بينما يتظاهر العشرات في شوارع بيروت.. حزب الله يشتبك سياسياً مع البطريرك الماروني ويرفض تدويل الأزمة

عربي بوست
تم النشر: 2021/02/28 الساعة 20:04 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/02/28 الساعة 20:04 بتوقيت غرينتش
احتجاجات لبنان الشعبية طالبت برحيل الطبقة السياسية بأكملها، أرشيفية/ رويترز

في الوقت الذي تظاهر فيه عشرات اللبنانيين في العاصمة بيروت؛ احتجاجاً على أزمة انقطاع التيار الكهربائي في البلاد، أعلن النائب اللبناني حسن فضل الله، عضو كتلة "الوفاء للمقاومة"، التي تمثل جماعة "حزب الله"، رفضهم للتصريحات الأخيرة التي قالها البطريرك الماروني، بشارة بطرس الراعي، والتي دعا فيها إلى تدويل الأزمة المحلية.

حيث أكد فضل الله، في أول تعليق رسمي من حزب الله رداً على تصريحات الراعي، أن التجارب بينت أن طرح التدويل للبنان سيؤدي إلى تهديد وجوده​، متسائلاً: "ماذا فعل التدويل في ​سوريا​ و​ليبيا​ و​العراق​؟"، مشدّداً على أن المعالجة والحلول تبدأ من الداخل.

فضل الله قال، لمحطة "إل بي سي" التلفزيونية الخاصة: "لا نناقش في موقع بكركي (الكنيسة المارونية) ودورها ومن تمثل، بل في الطرح السياسي الذي قدمته"، مضيفاً: "كنّا نتوقع تصرفاً مختلفاً حول ما حصل في بكركي، لكن هناك من يتلطى خلف البطريركية المارونية"، مشدّداً على أنه "يجب التفريق بين التدويل والمؤتمر الدولي من جهة، وطلب المساعدة من جهة أخرى".

كان البطريرك الماروني، بشارة بطرس الراعي، قد دعا من بكركي (شمال)، السبت 27 فبراير/شباط الجاري، إلى عقد مؤتمر دولي، برعاية الأمم المتحدة، لـ"إنقاذ لبنان" وجعله على "الحياد"، وذلك وسط حالة انقسام واحتقان حاد في لبنان.

حلول داخلية

النائب اللبناني شدّد على أن "عدم اتفاق اللبنانيين على حلول داخلية لا يعني استدعاء الدول الأخرى لتفرض وصايتها. ومن يريد التمسك باتفاق الطائف يجب أن لا يدعو الدول إلى لبنان لحل الأزمة".

كما أضاف: "لبنان بلد متنوع، وفيه آراء كثيرة، والجميع له الحق في التعبير مع احترام الآخر وتعدد الآراء، ولغبطة البطريرك آراؤه، ونحن لدينا آراؤنا، هو يرى في التدويل حلاً لمشكلة لبنان، ونحن نرى في هذا الطرح تعقيداً للمشكلة، لأن ما يهم الدول مصالحها ولها حساباتها؛ فالولايات المتحدة هي المؤثر الأساسي في الأمم المتحدة، ولا تنظر إلى الأمور إلا من زاوية المصالح والأطماع الإسرائيلية".

فيما قال إن "البطريرك له توصيفه للوقائع والأزمة الحالية وأسبابها وطرق معالجتها، ونحن نختلف معه في هذا التوصيف. فلا يمكن تجاهل العامل الإسرائيلي عند الحديث عن التدويل الذي هو خطر على لبنان، ورأينا ما حلَّ في ليبيا والعراق وسوريا بسبب التدويل فهل حمى المسيحيين؟، أين هم المسيحيون في هذه الدول؟، فلو لم تدافع عنهم الدولة السورية والمقاومة لما بقي منهم أحد هناك"، على حد قوله.

كذلك تساءل فضل الله: "أين يقع الخطر الإسرائيلي الوجودي على لبنان في مثل هذا الخطاب؟، وهل نحيد لبنان بالتخلي عن عناصر قوته وعن مقاومته لنتركه للعدوانية الإسرائيلية؟، وهل لديهم ضمانة بأن لا تعتدي إسرائيل؟"، مؤكداً أن "الناس اليوم أكثر من أي وقت تتمسك بالمقاومة (حزب الله) وسلاحه".

"لبنان يواجه حالة انقلابية"

يشار إلى أن الراعي كان قد صرّح، السبت 27 فبراير/شباط 2021، بأنهم يواجهون ما وصفها بالحالة الانقلابية في كل الميادين، مطالباً اللبنانيين بألا يسكتوا عما وصفه بالفساد، والحدود السائبة، وفشل الطبقة السياسية، والانقلاب على الدولة والنظام، والسلاح غير الشرعي (في إشارة إلى سلاح حزب الله).

