دعا 14 عضواً في البرلمان البريطاني سلطات بلادهم إلى إعادة النظر في العلاقات مع البحرين بسبب تدهور سجلها الحقوقي، مطالبين بضرورة الضغط على الحكومة البحرينية من أجل إطلاق سراح السجناء السياسيين، وذلك تزامناً مع الذكرى العاشرة لاعتقالهم.
جاء ذلك في رسالة عاجلة بعثها النواب البريطانيون إلى وزير الخارجية دومينيك راب، يوم الأربعاء 17 مارس/آذار 2021.
حيث عبّرت الرسالة عن انتقاد 14 نائباً بريطانياً الحكومة لاستمرار دعم البحرين، رغم تصنيفها واحدة من "البلاد ذات الأولوية على صعيد حقوق الإنسان"، بالنسبة للمملكة المتحدة.
النواب الموقعون على الرسالة أكدوا أنه وبعد مرور عقد من الزمن لا زالت البحرين تمارس ما وصفوه بالقمع على المعارضة، بينما يستمر دعم الحكومة البريطانية لنظام البحرين، مشدّدين على ضرورة إيقاف "الدعم الأعمى لمنتهكي حقوق المجتمع المدني لمجرد التعبير عن الرأي، ومساعدة المنامة على استعادة الدولة المستقرة والإصلاحية بسجل حقوق إنسان جيد".
إيقاف الدعم الأعمى
من جهتها، قالت زارا سلطانة، النائبة عن حزب العمال البريطاني، التي كتبت الخطاب: "مع اقترابنا من الذكرى العاشرة لاعتقال النشطاء والقادة السياسيين في البحرين لمشاركتهم في الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية، نكتب نحن الموقعون أدناه لجذب الانتباه مرة أخرى إلى استمرار قمع الديمقراطية والمعارضة السياسية في البحرين".
سلطانة أضافت: "حان الوقت للانسحاب من الدعم الأعمى لهؤلاء الذين ينتهكون المجتمع المدني لمجرد التعبير عن الرأي"، مشيرة إلى أنها كتبت خطاباً مماثلاً وأرسلته إلى البحرين في الشهر الماضي.
النواب البريطانيون طالبوا بالإفراج الفوري وغير المشروط عن قادة المعارضة المعتقلين في البحرين، ومنهم: حسن مشيمع، وعبد الوهاب حسين، وعبد الهادي الخواجة، وعبدالجليل سنكيس، ومحمد حبيب المقداد، وعبدالجليل المقداد، وسعيد ميرزا النوري، والشيخ علي سلمان، والمتهمين بتهم التخابر مع دول أجنبية والتحريض على القتل وتخريب الممتلكات، حسب تلك الاتهامات.
كان جيرمي كوربين، زعيم حزب العمال البريطاني السابق، من بين الموقعين على هذا الخطاب، إضافة إلى النائبة ديان أبوت عن حزب العمال، وأيضاً زعيم حزب الديمقراطيون الليبراليون، إد دافي.
صفقات تجارية
يأتي ذلك في وقت سُلط فيه الضوء على وثائق مسربة توضح أن وزير الخارجية البريطاني ذكر أن المملكة المتحدة سوف تعقد صفقات تجارية مع بلادٍ، بغض النظر عما إذا كانت لديها سجلات سيئة على صعيد حقوق الإنسان.
إذ قال، في مكالمة هاتفية سُرب محتواها لوسائل الإعلام البريطانية، إنه كان يأمل أن تكون إقامة العلاقات التجارية مع مثل هذه البلاد، والحفاظ على هذه العلاقات، ذات "تأثير إيجابي" على سجلاتهم الحقوقية، مضيفاً: "لا نتخلص من علاقات كاملة لأن لدينا مشكلات. نخوض محادثة لأننا نريد تغيير السلوك".
موقع Middle East Eye البريطاني، الجمعة 19 مارس/آذار 2021، أوضح أنه منذ اندلاع ثورات الربيع العربي في عام 2011، التي شهدت خروج المحتجين في تظاهرات مؤيدة للديمقراطية في الدولة الخليجية، أطلق أمراء البحرين المنتمون إلى الطائفة السنية حملة قمعية شاملة ضد جماعات المعارضة ونشطاء حقوق الإنسان.
أوروبا تدين انتهاكات البحرين
يذكر أنه قبل أيام أعرب الاتحاد الأوروبي عن قلقه العميق إزاء ما وصفه بالتدهور المزري لأوضاع حقوق الإنسان في البحرين، لافتاً إلى استمرار العقوبات والاعتقالات التعسفية والملاحقة والمضايقة للمدافعين عن حقوق الإنسان.
فيما تبنى البرلمان الأوروبي، في 11 مارس/آذار 2021، مشروع قرار يدين الانتهاكات الحقوقية بالبحرين، بعد أن تم التصويت عليه بأغلبية ساحقة.
حيث أيد 633 نائباً من أصل 689 مشروع القرار الذي يدين زيادة استخدام عقوبة الإعدام، واستمرار استخدام التعذيب ضد المعتقلين، واضطهاد المدافعين عن حقوق الإنسان في البحرين.
كما طالب البرلمان الأوروبي البحرين بسرعة وقف تنفيذ أحكام الإعدام الوشيكة في حق 26 سجيناً، وندد بمواصلة استخدام التعذيب ضد المعتقلين، وباضطهاد المدافعين عن حقوق الإنسان، مؤكداً أن "الوضع الحقوقي في البلاد لايزال يتفاقم".
تصعيد القمع بالبحرين
يشار إلى أن منظمة "هيومن رايتس ووتش" قالت، في تقريرها العالمي 2021، إن السلطات البحرينية صعَّدت في 2020 قمعها للأنشطة على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، وحاكمت المنتقِدين بسبب التعبير السلمي، وأيّدت المحاكم أحكام إعدام بحق نشطاء المعارضة بعد محاكمات جائرة، وذلك رغم وعود أمراء البلاد بتفعيل إصلاحات حقيقية.
حيث أيّدت محكمة التمييز، وهي محكمة الملاذ الأخير في البحرين، عقوبة الإعدام بحق أربعة أشخاص على الأقل شاركوا في أنشطة المعارضة بعد محاكمات شابتها مزاعم التعذيب وانتهاكات الإجراءات القانونية الواجبة، حسب هيومن رايتس ووتش التي لفتت إلى أنه يوجد في البلاد 27 شخصاً على الأقل ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام، من بينهم 26 يواجهون خطر الإعدام الوشيك.
من جهته، قال جو ستورك، نائب مدير قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "تستخدم السلطات البحرينية العديد من أدوات القمع المتاحة لها لإسكات ومعاقبة أي شخص ينتقد الحكومة. صعّدت البحرين من استخدامها لعقوبة الإعدام، واستهدفت الأشخاص لنشاطهم على وسائل التواصل الاجتماعي، وحرمت شخصيات معارضة بارزة من العلاج الطبي أثناء الاحتجاز".
كما حاكمت البحرين عدة شخصيات عامة فقط بسبب منشوراتها على وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة أن وزارة الداخلية أعلنت، في مايو/أيار 2019، أنها ستقاضي الأشخاص الذين يُتابعون "حسابات تحريضية" أو يشاركون منشوراتهم على "تويتر".
فيما لم يُسمح للإعلام المستقل بالعمل في البحرين منذ أوقفت وزارة شؤون الإعلام "صحيفة الوسط"، الصحيفة المستقلة الوحيدة في البلاد في 2017.