واصل المتظاهرون اللبنانيون إغلاق الطرق في أنحاء البلاد، الثلاثاء 9 مارس/آذار 2021، احتجاجاً على الانهيار المالي والمأزق السياسي في البلاد، متجاهلين بذلك دعوة الرئيس ميشال عون للقوى الأمنية لإزالة الحواجز من الطرقات.
الجيش أيد التظاهر
وبعد يوم من تحدث الرئيس مع كبار المسؤولين الأمنيين، ودعوته الجيش والقوى الأمنية إلى فتح الطرق، ظل الطريق السريع الرئيسي المؤدي من بيروت إلى الجنوب مقفلاً، وكذلك مناطق في وسط العاصمة، وحول مدينة طرابلس الشمالية، حيث أحرق المحتجون الإطارات وحثوا المزيد من الناس على الانضمام لهم.
كان قائد الجيش العماد جوزيف عون قد شدد، يوم الإثنين الفائت، على الحق في التظاهر السلمي دون إلحاق الضرر بالممتلكات العامة والخاصة، لكنه حذر من تورط الجيش في مشاحنات سياسية.
قال متظاهر يدعى فادي نادر إن "الشعب اللبناني ماذا ينتظر (…) هل تستطيعون تعليم أطفالكم؟ إذا مرض عندك ولد هل تستطيع إدخاله إلى المستشفى؟ هل يمكنك شراء دواء؟ علم ما في (لا يوجد). أشغال ما في. الدولار بعشرة آلاف (ليرة لبنانية) قاعدين ببيوتنا نحن الآن، عم نموت على البطيء".
وتقوم مجموعات من المحتجين بإحراق الإطارات يومياً لإغلاق الطرق، منذ أن هوت العملة اللبنانية إلى مستوى منخفض جديد الأسبوع الماضي، مما عمق الغضب الشعبي من الانهيار المالي في لبنان.
ضحايا بسبب إغلاق الطرق
كانت وسائل الإعلام المحلية اللبنانية قد ذكرت أن ثلاثة أشخاص لقوا مصرعهم في حوادث سيارات بسبب الحواجز على الطرق يوم الإثنين الفائت، وبثت قنوات تلفزيونية جنازة شابين في زغرتا بشمال لبنان لقيا حتفهما على أثر الاصطدام بشاحنة كانت متوقفة في منتصف الطريق لقطع الطريق أمام المارة.
المونسنيور إسطفان فرنجية قال خلال التشييع: "على كل إنسان في هذا البلد أن يتحمل مسؤوليته من الكبير للصغير، ونقول للجميع إن قصور الرؤساء لها عنوان والثوار يعرفونها فليتوجهوا إلى بيوت الرؤساء والزعامات وليس إلى الطرقات لكي لا يذهب شبابنا على الطرقات بدون هدف".
كذلك دفع الحادث البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي، أكبر رجل دين مسيحي في لبنان، إلى التحذير من وضع حواجز على الطرق.
وقال الراعي: "نأسف أن تحصل كل هذه الأمور اليوم، والشعب غاضب، والشباب غاضبون. نحن معهم، ولكن لا يجب أن يُعاقب الناس على الطرقات، فهم ليسوا من أوجد المشاكل في لبنان، وهم ليسوا من عرقل تشكيل الحكومة وتقاعس عن حل الأزمات المالية والحكومية، بل هم يدفعون الثمن مرتين، ثمن حاجاتهم، وثمناً يدفعونه على الطرقات".
كان البطريرك الراعي قد انتقد الساسة، يوم الأحد الفائت، قائلاً: "تصالحوا أيّها المسؤولون مع السياسة، ومع الشعب الذي بدّدتم ماله وآماله ورميتموه في حالة الفقر والجوع والبطالة. وهي حالة لا دين لها ولا طائفة ولا حزب ولا منطقة، ولم يعد له سوى الشارع. فنزل يُطالبُ بحقوقِه".
كما دعا الراعي إلى عقد مؤتمر دولي برعاية الأمم المتحدة لمساعدة لبنان.
وتسببت الأزمة المالية في لبنان، التي اندلعت في أواخر 2019، في فقدان عشرات الآلاف لوظائفهم وتجميد الحسابات المصرفية ووقوع كثيرين في براثن الفقر والجوع، وتشتد الحاجة إلى حكومة جديدة تنفذ الإصلاحات من أجل الحصول على معونات دولية بمليارات الدولارات، لكن التشاحن بين القوى السياسية يحولُ دون ذلك.