اتّهمت منظمة العفو الدولية، الإثنين 22 مارس/آذار 2021، قوى الأمن اللبنانية بارتكاب انتهاكات بحق لاجئين سوريين، جرى اعتقالهم خلال السنوات الماضية بتهم "الإرهاب"، بينها اللجوء إلى "أساليب التعذيب المروّعة"، وحرمانهم من "المحاكمة العادلة".
تعذيب في السجون
تقرير المنظمة بعنوان "كم تمنّيت أن أموت" يوثق انتهاكات طالت 26 لاجئاً سورياً، بينهم أربعة أطفال، تم توقيفهم بين عامي 2014 و2021، ولا يزال ستّة منهم قيد الاعتقال، وفقاً لما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية.
تقول المنظمة إنّه "في كثير من الأحيان" جرى توقيف السوريين "بشكّل تعسّفي"، مضيفةً أن "اللاجئين أفادوا في جميع الحالات الستّ والعشرين – ما عدا حالة واحدة – بأنّهم تعرّضوا للتعذيب إما خلال الاستجواب أو في الحجز".
تضمّنت أساليب التعذيب "ضرباً بالعصي المعدنية، والكبلات الكهربائية، والأنابيب البلاستيكية"، كما تحدّث محتجزون عن "عمليات تعليقهم رأساً على عقب، أو إرغامهم على اتخاذ أوضاع جسدية مُجهدة لفترات مطوّلة من الوقت".
المنظّمة وجهت الاتهامات أيضاً بارتكاب الانتهاكات بشكل أساسي إلى مخابرات الجيش اللبناني، واعتبرت أن القوى الأمنية اللبنانية استخدمت بعض "أساليب التعذيب المروّعة نفسها المستخدمة في أسوأ السجون سمعةً في سوريا"، حيث يقبع عشرات آلاف المعتقلين.
كما أشارت المنظمة إلى أنّ اثنين من ضحايا التعذيب كانا في الـ15 والـ16 من العمر، ونقلت عن أربعة رجال قولهم، إنّهم "تعرّضوا لضرب مبّرح لدرجة أفقدتهم الوعي".
أحد المحتجزين قال إنّه "ضُرب على أعضائه التناسلية إلى أن أُغمي عليه"، ووثّقت المنظمة أيضاً "إساءة معاملة امرأتين تعرّضتا للتحرّش الجنسي والإساءات اللفظية في الحجز".
علاوة على ذلك، حُرم المحتجزون من "المحاكمة العادلة"، وفق المنظمة التي قالت إنه "في حالات عديدة، اعتمد القضاة اعتماداً شديداً على الاعترافات المنتزعة تحت وطأة التعذيب"، ووثقت المنظمة تسع حالات "عُدّ مجرّد التعبير عن المعارضة السياسية للنظام في سوريا دليلاً يبرّر الإدانات بتهم الإرهاب".
مطالب بالمساءلة
يشير تقرير المنظمة أيضاً إلى أن القوى الأمنية اللبنانية اعتقلت اللاجئين الـ26 بعد العام 2014، الذي شهد معارك بين الجيش اللبناني ومقاتلين من "جبهة النصرة" وتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، تسلّلوا من سوريا، وتحصّنوا في منطقة جبلية حدودية، وفي صيف العام 2017، خرج عناصر التنظيمين من لبنان إثر عمليات عسكرية واتفاق إجلاء.
ماري فورستيي، الباحثة المعنية بحقوق اللاجئين والمهاجرين في منظمة العفو الدولية، قالت إنه "لا ريب في أنّ أفراد الجماعات المسلّحة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان يجب أن يخضعوا للمساءلة على أفعالهم، لكنّ الانتهاك الصارخ من جانب السلطات اللبنانية (…) قد شكّل استهزاءً بالعدالة".
فورسيتي أضافت أنه "في كل مرحلة بدءاً من التوقيف، ومروراً بالاستجواب والحجز، وانتهاء بالمقاضاة في محاكمات جائرة، ضربت السلطات اللبنانية عرض الحائط تماماً بالقانون الدولي لحقوق الإنسان".
تأتي هذه الانتهاكات التي تحدث عنها اللاجئون السوريون، على الرغم من أن لبنان أقرّ في أيلول/سبتمبر 2017 قانون مناهضة التعذيب.
يُقدّر لبنان عدد اللاجئين السوريين المقيمين على أراضيه بحوالى 1,5 مليون لاجئ، نحو مليون منهم مسجّلون لدى مفوضية الأمم المتّحدة لشؤون اللاجئين.