أعلن وزير الخارجية المصري، سامح شكري، الأحد 14 مارس/آذار 2021، استعداد بلاده لكل التطورات والاحتمالات الخاصة بمستجدات أزمة سد النهضة الإثيوبي، مؤكداً أن أديس أبابا "لم تظهر حتى الآن أية إرادة سياسية حقيقية حول سد النهضة"، وفق قوله.
اتفاق "عادل" لكل الأطراف
شكري أشار في كلمة له خلال اجتماع لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب، إلى استمرارهم في السعي للتوصل لاتفاق "عادل" لكل الأطراف، مشدّداً على التزامهم بما وصفه بـ"الحكمة". وقال: "هناك شركاء (لم يسمهم) نثق فيهم يسعون لتقريب وجهات النظر للوصول لاتفاق عادل ومنصف".
كما ذكر المسؤول المصري أن "إبرام اتفاق وتعاون بين الدول الثلاث (مصر ـ السودان ـ إثيوبيا) يجنب الجميع التوترات في العلاقات، ويحقق التعاون والتنمية والشراكة"، مشيراً إلى أن ما حدث في جولة التفاوض بواشنطن كان نتيجة عدم الالتزام من الجانب الإثيوبي.
فيما لم يصدر عن إثيوبيا تعليق فوري بشأن ما ذكره شكري، غير أنها عادة ما تتبادل الاتهامات مع مصر بشأن تعثر المفاوضات.
السودان سيدافع عن أمنه القومي عبر جميع السبل
تصريحات شكري جاءت بعد يوم واحد من التصريحات التي أطلقها وزير الري السوداني، ياسر عباس، والتي قال فيها إن من حق الخرطوم "الدفاع عن أمنها القومي عبر جميع السبل المشروعة، إذا فشلت مساعي توسيع دائرة مفاوضات سد النهضة".
جاء ذلك في إجابة لـ"عباس" خلال مقابلة مع صحيفة "الشروق" المصرية الخاصة، رداً على سؤال بشأن السيناريوهات المستقبلية السودانية لا سيما مع اقتراب موعد الملء الثاني للسد المثير للجدل.
عباس قال إن "السودان يعمل جاهداً للتوصل لاتفاق قبل الملء الثاني للسد، لذا اقترحنا توسيع دائرة المفاوضات"، مضيفاً أنه في حال فشل المساعي فمن حق السودان الدفاع عن أمنه القومي ومواطنيه بجميع السبل المشروعة التي تكفلها القوانين الدولية، دون أن يوضحها.
يشار إلى أنه في 9 مارس/آذار 2021 رفضت إثيوبيا، مقترحاً سودانيا أيدته مصر أواخر فبراير/شباط الماضي، بتشكيل وساطة رباعية دولية تضم الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحادين الأوروبي، والإفريقي، في محاولة لإحداث خرق في مفاوضات "سد النهضة" المتعثرة على مدار 10 سنوات.
من جهتها، أعلنت الأمم المتحدة استعدادها لتقديم الدعم والمشاركة في عملية تفاوضية بشأن سد النهضة.
إعلان مبادئ سد النهضة
جدير بالذكر أن إثيوبيا تشدد على رفضها التام لأي اتفاق يحيد عن إعلان المبادئ بشأن سد النهضة الذي تم توقيعه في مارس/آذار 2015، بحضور السيسي، والرئيس السوداني السابق عمر البشير.
حيث صرّح سابقاً وزير المياه والري الإثيوبي سلشي بيكيلي، بأن هناك مشاكل خطيرة ظهرت في المفاوضات الثلاثية بسبب ما وصفه بـ"حملة تشويه" للسد، الذي قال إنه يجري بناؤه بشكل سريع، ومن المتوقع أن يخزن 13.5 مليار متر مكعب من المياه في موسم الأمطار القادم، منوهاً إلى أن القاهرة والخرطوم لم تتمكنا من التوصل إلى اتفاق بإثارة "آراء متناقضة".
كان بيكيلي قد اتهم، الجمعة 5 فبراير/شباط 2021، دولتي مصر والسودان باتخاذ مسار يعطل مفاوضات "سد النهضة"، مُحمّلاً القاهرة والخرطوم مسؤولية عدم التوصل إلى اتفاق لإنهاء تلك الأزمة المستمرة منذ سنوات طويلة.
مصر انخرطت في المفاوضات بـ"حسن نية"
فيما قال الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، يوم السبت 6 فبراير/شباط 2021، إن بلاده "انخرطت بحسن نية وجدية في المسار الإفريقي؛ أملاً في التوصل إلى الاتفاق المنشود بما يراعي مصالح وحقوق الأطراف المعنية، وهو الهدف الذي لن يتأتى تحقيقه إلا بتوافر الإرادة السياسية لكافة الأطراف"، مشدّداً على حرصهم على حل الأزمة من خلال "المفاوضات الجادة، بما يعزز الأمن والاستقرار والتنمية في المنطقة".
فشل الجولة الأخيرة من المفاوضات
يأتي ذلك بعدما فشلت الجولة الأخيرة من مفاوضات السد، إثر إعلان الخارجية السودانية، الأحد 10 يناير/كانون الثاني 2021، فشل التوصل إلى صيغة مقبولة لمواصلة التفاوض حول "سد النهضة"، مؤكدةً أن الخرطوم لن تواصل المفاوضات، في الوقت الذي عبَّرت فيه وزيرة خارجية جنوب إفريقيا عن أسفها لوصول مفاوضات سد النهضة إلى "طريق مسدود".
كانت الإدارة الأمريكية أعلنت في فبراير/شباط 2019، التوصل إلى اتفاق حول آلية عمل سد النهضة، وقَّعت عليه القاهرة بالأحرف الأولى، وامتنعت إثيوبيا بدعوى انحياز واشنطن إلى مصر، إثر جولات من المفاوضات جرت بواشنطن.
لكن المفاوضات تعثرت مجدداً بين الدول الثلاث، وهو الأمر المستمر منذ نحو 9 سنوات، وسط اتهامات متبادلة بين القاهرة وأديس أبابا بالتعنت والرغبة في فرض حلول غير واقعية. حيث تُصر أديس أبابا على ملء السد في يوليو/تموز المقبل، حتى لو لم تتوصل إلى اتفاق بشأنه مع القاهرة والخرطوم، فيما تصر الأخيرتان على ضرورة التوصل أولاً إلى اتفاق ثلاثي؛ لضمان عدم تأثر حصتيهما السنوية من مياه نهر النيل.