قام أيضاً بتنفيذ سياسات انفتاح تجاه مناطق عدة مثل إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، كما لفت إلى أن عدد البعثات التركية في الخارج ارتفع من 163، عام 2002، إلى 251 بعثة حالياً، مؤكداً أن تركيا ضمن 5 دول تمتلك أكبر شبكة للبعثات الأجنبية في العالم.

نتيجة لذلك، يعتقد أردوغان أن بلاده "ليست لدينا مشكلة لا يمكن حلها مع أي دولة تحترم المصالح الوطنية لبلدنا"، كما شدد على تصميمه على "زيادة عدد أصدقائنا وإنهاء حالات الخصومة في الفترة القادمة؛ لتحويل منطقتنا إلى واحة سلام".

مبادرات إنسانية 

تجسدت، حسب أردوغان، في "فتح تركيا حدودها وقلبها للمضطهدين السوريين في الوقت الذي تخلى فيه العالم كله عنهم".

إذ إن تركيا، حسب المتحدث نفسه، استخدمت جميع إمكاناتها لإحلال السلام والاستقرار في هذه المنطقة العريقة التي كانت مسرحاً للآلام والدماء على يد المنظمات الإرهابية بدءاً من "داعش" وحتى "بي كا كا-ي ب ك"، فضلاً عن الظلم الذي مارسه نظام الأسد.

كما بيّن الرئيس التركي أن العمليات العسكرية العابرة للحدود التي نفذتها تركيا، حالت دون مقتل ملايين الأبرياء على يد النظام السوري والمنظمات الإرهابية.

وأضاف: "قدمنا ​​دعماً مخلصاً وبنّاء للجهود المبذولة، بهدف ضمان الوحدة السياسية لسوريا وسلامة أراضيها"، وشدد قائلاً: "سنواصل جهودنا حتى تصبح سوريا بلداً يديره أبناؤها بمعنى الكلمة ونقف إلى جانب شعبها".

الملف الليبي

الذي لعبت فيه تركيا دوراً محورياً، اعتبر هذا الملف من بين أبرز انفتاحات تركيا في السياسة الخارجية، وذلك من خلال الاتفاق الذي أبرمته مع الحكومة الليبية الشرعية بشأن مناطق الصلاحية البحرية في المتوسط، عام 2019.

أضاف بهذا الخصوص أيضاً: "هذا الاتفاق ضَمن حقوق تركيا والشعب الليبي من الموارد الطبيعية في البحر الأبيض المتوسط، وأحبطنا المكائد التي حيكت بهدف إقصاء بلدنا وليبيا في المتوسط".

كما لفت إلى أن الدعم الذي قدمته تركيا للحكومة الشرعية في ليبيا، قطع الطريق أمام الأطراف خبيثة النوايا التي لديها أطماع في هذا البلد.

وأوضح أنه "بفضل الدعم الذي قدمته تركيا لليبيا، أصبح هذا البلد اليوم قادراً من جديد على التطلع إلى المستقبل بأمل وتنفيذ عمليات ديمقراطية، وسنواصل الوقوف بجانب الشعب الليبي في الفترة القادمة".

أذربيجان 

وبخصوص قضية إقليم "قره باغ"، قال أردوغان إن المجازر التي ارتكبها الاحتلال الأرميني خلال نحو 30 عاماً، أصابت تركيا وشقيقتها أذربيجان بألم عميق.

إذ أكد أن الدول التي تعهدت بحل الأزمة تحت مسمى "ثلاثي مينسك" (روسيا والولايات المتحدة وفرنسا)، لم تحقق أي شيء سوى تعقيد القضية أكثر فأكثر، طيلة 30 عاماً.

كما ذكر أن الجانب الأذربيجاني بذل طيلة تلك الفترة، الجهود لحل الأزمة عن طريق المفاوضات والاتفاق، لكن رغم ذلك واصلت أرمينيا هجماتها وتسببت بانسداد قنوات الحوار.

