أعربت الولايات المتحدة، الخميس 11 مارس/آذار 2021، عن قلقها حيال "أوضاع حقوق الإنسان وقمع حرية التعبير والمجتمع المدني بمصر"، مؤكدة في الوقت ذاته أن القاهرة تلعب دوراً أساسياً فيما وصفته بالحفاظ على الاستقرار والأمن، ودفع عملية السلام في الشرق الأوسط.
حيث قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، نيد برايس، في الإفادة الصحفية اليومية للوزارة، إن واشنطن "تشعر بقلق بالغ حيال أوضاع حقوق الإنسان في مصر وقمع حرية التعبير والمجتمع المدني"، منوهاً إلى أن الإدارة الأمريكية "ستثير هذه القضايا ضمناً وعلناً مع المسؤولين المصريين".
برايس لفت إلى أن "انتهاكات حقوق الإنسان وقمع المجتمع المدني يقوضان ديناميكية واستقرار القاهرة" كشريك لبلاده، واصفاً مصر بأنها دولة "ذات مكانة مهمة ورائدة في مسيرة السلام بالشرق الأوسط".
"مراعاة المصالح والتمسك بالقيم"
فيما يتعلق بمبيعات الأسلحة الأمريكية إلى مصر، شدّد برايس على أن الولايات المتحدة "يمكنها متابعة مصالحها والتمسك بقيمها".
تجدر الإشارة إلى أن الخارجية الأمريكية كانت قد وافقت منتصف الشهر الماضي، على صفقة عسكرية محتملة مع مصر بقيمة 197 مليون دولار أمريكي، مؤكدةً أن تلك الصفقة "ستدعم السياسة الخارجية والأمن القومي للولايات المتحدة من خلال المساعدة في تحسين أمن حليف رئيسي غير عضو بحلف شمال الأطلسي (ناتو).
كما أوضحت الوزارة الأمريكية أن الصفقة المقترحة "ستدعم سفن حاملة الصواريخ السريعة التابعة للبحرية المصرية، كما ستوفر للبحرية المصرية قدرات دفاعية أكبر لتأمين المناطق الساحلية ومداخل قناة السويس".
إذ تشمل الصفقة بيع 168 صاروخاً تكتيكياً إلى مصر. وتسلك هذه الصفقة طريقها إلى التنفيذ بعد أن يراجعها الكونغرس، كما جميع صفقات بيع الأسلحة التي تقدرها السلطة التنفيذية.
كانت إدارة ترامب قد وافقت خلال شهر مايو/أيار 2020، على صفقة لتزويد مصر بمعدات لتطوير 43 مروحية، بقيمة 2.3 مليار دولار.
في السياق ذاته، قال موقع Al-Monitor الأمريكي، الخميس 11 مارس/آذار 2021، إن مصر تسعى إلى تشكيل لوبي داخل الولايات المتحدة لتقديم صورة إيجابية عن البلاد والحكومة أمام إدارة بايدن.
حيث ناقش الاتحاد العام للمصريين في الخارج (مؤيد لنظام الرئيس عبدالفتاح السيسي)، خلال اجتماعٍ اقتراضي عُقد عبر الإنترنت في 22 فبراير/شباط 2021، احتمالية تشكيل لوبي مصري يهدف إلى الدفع بمنظمات المجتمع المدني للضغط على الرأي العام الأمريكي، وتقديم وجهة النظر المصرية أمام القيادة الأمريكية الجديدة.
أول لوبي من الأكاديميين الشباب
كانت وزيرة الهجرة المصرية، نبيلة مكرم، قد أعلنت في 31 يناير/كانون الثاني الماضي، تأسيس أول لوبي من الأكاديميين الشباب؛ للدفاع عن مصر في العديد من الدول، خاصةً الولايات المتحدة، عبر اتحاد الطلاب المصريين في الخارج، ليكون مسؤولاً عن تنظيم اجتماعات وزيارات الشباب المصري للولايات والدول الأخرى، بهدف الترويج لدور الحكومة المصرية.
