عبَّر القيادي الفلسطيني ناصر القدوة، الخميس 11 مارس/آذار 2021، عن غضبه وحزنه الشديدَين من قرار فصله من حركة "فتح"، معتبراً أن ذلك "يثير الحزن والشفقة على ما آلت إليه الأمور في حركتنا"، كما أنه اتهم اللجنة المركزية للحركة بـ"عدم احترام النظام الداخلي أو المنطق السياسي أو التاريخ أو التقاليد المتعارف عليها"، وذلك في بيان له عقب القرار.
في وقت سابق من الخميس، قررت اللجنة المركزية لحركة "فتح" فصل "القدوة"، الذي انتُخب عضواً فيها منذ عام 2009، بسبب ما وصفته بـ"تجاوز النظام الداخلي وتهديد وحدتها".
وكان القدوة (68 عاماً)، وهو ابن شقيقة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، والسياسي والدبلوماسي المعروف، قد أعلن في الفترة الماضية، نيَّته تشكيل قائمة منفصلة عن حركته، تحت اسم "الملتقى الوطني الديمقراطي"، لخوض الانتخابات التشريعية المقرر عقدها في 22 مايو/أيار القادم.
قرار الفصل
جاء في بيان صادر عن اللجنة، حمل توقيع الرئيس الفلسطيني زعيم الحركة، محمود عباس، أن قرار الفصل يأتي بعد انتهاء مهلة تم منحها لـ"القدوة"، الإثنين الماضي، للتراجع عن مواقفه المعلنة "المتجاوِزة للنظام الداخلي للحركة وقراراتها والمسّ بوحدتها".
أضاف البيان كذلك، أنه "بعد فشل الجهود كافة التي بُذلت معه من الإخوة المكلفين بذلك، والتزاماً بالنظام الداخلي وبقرارات الحركة وحفاظاً على وحدتها، فإنها تعتبر قرارها بفصله نافذاً من تاريخه".
من جهته، ردَّ "القدوة" على ما ورد في بيان الحركة، بتأكيد أنه سيبقى "فتحاوياً حتى العظم، ولن يغير ما حدث شيئاً في هذا الخصوص"، حسب تعبيره.
كما شدد على أنه سيبقى "حريصاً على مصالح الحركة وقبل ذلك مصالح الوطن، وأتطلع للمستقبل حين يكون ممكناً تصويبُ وضعنا الداخلي وعودة الحركة لمكانتها الطبيعية، رائدةً للعمل الوطني ومنتصرةً لكرامة شعبنا وحريته".
دعم البرغوثي
والخميس الماضي، قال "القدوة" إنه يدعم ترشُّح زميله في اللجنة الأسير مروان البرغوثي، للرئاسة الفلسطينية في الانتخابات المرتقبة.
جاء ذلك خلال لقاء عقده مع الإعلاميين عبر تطبيق "زووم"، للإعلان عن تشكيل "الملتقى الوطني الديمقراطي"، وهو ملتقى سياسي في طور إعداد برنامجه السياسي، ولاحقاً تشكيل قائمة لخوض الانتخابات التشريعية المقرر عقدها في 22 مايو/أيار القادم.
أزمة في حركة فتح
إذ يرى خبراء سياسيون فلسطينيون، أن قرار الحركة فصل عضو لجنتها المركزية بمثابة مؤشر واضح على الأزمة التي تعانيها.
الخبير السياسي الفلسطيني أحمد رفيق عوض يرى أن القرار من شأنه تعميق الجدل والمواجهة داخل حركة فتح، بين مؤيد ومعارض.
كما أضاف في حديث مع وكالة الأناضول: "أعتقد أن القرار سيؤدي إلى تعميق المواجهة بين الطرفين (القدوة وحركة فتح)، الأمر الذي قد يمس بصورة الحركة".
ولفت إلى أن القرار يدل على وصول الحوار بين "القدوة" والحركة إلى نقطة اللاعودة، ويدلل على أن الحركة "حاسمة جداً في مواجهة أي ظاهرة للتفكك والانقسام، كما يدلل على أنها تعيش أزمة حقيقية داخلية".
وقال عوض، إن "هناك مخاوف حقيقية لدى فتح، وتريد أن تبدو موحدة، ولا تقبل أن يتحدث باسمها من ليس مفوّضاً بالحديث"، مشيراً إلى أن الحركة ترسل رسالة إلى جمهورها، مفادها أنها "قوية وقادرة على مواجهة أي قيادي يخرج عن الإجماع، ويحاول كسرها".
حالة من التشتت
من جهته، يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت، جهاد حرب، إن قرار الفصل "متوقع وطبيعي"، مضيفاً: "أي حركة أو حزب يخرج أحدُ قياداته لخوض الانتخابات في قائمة منفصلة يستقيل، أو يُفصل".
كما تابع: "القدوة يحوز مكانة مرموقة في الحركة، والأطر القيادية يجب أن تكون متماسكة (..) فتح ذهبت لقرار الفصل؛ في محاولة لضبط الأُطر التنظيمية".
ومن شأن الخلافات الداخلية لحركة "فتح" التأثير على مكانتها في الانتخابات القادمة، بحسب "حرب".
ويضيف في هذا الصدد: "الأصوات التي سيأخذها القدوة في الانتخابات، ستكون على حساب حركة فتح".