نقلت وكالة Bloomberg الأمريكية عن مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية قوله إن التحقيقات الدولية حول أنشطة إيران النووية قد تستمر لأعوام، إذ أوضحت الوكالة أن جهود مسؤول الوكالة الدولية الرامية لضمان عدم تطوير طهران سلاحاً نووياً، ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالدبلوماسية لتهدئة التوترات المتصاعدة في الخليج.
مصدر اليورانيوم في إيران يحير وكالة الطاقة
رافايل ماريانو غروسي، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، قال إنه حتى إذا نجحت طهران في توضيح مصدر جزيئات اليورانيوم المصنوعة بتدخل بشري والمكتشفة في العام الماضي في عدة مواقع غير معلنة، فإن عمل فريقه التفتيشي لم ينته، كما أوضح غروسي في مقابلة أُجريت أمس الثلاثاء، 9 مارس/آذار: "يمكن أن تظهر معلومات إضافية في مجال عدم الانتشار، لا توجد شهادة صحية نهائية ومؤكدة".
فيما قالت الوكالة إن غروسي سوف يحتاج إلى استخدام مهاراته التي طورها عندما كان دبلوماسياً أرجنتينياً، والتي أصقلها خلال فترات سابقة لعمله بالوكالة عندما كانت تحقق في ماضي إيران. إذ تضغط الوكالة بعملها، في نفس الوقت الذي تقترب فيه إيران والقوى العالمية من منعطف حاسم في إطار محاولاتها لإحياء اتفاق مُوقَّع منذ خمس سنوات، كان من المفترض له أن يكبح أنشطة طهران النووية مقابل تخفيف العقوبات.
اتفاق المراقبين النووي مع إيران يمنح الدبلوماسية فرصة
مع أن محاولة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لإلغاء الاتفاق قد باءت بالفشل، فإن خروج الولايات المتحدة من الاتفاقية في 2018 أدى إلى تعثرها بدرجة كبيرة. إذ إن إدارة الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن والرئيس الإيراني حسن روحاني، قال كلاهما إنه يريد أن تعود واشنطن إلى الاتفاقية، لكن كلا الطرفين يصر على أن يتحرك الطرف الآخر أولاً.
إذ قال غروسي: "الأشهر الخمسة القادمة ستكون معقدة، إنهم في حاجة إلى التوافق التام على مستوى سياسي أعلى".
واتفقت الوكالة الدولية للطاقة الذرية مع إيران، في الأسبوع الماضي، على إجراء محادثات في شهر أبريل/نيسان، حيث سيحقق الخبراء الفنيون في كيفية وصول جزيئات اليورانيوم التي يبلغ عمرها عقوداً من الزمان إلى مستودع في طهران، إضافة إلى مواقع أخرى حُددت لأول مرة عن طريق جواسيس إسرائيليين. وخضعت إيران في الماضي لتحقيقات تابعة للوكالة عمرها 12 عاماً، لم تنته إلا بعد الوصول إلى اتفاقية 2015، التي أنهت عملية التخصيب الضرورية لإنتاج رؤوس نووية.
وافقت إيران على الجولة الأحدث من التحقيقات، بعد أن أوضح مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن "هذا لن يختفي"، وأن المماطلة "قد يكون لها أثر ضار"، وذلك حسبما قال غروسي.
في ظل عدم التوصل إلى أي تسوية، فإن التوترات بين إيران من جانب والولايات المتحدة وحلفائها الخليجيين من جانب آخر، سوف تزداد فيما يتعلق بالقضية النووية. تضمنت بؤر التوتر السابقة هجمات على الشحنات، وهجمات على منشآت النفط السعودية عن طريق الحوثيين في اليمن المدعومين من إيران.
وطالما حذر المفاوضون الرئيسيون في اتفاقية 2015 من أن الحرب، إضافة إلى الاضطرابات الكبيرة في الاقتصاد العالمي، هي البديل الوحيد لأي تسوية يجري التوصل إليها عبر التفاوض.
