تحت عنوان "عقد من الدمار: الهجمات على قطاع الرعاية الصحية في سوريا"، وثّقت "لجنة الإنقاذ الدولية" ما وصفته بالعواقب المدمرة للهجمات على المرافق الصحية بسوريا خلال عشر سنوات كـ"استراتيجية حرب"، على الرغم من أنها محمية من الهجوم، بموجب القانون الدولي ويجب أن تكون ملاذات آمنة في أوقات الحاجة الماسة.
حيث أكدت اللجنة الدولية في تقرير، أعدته بشراكة مع منظمات محلية سورية، أنه منذ اندلاع الثورة السورية في مارس/آذار 2011، يتحمل المدنيون وطأة العنف ومعاناة لا توصف. وقد تضررت منشآتهم الصحية بشدة بشكل خاص، مشيرة إلى أن الهجمات على المرافق الصحية بسوريا أدت إلى شلل كبير في قدرة البلاد على مواجهة جائحة "كورونا".
خلص التقرير، الذي نشرته صحيفة The Independent البريطانية، الأربعاء 3 مارس/آذار 2021، إلى أنه حتى مع انتشار جائحة كوفيد-19 في عام 2020، استمرت الهجمات، ودُمرت المستشفيات، وقُتل العاملون في المجال الطبي، ومُنع كثيرون من التماس وتلقي الرعاية الطبية المنقذة للحياة، وقد خاطر الممارسون الطبيون السوريون المتبقون بحياتهم لتوفير الرعاية الصحية وسط أعمال عنف مروعة، على الرغم من نقص المعدات والأدوية.
أرقام مفزعة
يأتي التقرير، المبني على استطلاع لآراء المدنيين وعمال الرعاية الصحية في شمال غربي البلاد الذي تسيطر عليه المعارضة، بالتزامن مع اقتراب البلاد من الذكرى العاشرة لاندلاع النزاع.
وجد استطلاع الرأي أن ثُلث المشاركين شهدوا بشكلٍ مباشر، هجوماً على أحد مرافق الرعاية الصحية، بينما قال نصفهم إنّهم يخشون الذهاب لطلب الرعاية الطبية؛ خشية الهجمات.
أشار التقرير أيضاً إلى أن 64% من المستشفيات و52% من مراكز الرعاية الصحية الأولية فقط تعمل في جميع أنحاء سوريا، بينما هاجر ما يقدر بـ70% من القوى العاملة الصحية من البلاد، موضحاً أن 12 مليون سوري يحتاجون إلى المساعدة الصحية، ثلثهم تقريباً بحاجة إلى خدمات الصحة الإنجابية وصحة الأم وحديثي الولادة والأطفال، فضلاً عن تأثر 59% من المدنيين في شمال غربي سوريا بشكل مباشر بالهجوم على مرافق الرعاية الصحية.
كذلك، شكّلت الغارات الجوية 72% من الهجمات التي تعرضت لها المرافق الصحية، وأفاد 84% من العاملين الصحيين بأن الهجمات على الرعاية الصحية أثرت عليهم بشكل مباشر وعلى فريقهم أو مرضاهم، و81% يعرفون مرضى أو زملاء قُتلوا في الهجمات، ويخشى 56% من السوريين العيش بالقرب من منشأة صحية؛ خشية التعرض لخطر الهجوم.
دمار النظام الصحي في سوريا
التقرير شدّد على أن "الحرب المستمرة منذ نحو 10 سنوات، دمرت النظام الصحي في سوريا، لكن المناطق الأكثر تضرراً كانت المناطق التي تُسيطر عليها المعارضة بالبلاد، والتي تعرضت للاستهداف بواسطة ما وصفه عمال الإغاثة بالحملة المستمرة لسنوات من القصف الروسي وقصف نظام الأسد، والضربات الجوية المصممة لجعل تلك المناطق من البلاد غير صالحة للحياة".
كما لفت التقرير إلى أن المجتمع الدولي أثبت عجزه حتى الآن عن تحميل المسؤولية للأطراف المسؤولة عن الانتهاكات المرتكبة خلال النزاع السوري، مؤكداً أن "الحقوقيين عانوا، من أجل الوصول إلى علاج؛ لضعف الاستجابة الدولية الحقيقية للانتهاكات المرتكبة خلال النزاع السوري"، لافتاً إلى أن "استهداف المنشآت الطبية تواصل، ربما من خلال المعلومات الاستخباراتية التي قدمها الخونة أو بواسطة موظفي الأمم المتحدة الذين يتعاونون سراً مع نظام بشار الأسد".
من جهته، وصف ديفيد ميليباند، الرئيس والمدير التنفيذي للجنة الإنقاذ الدولية، سوريا بأنها "خير مثال" على ما وصفه بـ"عصر الإفلات من العقاب، حيث يجري تجاهل قواعد الحرب، وتتواصل الهجمات على مرافق الرعاية الصحية بما ينتهك القانون الدولي دون عواقب"، محذّراً من أن سوريا قد تصير "دليلاً للحروب المستقبلية التي ستشهد تحول الفوضى والوحشية إلى قاعدة، بدلاً من أن تكون استثناءً".
ميليباند أوضح أن المجتمع الدولي يمتلك خياراً لقيادة الجهود الجماعية، من أجل ضمان استمرار وصول المساعدات للسوريين، كما يمكنه وضع خطوات هادفة إلى لمحاسبة المسؤولين عن الهجمات، على حد قوله.