قالت رئيسة وزراء نيوزيلندا جاسيندا أرديرن، السبت 13 مارس/آذار 2021، إن من "واجب" بلادها حماية مسلميها، وذلك في كلمتها خلال مراسم إحياء الذكرى الثانية للهجوم على مسجدي كرايستشيرش، الذي أودى بحياة 51 مصلياً، وأدى لإصابة المئات.
نيوزيلندا أحيت السبت الذكرى الثانية للمجزرة بمراسم مؤثرة، حيث تخللتها أغان وأدعية وخطابات رسمية وتعهدات بإعادة بناء المجتمع، حيث انضمت رئيسة الوزراء جاسيندا أرديرن، والحاكمة العامة باتسي ريدي، إلى حوالي 1000 من أفراد المجتمع في ساحة هورنكاسل في كرايستشيرش، في فعالية إحياء ذكرى الحادث.
وكانت جاسيندا آخر من تحدّث، ولم تكن ترتدي حجاباً كما فعلت في الأيام التي أعقبت الهجوم لتُظهر دعمها، وإنما رداء كورواي الذي يرمز إلى القيادة بين الماوري، حيث قالت إنها كانت في حيرة من أمرها أثناء تحضيرها لما ستقوله في الفعالية، وفقاً لما ذكره موقع Stuff.
وتابعت قائلة: "لقد قيل الكثير، لكن الكلمات رغم قدرتها الشفائية لن تغيّر أبداً ما حدث في ذلك اليوم. والكلمات لن تعيد الرجال والنساء والأطفال الذين تجمّعوا في مكان عبادتهم بهدوء وسلام حين قُتلوا في حادث إرهابي"، متعهدة بالاستمرار في محاربة العنصرية.
أهالي الضحايا يرثونهم
وشكّلت الفقرة الأساسية في هذه الفعالية الحدث الأكبر منها، إذ تمت تلاوة أسماء القتلى أثناء عرض صورهم على شاشة كبيرة، إلى جانب أوصاف لهم قدمتها أسرهم.
وجاء في وصف حسين العمري، الذي توفي أثناء محاولته التصدي للإرهابي الأسترالي برنتون تارانت، في مسجد النور: "كان لطيفاً دوماً، ويخدم الآخرين من أعماق قلبه. وكان شجاعاً ومخلصاً حتى الرمق الأخير".
وقال موقع Stuff النيوزيلندي إن تيميل أتاكوكوغو، الذي أصيب بتسع رصاصات في الوجه والذراعين والساقين، ألقى خطاباً باسم الجرحى. وقال إن يوم 15 مارس/آذار عام 2019، كان "وصمة عار على جبين التاريخ".
وأضاف أن الضحايا "معتزون بانتمائهم لهذا البلد"، راوياً كيف تمكَّن من الهروب من مسجد النور مع أحد أصدقائه.
حيث قال باكياً وهو يتذكر اللحظة التي علم فيها والد الطفل مقداد إبراهيم البالغ من العمر ثلاث سنوات بوفاة ابنه: "كانت مسافة الـ200 متر التي تفصلني عن سيارة الإسعاف أطول وأصعب طريق سلكته في حياتي. جلست على الأرض بجانب سيارة إسعاف… وكان جسدي مليئاً بالألم والخوف، ورُحت أفكر في ولديّ، وأمي، وإخوتي وجميع من أحبهم".
فيما قالت مها المدني، التي كان والدها علي المدني أحد الضحايا، إن "القتلى كان لديهم الكثير ليعطوه لهذه الأرض، وكانوا نيوزيلنديين معتزين بانتمائهم لنيوزيلندا، وكان وجودهم نعمة في حياتنا".
وقالت إن عيش حياة قائمة على المبادئ لا يقل أهمية عن إحياء ذكرى الضحايا: "انشروا الرحمة، هذا ما تعلمناه".
ووسط هذه التحيّات الشخصية، ظهرت أيضاً مناشدات لاتخاذ المزيد من الإجراءات.
إذ قالت كيران منير، التي فقدت زوجها هارون محمود، إنه توجد "حاجة ملحة للخروج بقوانين محددة لجرائم الكراهية وخطاب الكراهية" على النحو الذي أوصت به اللجنة الملكية المعنية بالهجوم، وكما وعدت جاسيندا خلال الحملة الانتخابية العام الماضي.
وقالت: "الثغرات والعيوب في نظام مجتمعنا كشفها تقرير اللجنة الملكية".
وأضافت قائلة: "أمامنا طريق طويل لنقطعه، لنضمن ألا يتكرر مثل هذا الحادث، لكن الجرح الذي يُضمَّد ويُعتنى به يشفى شفاءً أسرع وأفضل كثيراً من الجرح الذي لا يُعتنى به. شكرا لكِ نيوزيلندا ولمواطنيكِ الخمسة ملايين على تضميد جراحنا".
وقالت آية العمري، شقيقة حسين العمري، في لقاء لها مع صحيفة The Guardian، عن المشاهد المؤلمة التي رأتها في مستشفى كرايستشيرش: "لن أنسى أبداً المشهد المؤلم للأشخاص الغارقين في دمائهم، وصوت بكاء الأطفال. لن تُمحى هذه الصور والأصوات من ذاكرتي أبداً".
وقالت إنها تتطوع للمشاركة في حراسة مسجد النور منذ الهجوم، وإنها تفعل ذلك "لتعيش الإرث الذي تركه حسين، وتكريماً له على ما فعله".