كشفت وثائق محكمة كنديةٍ استخدام ممتلكات تابعة لصندوق الثروة السعودي وطائرات من وول ستريت وهوليوود في عملية اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي بقنصلية بلاده في إسطنبول التركية عام 2018، وفق ما ذكره تقرير لموقع Business Insider الأمريكي، الأربعاء 3 مارس/آذار 2021.
يأتي ذلك بينما يواجه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي يدير الصندوق السيادي، انتقادات كثيرة، بسبب تقرير الاستخبارات الأمريكية، الذي أدان وليَّ العهد السعودي وأكد موافقته على تصفية جمال خاشقجي، لكن إدارة جو بايدن رفضت معاقبة المسؤول السعودي.
ممتلكات صندوق الثروة السيادي لاغتيال خاشقجي
في ربيع عام 2018، بسط وادي السيليكون، وول ستريت وهوليوود وكبرى الجامعات الأمريكية السجادة الحمراء، لنحو ثلاثة أسابيع؛ من أجل الترحيب بولي العهد السعودي محمد بن سلمان، داخل الولايات المتحدة.
خلال الرحلة، التقى بن سلمان مع أوبرا وينفري، وروبرت مردوخ، وسيرجي برين، ومايكل دوغلاس، ومورغان فريمان، وجيف بيزوس، وبيل غيتس، وغيرهم.
في حين كان محمد بن سلمان هو واجهة تلك الجهود، كان صندوق الثروة السيادي الضخم -صندوق الاستثمارات العامة السعودي- بأصوله التي تقدَّر بـ400 مليار دولار ومن المتوقع أن تصل إلى تريليوني دولار، السببَ الحقيقي وراء جذب العديد من النخب التقنية والمالية والترفيهية للقاء وريث العرش السعودي، البالغ من العمر 32 عاماً.
بعد ستة أشهر، نقلت طائرتان مملوكتان لصندوق الثروة السيادي السعودي فرقة اغتيالات من الرياض إلى إسطنبول، حيث قتلوا المعارض السعودي وكاتب أعمدة صحيفة Washington Post الأمريكية داخل القنصلية السعودية. وبعدها حلّقت الطائرتان بفرقة الاغتيال عائدةً إلى السعودية.
واحدة على الأقل من هاتين الطائرتين كانت تعمل داخل الولايات المتحدة حتى أكتوبر/تشرين الأول على الأقل.
كشفتها وثائق محكمة كندية
انتشرت أنباء استخدام أصول صندوق الاستثمارات العامة في جريمة القتل، بفضل وثائق المحكمة المقدمة في كندا ضمن دعوى اختلاس قدَّمتها مجموعة من الشركات الحكومية السعودية ضد سعد الجبري.
الجبري هو مسؤول كبير سابق في المخابرات السعودية ويعيش الآن بالمنفى بعد زعمه سابقاً، في دعواه أمام محكمة واشنطن العاصمة، أنّ محمد بن سلمان حاول إرسال فرقة اغتيال لقتله، بعد فترةٍ وجيزة من اغتيال خاشقجي.
كشفت وثائق المحكمة الكندية، التي نقلتها شبكة CNN الأمريكية للمرة الأولى قبل أن تحصل عليها وتُراجعها مواقع Responsible وStatecraft وBusiness Insider الأمريكية، أن ملكية شركة Sky Prime Aviation انتقلت إلى صندوق الاستثمارات العامة في الـ22 من ديسمبر/كانون الأول عام 2017.
قامت طائرتان من طراز غلف ستريم النفاثة، المملوكة Sky Prime Aviation، بنقل قتلة خاشقجي من وإلى إسطنبول بعد أقل من عام على نقل ملكية الشركة إلى صندوق الاستثمارات العامة.
مطالب بتحقيق دولي في تلك الأصول
بدأت الوثيقة، التي تصف بالتفصيل نقل ملكية مجموعة من الشركات -منها Sky Prime Aviation- إلى صندوق الاستثمارات العامة، بالجملة التالية في أعلى الصفحة: "سري للغاية، غير مخصص للنشر، وعاجل للغاية".
نصت الوثيقة على التالي: "بموجب توجيهات سمو ولي العهد، ورئيس اللجنة العليا لقضايا الفساد العام، بأن تُنقل ملكية كافة الشركات المذكورة في الخطاب المشار إليه سابقاً لملكية صندوق الاستثمارات العامة، يُرجى الموافقة فوراً على استكمال الإجراءات اللازمة لذلك".
بينما قالت كيت كيزر، مديرة السياسات في مجموعة Win Without War الحقوقية: "بالنظر إلى الدور المحوري لولي العهد فيما يتعلق بالتحكم في الأصول والحكومة السعودية على نطاق واسع، يجب أن يكون هناك تحقيقٌ دولي مستقل؛ لتحديد أصول الدولة التي استُخدِمت في جريمة القتل البشعة هذه".
وفرض عقوبات على المسؤولين عن الصندوق
أدى نشر تقرير مكتب مدير الاستخبارات الوطنية، الأسبوع الماضي، والذي خلص إلى أن بن سلمان أعطى الضوء الأخضر لعملية "القبض على خاشقجي أو قتله"، إلى تطبيق عقوبات قانون ماغنيتسكي ضد رئيس المخابرات السعودية السابق وأعضاء المجموعة التي شاركت في جريمة القتل.
لكن إدارة بايدن اختارت عدم فرض عقوبات على محمد بن سلمان أو عقابه بشكلٍ مباشر، رغم تقييم التقرير الذي كشف أنه هو من وافق على العملية التي أدت إلى وفاة خاشقجي.
قال سونجيف بيري، المدير التنفيذي لمجموعة Freedom Forward الحقوقية: "يجب أن تطبق إدارة بايدن عقوبات قانون ماغنيتسكي العالمي وحظر السفر على مسؤولين بارزين في صندوق الاستثمارات العامة، بسبب استخدام طائرات الصندوق في نقل قتلة خاشقجي السعوديين بين السعودية وتركيا".
كما أضاف أنه من المثير للسخرية أن يقدّم الصندوق الدعم الجوي لقتلة خاشقجي من جهة، أثناء عقده صفقات تجارية مع Uber وغيرها من شركات وادي السيليكون من جهةٍ أخرى.
رغم عدم ذكر دور صندوق الاستثمارات العامة في التقرير أو إعلان العقوبات، فإن دور محمد بن سلمان كرئيس للصندوق واستخدام أصوله يثيران التساؤلات حول تورط الصندوق في الاغتيال وعِلم مسؤولي الصندوق الآخرين بأمر عملية اختطاف أو قتل خاشقجي.
بينما لم يستجب صندوق الاستثمارات العامة لطلبات التعليق حول دور طائراته في الجريمة، أو معرفته وتورطه في الموافقة على أو تشغيل الرحلات الجوية إلى إسطنبول.