جاء ذلك في كلمة ألقاها "الراعي" في حشد من اللبنانيين أمام البطريركية المارونية في منطقة بكركي، وفي حضور عدد من رجال الدين المسيحيين والمسلمين.

إذ أكد البطريرك الماروني أنَّ هدف دعوته إلى عقد مؤتمر دولي لإنقاذ لبنان هو إعلان حياد البلاد التي يجب ألا تعود ضحية للصراعات، وذلك بعد تأكدهم من أن كل ما طُرح تم رفضه؛ لـ"بقاء الفوضى، وكي تسقط الدولة، ويتم الاستيلاء على السلطة"، مشيراً إلى أنهم يريدون من المؤتمر الدولي تثبيت الكيان اللبناني، الذي قال إنه مُعرَّض جدياً للخطر، فضلاً عن أنه يهدف إلى "تجديد وجودنا السيادي، وإحياء هويتنا المعطلة"، وفق قوله.

لفت "الراعي" إلى أن خروج لبنان عن الحياد تسبب دائماً بانقسام اللبنانيين، مشيراً إلى أن كل الحلول الأخرى في لبنان وصلت إلى طريق مسدود، مضيفاً: "لو تمكن السياسيون من إجراء حوار مسؤول لَما طالبنا بعقد مؤتمر دولي برعاية أممية، ونحن لن نقبل أن يجوع الشعب ويعيش الفقر".

إلا أن البطريرك الماروني أكد أن "الشراكة المسيحية الإسلامية في لبنان غير قابلة للمس"، وهنا قاطعه المشاركون في الفعالية بشعارات: "الشعب يريد إسقاط النظام"، و"ارحل ميشال عون"، و"حزب الله إرهابي"، على حد قولهم.

يذكر أن حزب الله يمتلك أسلحة متطورة وصواريخ، الأمر الذي شكَّل خلافاً بين الأطراف اللبنانية بين مؤيد بدعوى "مواجهة إسرائيل"، ومن يعتبره سلاحاً غير شرعي، ويطالب بحصر قرار الحرب والسلم بيد الدولة فقط.

على إثر الخلافات بين القوى السياسية اللبنانية، لم تتمكن البلاد حتى الآن من تشكيل حكومة جديدة، منذ أن استقالت حكومة تصريف الأعمال الراهنة برئاسة حسان دياب، في 10 أغسطس/آب 2020، بعد 6 أيام من انفجار كارثي بمرفأ العاصمة بيروت.

احتجاجات متواصلة في لبنان

في سياق متصل، قطع عشرات اللبنانيين، الأحد، طرقاً رئيسة في العاصمة بيروت؛ احتجاجاً على تكرار انقطاع التيار الكهربائي في البلاد.

إذ تشهد العديد من المناطق اللبنانية تزايداً في انقطاع التيار الكهربائي منذ نحو أسبوع.

فقد قطع المحتجون طريق "كورنيش المزرعة"، و"سليم سليم"، و"بشارة الخوري"، وسط بيروت، بالإطارات المشتعلة ومستوعبات النفايات، مطالبين بعودة التيار الكهربائي.

إلا أنه بعد أكثر من ساعة قام المحتجون من تلقاء أنفسهم بفتح الطرق التي كانوا يغلقونها، دون أي تدخل أمني لإجبارهم على ذلك.

كانت مؤسسة كهرباء لبنان أصدرت بياناً، يوم الجمعة الماضي، أعلنت فيه تعذر تأمين مادة "الفيول" التي تستخدم لتشغيل محطات الكهرباء؛ بسبب صعوبة استكمال "الإجراءات المصرفية".

في اليوم التالي، أعلن المكتب الإعلامي لوزير المالية، غازي وزني، أنه وقّع فتح الاعتمادات لصالح مؤسسة كهرباء لبنان، من أجل شحنة "الفيول أويل".

ويعاني لبنان منذ سنوات، أزمة حادة في توفير الكهرباء، وتصاعدت في الأشهر الأخيرة بسبب شح الوقود لارتباط استيراده بالدولار الذي سجل ارتفاعاً قياسياً في البلاد.

يشار إلى أنه تخيم على لبنان أسوأ أزمة اقتصادية منذ انتهاء الحرب الأهلية (1975 – 1990)، أدت الى انهيار مالي، وتدهور في قيمة الليرة اللبنانية، وتراجع غير مسبوق في احتياطي العملات الأجنبية لدى المصرف المركزي، وقد زادت تلك الأزمة سوءا تداعيات انفجار المرفأ وجائحة "كورونا".

تحميل المزيد