نظم متظاهرون لبنانيون، السبت 13 مارس/آذار 2021، عدة وقفات ومسيرات احتجاجية في مناطق متفرقة، احتجاجاً على تردي الأوضاع الاقتصادية والسياسية التي تعيشها البلاد، وللمطالبة بالكشف عن نتائج التحقيقات المتعلقة بانفجار مرفأ بيروت البحري الذي وقع في 4 أغسطس/آب 2020، وذلك في ظل تصاعد الانتقادات ضد الطبقة السياسية.
حيث ندّد المتظاهرون بتردي الوضع الاجتماعي، وانهيار سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأمريكي، والارتفاع في أسعار بيع الوقود والمواد الغذائية الأساسية بصورة كبيرة، وانهيار القدرة الشرائية للرواتب، رافعين الأعلام اللبنانيّة، ولافتات كتب عليها "ثورة" و"ثورة على الفساد"، على وقع أغانٍ ثوريّة.
فقد شهدت ساحة الشهداء، وسط العاصمة بيروت، تظاهر مئات اللبنانيين الذين عبّروا عن غضبهم من الأوضاع الراهنة.
نصب خيمة بساحة الشهداء
فيما نصب المتظاهرون خيمة بلاستيكية صغيرة في ساحة الشهداء للمرة الأولى منذ إزالة الخيام من الساحة عقب تفشي كورونا في مارس/آذار 2020، مرددين شعارات مندّدة بالطبقة السياسيّة الحاكمة كما حمّلوها مسؤولية تردّي الأوضاع المعيشية.
كما شارك المئات في مسيرة راجلة انطلقت من ساحة الشهداء وصولاً إلى مجلس النواب (البرلمان) وسط بيروت وقرب ساحة الشهداء.
من جانبه ندد الناشط اللبناني رائد المصري، وهو مشارك في الاحتجاجات، بـ"الوضع المالي والاقتصادي، ناهيك عن الخطاب السياسي للسلطة، كلّ هذه الوقائع تفرض بقاء الثوار في الشارع".
تحقيقات مرفأ بيروت
أمّا العميد المتقاعد جورج نادر (أحد نشطاء الحراك الشعبي)، فقال: "نحن سنبقى في الساحة، واليوم نصبنا الخيم تأكيداً على استمرار الثورة".
وأضاف نادر: "الهدف من هذه التحرّكات أننا نطالب بالعدالة لشهداء مرفأ بيروت، كما نودّ توصيل رسالة للمجلس النيابي أننا نريد حكومة انتقاليّة مستقلّة عن الأحزاب تنقذنا من الانهيار المالي الحاصل".
إلى ذلك، شارك العشرات من ذوي ضحايا انفجار مرفأ بيروت، في وقفة بمحيط مقرّ الأمم المتحدة، في منطقة "اليرزة" بضاحية بيروت الشرقيّة، احتجاجاً على التأخر في تحقيقات الانفجار.
إذ أكد ذوو ضحايا انفجار المرفأ، في بيانٍ، أنّهم "سيتابعون القضيّة للوصول إلى الحقيقة والعدالة".
يشار إلى أن هذا الانفجار تسبب بمقتل نحو 200 شخص وإصابة أكثر من 6 آلاف، فضلاً عن أضرار مادية هائلة في أبنية سكنية ومؤسسات تجارية، ولم تعلن بعد النتائج النهائية للتحقيقات الخاصة بالمتسبب في انفجار المرفأ.
احتجاجات ضد الغلاء
في السياق ذاته قطع متظاهرون طريق بيروت صيدا بالإطارات المشتعلة، دون اشتباك مع قوات الأمن.
وأغلق عدد من المحتجين في منطقة الناعمة جنوبي البلاد، الطريق السريع الواصل إلى بيروت، بالحجارة، احتجاجاً على الغلاء وتردي الوضع المعيشي، وفق شهود عيان.
من جهتهم، أغلق عدد من أصحاب مؤسسات الصرافة والمحال التجارية في مناطق محافظة البقاع، أبواب مؤسساتهم على وقع الارتفاع الكبير في سعر صرف الدولار الأمريكي، لمحاولة تجنب المزيد من الخسائر المالية، لافتين إلى أنه لم يعد بمقدورهم الاستمرار في عمليات البيع والصيرفة حتى تتضح رؤية سعر الصرف.
يجدر الإشارة إلى أن لبنان يشهد منذ فترة احتجاجات منددة بتردي الأوضاع المعيشية وتدهور سعر الصرف، إذ تخطى الدولار الواحد 12 ألف ليرة في السوق الموازية (السوداء)، مقابل 1510 ليرات رسمياً.
ويمر لبنان بأزمة سياسية واقتصادية هي الأسوأ منذ انتهاء الحرب الأهلية عام 1990، وسط تعثر تشكيل حكومة جديدة، منذ استقالة حكومة حسان دياب في 10 أغسطس/آب الماضي.
جدير بالذكر أن الآلاف تظاهروا، يوم الجمعة 12 مارس/آذار الجاري، في وسط بيروت، للمطالبة بحكومة مستقلة جديدة لإخراج لبنان من أزمته المتفاقمة وسط تزايد الإحباط من الانهيار المالي في البلاد.
تمثل الأزمة الاقتصادية في لبنان أكبر تهديد لاستقراره منذ الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين 1975 و1990.
يشار إلى أن الأسعار في لبنان ارتفعت بنسبة 144%، وفقاً لتقديرات صندوق النقد الدولي. وبات أكثر من نصف السكان يعيشون تحت خط الفقر، وخسر عشرات الآلاف وظائفهم ومصادر دخلهم.
وفي مؤشر آخر على انهيار اقتصاد لبنان، قامت وزارة الاقتصاد اللبنانية برفع سعر كيس الخبز بنسبة 20%، الأمر الذي ساهم أيضاً بتأجيج الشارع.
يُذكر أن وزارة المال والبنك الدولي وقّعا اتفاقاً على تقديم مساعدة طارئة للبنان قدرها 246 مليون دولار على شكل تحويلات مالية وخدمات اجتماعية لنحو 786 ألف لبناني يعيشون تحت خط الفقر.
كان وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لو دريان، قد صرّح مؤخراً بأن الوقت ينفد لمنع انهيار لبنان، ولا يرى أي مؤشر على أن السياسيين اللبنانيين يبذلون ما في وسعهم لإنقاذ بلادهم، مضيفاً: "أميل إلى تصنيف السياسيين اللبنانيين على أنهم مسؤولون عن عدم مساعدة بلادهم وهي في خطر. لقد التزموا جميعاً بالعمل على تشكيل حكومة شاملة وتنفيذ إصلاحات لا غنى عنها. كان ذلك قبل 7 أشهر ولا شيء يتحرك".