قررت اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، الخميس 11 مارس/آذار 2021، فصل ناصر القدوة، عضو لجنتها المركزية وابن شقيقة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، من الحركة، بعد الإصرار على نيته خوض الانتخابات التشريعية المقبلة في قائمة منفصلة عن الحركة.
بيان صادر عن اللجنة المركزية للحركة، حمل توقيع الرئيس الفلسطيني وزعيم الحركة، محمود عباس، أكد أن قرار الفصل يأتي بعد انتهاء مهلة تم منحها للقدوة، حتى الإثنين الماضي، للتراجع عن مواقفه المعلنة "المتجاوزة للنظام الداخلي للحركة وقراراتها والمس بوحدتها".
جاء في البيان: "بعد فشل الجهود كافة التي بذلت معه من الإخوة المكلفين بذلك، والتزاماً بالنظام الداخلي، وبقرارات الحركة، وحفاظاً على وحدتها فإنها تعتبر قرارها بفصله نافذاً من تاريخه".
وكان القدوة (68 عاماً)، وهو ابن شقيقة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، قد أعلن في الفترة الماضية، نيته تشكيل قائمة منفصلة عن حركته، تحت اسم "الملتقى الوطني الديمقراطي"، لخوض الانتخابات التشريعية المقرر عقدها في 22 مايو/أيار القادم،كما وجّه القدوة مؤخراً انتقادات لاذعة للقيادة الفلسطينية وحركة "فتح".
كان الرئيس محمود عباس، أصدر منتصف يناير/كانون الثاني الماضي مرسوماً بإجراء الانتخابات الفلسطينية على 3 مراحل: تشريعية في 22 مايو/أيار، ورئاسية في 31 يوليو/تموز، والمجلس الوطني (برلمان يمثل فلسطينيي الخارج) في 31 أغسطس/آب.
الرجوب ينتقد القدوة
وكان أمين سر اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، جبريل الرجوب، قد قال في وقت سابق إن حركته عازمة على خوض الانتخابات الفلسطينية التشريعية بقائمة "واحدة وموحدة".
جاء ذلك في حوار أجراه الرجوب مع وكالة الأناضول، الإثنين 8 مارس/آذار 2021، تحدث فيه عن ترشح "فتح" للانتخابات، وكيف يبدو الوضع الداخلي فيها، بحسب روايته.
الرجوب قال في اللقاء: "نحن حركة جماهيرية وعريقة، لكن لدينا عناصر غير منسجمة، غاضبة، الحركة أكبر من الأفراد، اللجنة المركزية والمجلس الثوري هم أصحاب القرار".
كذلك انتقد الرجوب سعي عضو اللجنة المركزية، ناصر القدوة، إلى تشكيل قائمة تحت اسم "الملتقى الوطني الديمقراطي"، وقال إن "القدوة حتى اليوم هو عضو لجنة مركزية، ويتمتع بكافة الحقوق كعضو بما في ذلك الحصانة التنظيمية، والحوار معه مستمر".
واعتبر الرجوب أن القدوة ارتكب خطأً، وتساءل: "وهل غير القادر على الإصلاح وإحداث تغيير من داخل الإطار التنظيمي، قادر على الإصلاح من خارجه؟".
أضاف الرجوب أن "(القدوة) حر، رجل نحترمه، لكن إذا استمر أعتقد أنه يكون قد تخلى عن دوره القيادي في الحركة، نأمل أن يقوم بمراجعة جدية لموقفه وألا يُخرِج نفسه بتبني قائمة منفصلة عن الحركة".
القدوة يغيب عن اجتماع "المركزية"
يشار إلى أن ناصر القدوة قد اعتذر عن عدم حضور اجتماع اللجنة المركزية السبت 13 فبراير/شباط 2021، في رسالة رفض وتحد للمسار الذي يقوده الرئيس محمود عباس في ملفي المصالحة الفتحاوية الداخلية، والانتخابات.
جاء تغيب ناصر القدوة عن حضور اجتماع اللجنة المركزية لحركة فتح بعد التسريبات الأخيرة التي أشارت إلى انضمامه لتحالف يقوده الأسير مروان البرغوثي، عضو اللجنة المركزية للحركة، لتأسيس قائمة مستقلة لخوض الانتخابات التشريعية، يضم من بين أعضائها قيادات الحرس القديم في السلطة المحسوبة على الرئيس السابق ياسر عرفات، والتي تعرضت لإقصاء وتهميش متعمد في ولاية الرئيس أبومازن.
وكشف مصدر قيادي في حركة فتح على اطلاع بتفاصيل اجتماع اللجنة المركزية لـ"عربي بوست" أن "القدوة تلقى اتصالات عدة قبل اجتماع اللجنة المركزية من قيادات وازنة في حركة فتح لتأسيس قائمة مستقلة لخوض الانتخابات التشريعية يقودها القدوة على رأس القائمة، وتضم كلاً من نبيل عمرو، وقدورة فارس، وحاتم عبدالقادر، وحسام خضر، وقيادات الحركة الأوائل الذين أقصوا في عهد الرئيس أبومازن".
وأضاف المصدر ذاته أن "هذه القائمة تسعى لتشكيل جبهة مانعة لقطع الطريق أمام تغول الرئيس محمود عباس على الهيئات السياسية التي فقدت تأثيرها وأهميتها في تنظيم الحياة السياسية، كالمجلس التشريعي والمجلسين الوطني والمركزي، واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، مقابل سيطرة السلطة التنفيذية على كل مفاصل المؤسسات الفلسطينية".
وأشار المتحدث إلى أن "هذه القائمة تأتي كمقدمة لانضمام مروان البرغوثي لها ليكون مرشحها في خوض سباق الانتخابات الرئاسية، في حال لم يستجب الرئيس عباس للشروط التي حددها مروان في اجتماعه الأخير مع حسين الشيخ، والمتمثلة بوضعه على رأس قائمة الحركة في الانتخابات التشريعية، واختيار "كوتة" من 20 مرشحاً يختارها البرغوثي ضمن هذه القائمة من القيادات المقربة منه، ومنحه حق النقض (الفيتو) لقبول أو رفض المرشحين الذين ستختارهم اللجنة المركزية، كمُمثلي الحركة في الانتخابات التشريعية".
وبات الانقسام الفتحاوي عنواناً لمرحلة الانتخابات، فالحركة الأم انقسمت إلى ثلاثة تيارات، الأول يقوده الرئيس محمود عباس، والتيار الثاني يقوده ناصر القدوة ونبيل عمرو وتيار الحرس القديم الذي كان تابعاً للرئيس الراحل ياسر عرفات، والتيار الإصلاحي الذي يقوده محمد دحلان، ولا يزال مروان البرغوثي الكفة التي سترجح أياً من هذه التيارات في حال انضمامه لأحد التيارات المتنافسة.