أعرب نشطاء حقوقيون أفغان عن انتقادهم لما اعتبروه خطراً بشأن محادثات إحياء عملية السلام الأفغانية المتعثرة، وذلك نظراً إلى أن المندوبين على جانبي التفاوض في اجتماع موسكو كان من بينهم امرأة واحدة فقط، طبقاً لما أوردته صحيفة The Guardian البريطانية، الخميس 18 مارس/آذار 2021.
يشار إلى أن "مؤتمر موسكو"، الذي بدأ أمس الخميس وينتهي غداً السبت، يهدف لدعم محادثات سلام الدوحة المستمرة منذ 12 سبتمبر/أيلول 2020، وتهيئة الأرضية السياسية لـ"مؤتمر إسطنبول" المزمع عقده الشهر المقبل في تركيا.
والسيدة الوحيدة التي تشارك في "مؤتمر موسكو" هي حبيبة سرابي، ناشطة وسياسية، وهي المندوبة الوحيدة في الفريق المكون من 12 عضواً الذي يمثل الحكومة الأفغانية والقادة السياسيين في هذا المؤتمر، أما الوفد المؤلف من 10 أعضاء والحاضر عن حركة طالبان الأفغانية، فلا يوجد بين أفراده ولو مندوبة واحدة.
"لماذا أنا المرأة الوحيدة؟"
سرابي خاطبت طاولة كبيرة من نظرائها الذكور في الاجتماع الذي عُقد بأحد فنادق موسكو، داعيةً إلى وقف إطلاق النار. وانتقدت كونها المرأة الوحيدة في تلك المحادثات، قائلة: "لماذا أكون أنا امرأة وحيدة في الغرفة؟، لم نكن جزءاً من إشعال الحرب، لكننا يمكننا بالتأكيد أن نكون جزءاً يُسهم في تحقيق السلام. لا ينبغي تجاهل 51% من الناس [النساء]"، وذلك وفقاً لتغريدة كتبها أحد زملائها في المؤتمر على موقع "تويتر".
يأتي هذا الاجتماع بروسيا قبل ستة أسابيع فقط من الموعد النهائي لانسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان، حيث إن نهاية مهلة سحب القوات الأمريكية من أفغانستان تنتهي رسمياً في الأول من مايو/أيار المقبل، بحسب الاتفاق مع حركة طالبان.
لكن وسائل إعلام أمريكية قالت إن الرئيس جو بايدن يدرس الإبقاء على قوات بلاده في أفغانستان حتى شهر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل بدلاً من شهر مايو/أيار.
"علامة مقلقة"
فيما قالت شهرزاد أكبر، التي تقود لجنة حقوق الإنسان المستقلة في أفغانستان، إنه "من غير المقبول أن يضم الاجتماع امرأة واحدة فقط. إن هذه علامة مقلقة أيضاً على ما هو قادم في المستقبل. إنها علامة تشي بالواقع الذي ستكون عليه الأشياء في المستقبل من جهة استيعابه للجميع"، على حد قولها.
كما يخشى نشطاء مدافعون عن حقوق المرأة أن تفضي المفاوضات الأخيرة من أجل السلام إلى مزيد من التهميش لدور العدد القليل بالفعل من النساء المشاركات في عملية السلام لصالح الشخصيات السياسية التقليدية من الذكور.
صحيفة The Guardian البريطانية رأت أنه في كثير من الحالات، تدين القوى الإقليمية بنفوذها في أفغانستان إلى العلاقات مع أمراء الحرب الذي هيمنوا على الساحة على مدى أربعة عقود من الصراع، وجميعهم رجال.
اللجوء إلى نفس القادة
بدورها، أعلنت فوزية كوفي، وهي واحدة من أربع مُفاوضات فقط من بين 42 مفاوضاً مثلوا الجانب الأفغاني في مفاوضات الدوحة، امتعاضها من هذا الأمر، بالقول: "عدد من زملائنا في المجتمع الدولي ذهبوا إلى… نفس القادة الذين حكموا أفغانستان قبل 20 عاماً".
إلا أن متحدثاً باسم وزارة الخارجية الأمريكية قال إن واشنطن كانت تتمنى أن يكون هناك أكثر من امرأة في وفد موسكو. وستلتفت الولايات المتحدة إلى الدفاع عن "مشاركة هادفة" للنساء في التجمعات القادمة.
بينما لم يرد متحدث باسم القصر الرئاسي الأفغاني على الفور على طلب للتعليق بخصوص هذا الأمر.
تعثُّر المفاوضات
يأتي ذلك في ظل تعثر محادثات السلام التي جرت في قطر بوساطة أمريكية، بين ممثلين عن الحكومة الأفغانية وطالبان خلال الأشهر الماضية.
حيث يقوم فريق الرئيس الأمريكي جو بايدن بمراجعة اتفاق إرساء السلام الذي أبرمته حكومة سلفه دونالد ترامب مع طالبان، في فبراير/شباط 2020.
يذكر أنه بوساطة قطرية انطلقت في 12 سبتمبر/أيلول 2020، مفاوضات سلام تاريخية في الدوحة، بين الحكومة الأفغانية وحركة "طالبان" بدعم من الولايات المتحدة، لإنهاء 42 عاماً من النزاع المسلح.
وقبلها أدت قطر دور الوسيط في مفاوضات واشنطن و"طالبان"، التي أسفرت عن توقيع اتفاق تاريخي أواخر فبراير/شباط 2020، لانسحاب أمريكي تدريجي من أفغانستان وتبادل الأسرى.
تجدر الإشارة إلى أن أفغانستان تعاني حرباً منذ عام 2001، حين أطاح تحالف عسكري دولي تقوده واشنطن بحكم طالبان، لارتباطها آنذاك بتنظيم القاعدة، الذي تبنى هجمات 11 سبتمبر/أيلول من العام نفسه في الولايات المتحدة.