فيما قال غروسي إن حماية المواد النووية في إيران تعد "عملية مستمرة"، فيما أصر على أن عمليات التفتيش لا يجب أن تكون مجرد بيدق على رقعة السياسة العالمية. وأضاف قائلاً: "رجاء لا تضعوا الوكالة الدولية للطاقة الذرية ضمن الأشياء القابلة للتداول. إذ إن أعمال عمليات التفتيش تعد شرطاً مسبقاً".
انتهاكات متزايدة للاتفاق النووي
يأتي هذا في وقت تصعد فيه طهران تجاه واشنطن، إذ أبلغت الوكالة الدولية للطاقة الذرية الدول الأعضاء فيها أن إيران بدأت بتخصيب اليورانيوم في سلسلة ثالثة من أجهزة الطرد المركزي (آي.آر-2 إم) المتطورة، والموجودة في منشآتها تحت الأرض بنطنز، وذلك في انتهاك آخر للاتفاق النووي المبرم عام 2015.
تأتي هذه الخطوة في إطار تسريع إيران في الآونة الأخيرة انتهاكاتها للقيود التي فرضها عليها الاتفاق، والذي أعفاها من عقوبات مالية مقابل تقييد أنشطتها النووية.
وكالة الطاقة قالت في تقرير: "تأكدت الوكالة في السابع من مارس/آذار 2021 (…) أن إيران بدأت ضخ سادس فلوريد اليورانيوم الطبيعي في السلسلة الثالثة التي تضم 174 من أجهزة الطرد المركزي آي.آر-2 إم".
أضافت الوكالة أن "السلسلة الرابعة التي تحوي 174 من أجهزة الطرد المركزي آي.آر-2 إم رُكبت، لكن لم تُغذَّ بعد بسادس فلوريد اليورانيوم الطبيعي، وتركيب سلسلة خامسة جارٍ، وتركيب السادسة لم يبدأ بعد".
كذلك أشارت وكالة الطاقة إلى أنه إضافة إلى أجهزة آي.آر-1، تستخدم إيران حالياً 522 من أجهزة الطرد المركزي آي.آر-2 إم لتخصيب اليورانيوم، إلى نسبة نقاء انشطاري 5% في محطة نطنز.
يزيد هذا عن نسبة نقاء %3.67 التي يسمح بها الاتفاق النووي، لكنها تقل عن 20% التي تخصب بها في منشأة أخرى، هي فوردو. ويمكن استخدام اليورانيوم المخصب حتى نسبة نقاء 90% في صنع سلاح نووي.
محاولة للضغط على جو بايدن
ويسمح الاتفاق النووي لإيران بتخصيب اليورانيوم باستخدام الجيل الأول من أجهزة الطرد المركزي (آي.آر-1) في محطة تخصيب الوقود على نطاق تجاري في نطنز.
كذلك فإن طهران بدأت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي التخصيب هناك بواسطة مجموعة أولى من أجهزة (آي.آر-2إم) الأكثر كفاءة بكثير، وتضيف إليها مجموعات أخرى منذ ذلك الحين.
وكالة رويترز قالت إن تسريع وتيرة انتهاك إيران للاتفاق النووي يهدف على ما يبدو إلى زيادة الضغط على جو بايدن، سلف دونالد ترامب، حيث يريد الرئيس الأمريكي الجديد إحياء الاتفاق، لكن واشنطن وطهران منخرطتان في مواجهة بشأن أيهما يتحرك أولاً.
يُذكر أن إيران بدأت بتجاوز القيود التي يفرضها الاتفاق النووي، بعد أن انسحبت الولايات المتحدة أحادياً من الاتفاق عام 2018 في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، وأعادت فرض عقوبات اقتصادية قاسية على طهران.
لكن إدارة بايدن أبدت نيتها العودة إلى الاتفاق، لكنها اشترطت لذلك استئناف إيران تنفيذ كامل التزاماتها النووية التي بدأت بالتراجع عنها اعتباراً من 2019، وفي المقابل تشدد طهران على أولوية رفع العقوبات.