دعا رئيس الوزراء التونسي، هشام المشيشي، السبت 20 مارس/آذار 2021، إلى إيجاد حلول للأزمة السياسية في البلاد قبل فوات الأوان، لافتاً إلى أنه "على يقين بأن الطبقة السياسية ومؤسسات الدولة سوف تتعاون مع بعضها البعض من أجل خدمة التونسيين"، مشدّداً على ضرورة "الابتعاد عن خطابات التفرقة والتخوين".
جاء ذلك في تصريحات له لوسائل إعلام محلية خلال زيارته إلى ولاية المنستير للاحتفال بالذكرى الـ65 لعيد الاستقلال الوطني عن الاستعمار الفرنسي.
حيث قال رئيس الحكومة إن "ذكرى الاستقلال مناسبة للتذكير بنضالات رجالات الدولة، واستحضار تضحياتهم من أجل استدعاء الوحدة بين مكونات المشهد الحالي للتسلح ومواجهة الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية، حفاظاً على استمرارية الدولة"، مشيراً إلى أنه يكفي ما حدث لتعطيل مؤسسات الدولة، وذلك في إشارة لأزمة التعديل الحكومي الذي يرفضه الرئيس قيس سعيد.
كما شدّد على ضرورة المحافظة على استقلال مكاسب الاستقلال، وما ناضل من أجله الزعيم الحبيب بورقيبة الذي ترك وصية تتمثل في الحفاظ على استقلال البلاد وعلى سيادتها الوطنية، مضيفاً: "سنواصل على درب بناء الدولة الوطنية، وعلى بناء دولة معاني الاستقلال، وعلى تجميع كل التونسيين".
الأزمة تتفاقم
المشيشي أكد أن "الاستحقاقات لا تستطيع الانتظار أكثر، وأن الأزمة الاقتصادية التي تعيشها تونس تتفاقم يوماً بعد يوم"، منوهاً إلى أنه "تم الإعداد لبرنامج لإعادة إنعاش الاقتصاد التونسي، وأن الانطلاق في تطبيق البرنامج مع الشركاء الاقتصاديين، ونجاح الحكومة، وتخطي العقبة الاقتصادية، لا يكون إلا بتكاتف الجهود وبمساندة السلطات لبعضها البعض".
إلى ذلك نظم عدد من التونسيين المؤيدين للرئيس، السبت، تظاهرات احتجاجية في العاصمة دعماً ومساندةً لقيس سعيد، مطالبين بحل البرلمان، واستقالة حكومة هشام المشيشي، ومحاسبة الأحزاب السياسية التي قالوا إنها "تجاوزت القانون"، على حد قولهم.
يشار إلى أن مبادرة الحوار الوطني في تونس برزت مجدداً على خلفية ما قيل عن احتمالية قيام الرئيس قيس سعيد بإطلاق مبادرة لهذا الحوار المأمول من أجل إنهاء الأزمة السياسية والاقتصادية التي تمر بها البلاد.
إقالة 5 وزراء مُقربين من الرئيس
كان المشيشي قد أعلن، الإثنين 15 فبراير/شباط 2021، إقالة 5 وزراء مقربين من الرئيس من حكومته، وكلّف آخرين بالإشراف على وزاراتهم بالنيابة، لحين تعيين وزراء جدد، في خطوة زادت من حدة التوتر بين سعيد والمشيشي بشأن تشكيل الحكومة.
آنذاك دعا الغنوشي جميع الأطراف إلى التعامل بمرونة وعدم تعطيل مصالح الدولة والمجتمع، معتبراً خطوة المشيشي بأنها "حل مؤقت، والحل (الجذري) هو في تشكيل المحكمة الدستورية (تعطل تشكيلها أكثر من 5 سنوات بسبب غياب التوافق)، وإلى أن يتم ذلك يجب على كل الأطراف التعامل بمرونة حتى لا تتعطل الدولة ومصالح المجتمع".
يذكر أن العلاقة بين رئيس الجمهورية قيس سعيد ورئيس الحكومة هشام المشيشي شهدت تحولاً جذرياً، فرغم أن سعيد اختار المشيشي من خارج مقترحات الأحزاب لرئاسة الحكومة عقب تقديم رئيس الوزراء إلياس الفخفاخ استقالته، فإن العلاقة بين الرجلين سرعان ما تحولت من وُدّ وتنسيق إلى توتر وعداء.
سبب تعطيل مصالح الدولة
فيما اعتبر المشيشي إصرار رئيس الجمهورية على رفضه استقبال الوزراء المعنيين بالتعديل الوزاري، والذين نالوا سابقاً موافقة وتأييد البرلمان، سبباً رئيسياً في تعطيل المرفق العمومي ومصالح الدولة.
يشار إلى أنه في 16 يناير/كانون الثاني الماضي، أعلن المشيشي تعديلاً شمل 11 حقيبة وزارية من 25، وبعد 10 أيام صدّق عليه البرلمان، لكن سعيّد لم يدعُ الوزراء الجدد لأداء اليمين الدستورية أمامه، وهو ما أحدث الأزمة.
كان سعيّد قد انتقد يوم الأربعاء 10 فبراير/شباط 2021، في لقاء مع نواب بالبرلمان، محاولة البحث عما وصفه بـ"مخرج قانوني مستحيل لأزمة اليمين الدستورية"، مجدداً قوله إن التعديل الوزاري تشوبه خروقات عديدة، وإنه حريص على تطبيق الدستور، كما قال.
جدير بالذكر أن الحزام البرلماني لحكومة المشيشي يتشكل من كتل حركة النهضة (54 مقعداً)، وقلب تونس (29 مقعداً)، والإصلاح (18 مقعداً)، وتحيا تونس (10 مقاعد)، والكتلة الوطنية (9 مقاعد)، وعدد من المستقلين.
إضافة إلى الأزمة السياسية، تعاني تونس من أزمة اقتصادية، زاد تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) من حدتها، إلى جانب احتجاجات اجتماعية تشهدها مختلف مناطق البلاد، بين الفينة والأخرى.