في تلميح لاحتمالية القيام بعمل عسكري، طالب رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني، عبدالفتاح البرهان، الأحد 21 مارس/آذار 2021 إثيوبيا بالانسحاب الفوري من جميع الأراضي السودانية، مُشدّداً على أن بلاده جاهزة لأي احتمال، رداً على ما وصفه بالاحتلال الإثيوبي لمنطقة الفشقة، وذلك في تلميح إلى احتمالية قيامهم بعمل عسكري.
حيث قال البرهان، في لقاء مُغلق في منطقة أم درمان، ونشرته وسائل إعلام مختلفة: إن بلاده لن تتفاوض مع أديس أبابا بشأن ترسيم الحدود، ما لم تعترف بسودانية الأراضي في الفشقة، مُحمّلاً إثيوبيا عواقب وتداعيات ما يجري في الفشقة، لأنه سيكون له انعكاسات خطيرة على الأمن والاستقرار في المنطقة.
فيما شدّد على ضرورة قيام إثيوبيا بالكف فوراً عن "التعدي" على أراضي السودان، وأن تعدل إلى الحوار، وتحرص على إكمال إعادة تخطيط الحدود المُتفق عليها، ووضع العلامات الدالة عليها.
كما أضاف البرهان أن "إثيوبيا تحتل أراضي سودانية، بينما تقول للعالم العكس"، لافتاً إلى أن "القوات المسلحة السودانية ستظل الحامي الحقيقي للشعب وثورته وحامية للتغيير، لأنها حائط الصد الأول لحماية التغيير".
الجيش أحدث التغيير
فالقوات المسلحة، وفقاً لرئيس مجلس السيادة الانتقالي، هي التي "أحدثت التغيير بالبلاد، وقامت بحمايته، ونطمح أن نحافظ على وحدة السودان، وأن ينعم بالسلام، ويعيش شعبه الحياة الكريمة التي يستحقها، وسوف نعمل على ذلك مع القوى السياسية المدنية وشركاء السلام".
في سياق آخر، ذكر البرهان أن منطقة أم درمان العسكرية تُمثل العمود الفقري والإسناد الرئيسي للقوات المسلحة"، مثمناً الدور الكبير الذي تقوم به قوات أم درمان العسكرية ضمن منظومة القوات المسلحة، التي قال إنها "تقاسي مع الشعب السوداني، وتقاسمه في كل ما يمر به من تحديات أوجبتها مرحلة الانتقال".
"تنازلات وتضحيات"
حيث أكد أن المرحلة الانتقالية تمر بتحديات جسيمة استوجبت تقديم العديد من التنازلات والتضحيات، داعياً الجميع إلى الالتفاف حول الدولة السودانية للعبور بها لبر الأمان، مُجدداً العهد ببناء قوات مسلحة وطنية ملتزمة بمبادئ الدستور.
كان عضو مجلس السيادة الانتقالي بالسودان، الفريق أول شمس الدين الكباشي، قد اتهم إثيوبيا بأنها تمارس ما يشبه الاستيطان الإسرائيلي، مؤكداً أن القوات السودانية لن تتراجع عن شبر من الأراضي التي استعادتها بمنطقة الفشقة من الجانب الإثيوبي.
اتهامات بوجود "طرف خارجي ثالث"
يشار إلى أن الاتهامات بوجود "طرف خارجي ثالث" في النزاع الحدودي بين الخرطوم وأديس أبابا كانت قد فجّرت قبل أسابيع أزمة بين البلدين، حيث طالبت الخارجية السودانية، السبت 20 فبراير/شباط 2021، إثيوبيا، بالكف عما وصفته بـ"ادعاءات لا يسندها حق ولا حقائق"، مؤكدة أن اتهام بلادها بالعمالة لأطراف أخرى يُعدّ "إهانة بالغة، ولا تغتفر".
كانت الخارجية الإثيوبية قد قالت إن "الصراع الذي يروج له المكون العسكري في الحكومة السودانية لا يمكن أن يخدم إلا مصالح طرف ثالث على حساب الشعب السوداني".
ولأول مرة منذ بروز أزمة التوتر الحدودي بين البلدين، وجّهت إثيوبيا اتهامات صريحة للمكون العسكري في الحكومة السودانية، بتصعيد الصراع.
أضافت وزارة الخارجية السودانية أن مسألة الحدود السودانية الإثيوبية لا يمكنها أن تكون أساساً للعدوانية التي تتصرف بها إثيوبيا، إذ إن هذه الحدود قد خُطِّطت ووُضِعت عليها العلامات منذ العام 1903، بناءً على اتفاقية 1902 بين بريطانيا التي كانت تشارك فى حكم السودان وبين الإمبراطور منليك الثاني، والذي تم تخطيط الحدود بطلب وبتفويض موثق منه.
كان السودان قد استدعى سفيره في إثيوبيا، يوم الأربعاء 17 فبراير/شباط 2021، للتشاور بشأن التطورات الأخيرة في العلاقات بين البلدين.
منطقة "الفشقة" الحدودية
جدير بالذكر أن منطقة "الفشقة" الحدودية بين البلدين تشهد منذ أشهر، توترات واشتباكات بين الجيش السوداني وقوات إثيوبية.
فهي أرض خصبة يستوطنها مزارعون إثيوبيون، ويقول السودان إنها تقع على الجانب السوداني من الحدود التي تم ترسيمها أوائل القرن العشرين.
يذكر أن تلك التطورات أدت إلى تدخل الجيش السوداني نهاية العام الماضي، بهدف "السيطرة على كامل أراضيه"، وسط اتهامات ينفيها نظيره الإثيوبي بدعم عصابات تهاجم تلك الأراضي، ومفاوضات ترسيم لا تزال "متعثرة".
تجدر الإشارة إلى أن وزارة الخارجية الإثيوبية أعلنت، في بيان، قبل أيام "استعدادها لقبول وساطة من أجل تسوية النزاع الحدودي، بمجرد إخلاء الخرطوم جيشها من المنطقة التي احتلتها بالقوة".