الرئيس التركي خلال زيارته إلى أذريبدجان/ الأناضول

الرئيس التركي شدد على أن الجيش الأرميني عندما عاود الهجوم، في الشهور الأخيرة من العام الماضي، وقفت تركيا مع أشقائها الأذربيجانيين بجميع إمكاناتها.

واستطرد: "بفضل الكفاح الملحمي الذي جرى بدعم تركيا وبطولة الجيش الأذربيجاني، انتهى -بحمد الله- ذاك الاحتلال القذر"، لافتاً إلى أن أنقرة ستواصل متابعة التطورات التي عززت الأخوة التركية-الأذربيجانية أكثر، حتى تنتهي بما يلائم الاتفاق الذي تم التوصل إليه.

يُذكر أن أرمينيا أُجبرت على توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار، في 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، إثر نصر حققته أذربيجان في عمليتها العسكرية التي انطلقت لتحرير إقليم "قره باغ"، في 27 سبتمبر/ أيلول من العام نفسه، بعد قرابة 3 عقود على احتلاله.

العالم أكبر من خمسة

بخصوص علاقة بلاده مع القوى الإقليمية، شدد الرئيس التركي على أن أنقرة ستواصل "صياغة علاقاتها مع جميع الدول بدءاً من الولايات المتحدة وحتى روسيا والاتحاد الأوروبي والعالم العربي بما يتماشى مع مصالح تركيا وتطلعات شعبنا".

وأردف: "على اعتبار أننا نتوسط القارات الثلاث الكبرى، فلا يمكننا أن نتجاهل الغرب ولا الشرق".

في الوقت الذي أقر فيه بأنه "ليس من السهل تطوير تعاون متوازن ومتسق وطويل الأمد في آن واحد مع الدول التي يوجد بينها تنافس وحتى توتر"، فإن الرئيس التركي يعتقد أن "تركيا تتمتع بالقوة والحكمة اللازمة لتحقيق ذلك بفضل موقعها الجغرافي ومصالحها الاقتصادية ورؤيتها الشاملة في السياسة الخارجية".

كما تطرق أيضاً إلى مقولته "العالم أكبر من خمسة" (الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن) التي يرددها في كل مناسبة.

وأكّد أن حالات عدم التوازن والظلم الحاصل في مراكز القيادة العالمية، خاصةً مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، تجلب معها الجمود وانعدام الأمن، موضحاً أن تركيا اقترحت إعداد إصلاح يشمل جميع هذه الآليات ووضعه قيد التنفيذ على وجه السرعة.

في حاجة لمعاهدة جديدة

إذ أكد أن نظام الأمن العالمي الجديد يجب أن يُبنى ليمثل القارات والمناطق والمعتقدات والمصالح المشتركة بدلاً من مصالح الأعضاء الـ5 دائمي العضوية في مجلس الأمن، وإلا فلن يكون من الممكن لهذا النظام أن يجد حلولاً للمشكلات ويقوم على أساس شرعي واسع.

كما لفت إلى أن تركيا تقاسمت إمكاناتها المتوافرة مع العالم، مجسدةً رسالة مولانا جلال الدين الرومي: "هناك أملٌ بعد اليأس، والكثيرُ من الشموس بعد الظلمة".

أردوغان أعرب في معرض حديثه، عن أمله في أن تصبح التطورات التي حصلت إبان وباء كورونا نقطة تحوُّل، للقضاء على نقاط الضعف العالمية.  

وزاد: "نعتقد أن النظام العالمي يحتاج معاهدة اجتماعية جديدة تكسب ثقة البشرية جمعاء، في ضوء الخبرات المكتسبة خلال فترة الوباء".

كما اعتبر الرئيس التركي أن حالات التنافس الجديدة والمدمرة، التي بدأت تظهر علاماتها في المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية، لن تفيد إلا في تحويل الضرر الذي يسببه الوباء إلى كوارث أشد خطورة.

وأردف: "تركيا بصفتها دولة تريد الثقة والاستقرار لنفسها وللعالم أجمع، مستعدة بكل قوتها لمرحلة ما بعد الوباء".

تحميل المزيد