موقع Al-Monitor الأمريكي لفت إلى أنه منذ تولّي بايدن الرئاسة، بدأت الولايات المتحدة فرض ضغوط على مصر فيما يتعلق بوضع حقوق الإنسان داخل البلاد، منوهاً إلى أن الحكومة المصرية بدأت في المقابل حشد المصريين داخل أمريكا، من أجل تشكيل لوبي للضغط على إدارة بايدن.
إذ أعلن عضوان بالكونغرس الأمريكي، وهما دون باير وتوم مالينوفسكي، في 25 من يناير/كانون الثاني الماضي، تشكيل "لجنة لمتابعة حقوق الإنسان في مصر". وقال العضوان إنهما سيحشدان الدعم من الحزبين الديمقراطي والجمهوري؛ في محاولةٍ للضغط على الحكومة المصرية فيما يتعلق بسجل حقوق الإنسان.
انتقادات حقوقية لمصر
كما أعرب وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، في أول مكالمة هاتفية مع نظيره المصري، سامح شكري، خلال نهاية الشهر الماضي، عن المخاوف الأمريكية إزاء وضع حقوق الإنسان في مصر، مؤكّداً أن هذه القضية محورية في العلاقات الأمريكية-المصرية.
يشار إلى أن بايدن غرّد خلال حملته الانتخابية، في يوليو/تموز 2020، بأنه لا مزيد من الشيكات البيضاء لمن وصفه بالديكتاتور المفضل لترامب، في إشارة إلى السيسي، وفي رد جزئي على اعتقال قوات الأمن المصرية آنذاك عدداً من أقرباء الناشط الحقوقي محمد سلطان، وهو مواطن أمريكي يعيش في شمال فيرجينيا.
شركات علاقات عامة أمريكية
فيما أكد موقع Foreign Lobby الأمريكي، عقب فوز بايدن برئاسة الولايات المتحدة، أن السفارة المصرية في واشنطن وقّعت اتفاقاً مع مكتب محاماة Brownstein Hyatt Farber Schreck، من أجل تقديم خدمات العلاقات الحكومية والاستشارات الاستراتيجية في المسائل المتعلقة بمصر أمام الحكومة الأمريكية. ويضم فريق اللوبي، المختص بالدفاع عن مصر في شركة العلاقات العامة هذه، العديد من الساسة الجمهوريين والديمقراطيين.
هذه ليست المرة الأولى التي تتعاقد فيها الحكومة المصرية مع شركات علاقات عامة أمريكية بهدف محاولة تحسين وتجميل صورتها أمام مراكز صنع القرار بواشنطن، خاصة في ظل الانتقادات الحقوقية المحلية والدولية المتصاعدة ضد نظام السيسي.
ففي أعقاب انقلاب 3 يوليو/تموز 2013، أعلنت وزارة الخارجية المصرية، في بيان لها، أن "الحكومة المصرية قامت بالتعاقد مع شركة (جلوفر بارك غروب) التي تعد واحدة من الشركات الأمريكية المعروفة في مجال العلاقات العامة وتتمتع بسمعة ونفوذ كبيرَين مع مراكز صنع القرار بالولايات المتحدة".
الوزارة بررت تلك الخطوة بالقول إن "التعاقد مع شركات العلاقات العامة الأمريكية نهج متعارف عليه بين دول العالم، حيث يحرص عدد كبير منها على التعاقد معها؛ لتسهيل التواصل بين حكوماتها وجهات صنع القرار في الولايات المتحدة باعتبارها دولة كبرى لها مصالح واتصالات في مختلف أنحاء العالم".
ورغم الانتقادات المحلية والدولية بشأن ارتكاب السلطات المصرية انتهاكات جسيمة بحق المعارضين والصحفيين وحظر مجال العمل العام، فإن الحكومة المصرية تؤكد مراراً التزامها بالقانون ومبادئ حقوق الإنسان.