بعد الجدل الأخير المثار حول الاستهداف التركي لعناصر حزب العمال الكردستاني بقضاء سنجار فى العراق، عقدت الفصائل الموالية لإيران اجتماعاً عاجلاً لبحث سبل التصدي لأنقرة في المنطقة.
وحسب المعلومات التي حصل عليها "عربي بوست" من مصادر سياسية وشبه عسكرية شيعية فإن الاجتماع حضره كل من قادة فصيل "النجباء" التابع لحزب الله وحزب العمال الكردستاني، وقوات المقاومة الإيزيدية في قضاء سنجار وضباط من الحرس الثوري الإيراني، نهاية الأسبوع الجاري.
وكشفت المصادر ذاتها أن قوات الحشد الشعبي قررت عدم ترك قضاء سنجار للهجوم التركي، بالإضافة إلى تكليف لواء تابع لفصيل "النجباء" وهو أحد الفصائل العراقية المسلحة المدعومة من إيران بالتمركز في منطقة قضاء سنجار.
تفاصيل الاجتماع
كشف قائد بارز في فصيل مسلح مدعوم من إيران مطلع على تفاصيل الاجتماع لـ"عربي بوست" أن "قادة الحشد الشعبي وقرروا عدم ترك قضاء سنجار عرضة للهجوم التركي، وذلك بضرورة التنسيق مع الحرس الثوري الإيراني وحزب العمال الكردستاني لدراسة ومناقشات سبل حماية الإقليم من أنقرة في الأيام المقبلة".
وحسب المعلومات التي حصل عليها "عربي بوست" فإن الاجتماع حضره القيادي في حزب الله اللبناني محمد كوثراني، الذي كان في زيارة إلى طهران قبل الاجتماع بأيام قليلة.
مقابل ذلك كشف قائد شبه عسكري لـ"عربي بوست" أن "الحاضرين للاجتماع اتفقوا على أن يُدير لواء "النجباء" المنطقة الجنوبية من قضاء سنجار بالكامل، ومساعدة حزب العمال الكردستاني لهم، الذي سيتم رفع مستوى تسليحه من قبل كتائب حزب الله العراقية".
وبخصوص تسليح مقاتلي حزب العمال الكردستاني المتواجدين في قضاء سنجار، قال المصدر ذاته إن "حزب العمال الكردستاني يفتقر إلى أنواع من الذخيرة والصواريخ 107 ملم، وقد تم توفيرها لمقاتليه في اليوم التالي من الاجتماع، وهي الصواريخ القادمة من طهران".
وقال المصدر ذاته: "اتفقنا واجتمعنا على مساعدة حزب العمال الكردستاني في مواجهة الاعتداءات التركية، وعدم السماح لداعش باستغلال الهجمات التركية، والتسلل إلى قضاء سنجار مرة أخرى، كما أن حزب العمال الكردستاني له خبرة طويلة فى مواجهة داعش".
تأمين طريق العمال الكردستاني
وكان من أهم نتائج الاجتماع بحسب عدد من القادة شبه العسكريين كانوا ضمن الحضور تأمين الممرات التي يستخدمها حزب العمال الكردستاني بين سوريا والعراق، وبالتحديد الطريق الرابط بين الحسكة وقضاء سنجار.
وكشفت مصادر "عربي بوست" أن "تركيا تُدمر الممرات بين الحسكة وقضاء سنجار لاستهداف حزب العمال ومنعه من الوصول إلى شمال شرق سوريا حيث يسيطر الأكراد هناك، خصوصاً أن سنجار منطقة استراتيجية في هذا الموقع، كما أن هذه المنطقة يستخدمها الأمريكيون لضرب قوات المقاومة (الحشد الشعبي)، لذلك وجدنا أنه من المهم تأمين هذه المناطق من خلال التعاون بين الحشد وحزب العمال وتنسيق المعلومات بينهما".
أيضاً اتفق قادة الفصائل المسلحة الموالية لإيران، مع مقاتلي حزب العمال الكردستاني، على بسط يد حزب العمال الكردستاني فى بلدة مخمور، التي تقع في محافظة نينوى شمال العراق، وتضم مخيمات للأكراد، وتتهم السلطات التركية هذا المخيم بأنه يؤوي عناصر من حزب العمال الكردستاني المتورطة في استهداف الأراضي التركية.
وكان وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار في زيارته للعراق في يناير/كانون الثاني 2021 قد أكد على ضرورة أن تتعاون حكومتا بغداد وأربيل مع أنقرة للتصدي لعناصر حزب العمال الكردستاني فى بلدة مخمور.
مخاوف بغداد وأربيل
تحرك الفصائل المسلحة الموالية لإيران في قضاء سنجار ودعمها لحزب العمال الكردستاني ومساعدته على التصدي للهجمات التركية أثار الكثير من المخاوف في كل من بغداد وأربيل.
مصدر استخباراتي رفيع المستوى بالعاصمة العراقية بغداد قال لـ"عربي بوست" إن "اتفاق قضاء سنجار بين حكومتي بغداد وأربيل كان الغرض منه إخلاء سنجار من الفصائل المسلحة الموالية لإيران، والتخلص من حزب العمال الكردستاني فى هذه المنطقة، وإعادة إعمار سنجار والمناطق المحيطة به، لكن ما حدث هو العكس تماماً، فبدلاً من مواجهة الفصائل المسلحة أصبحنا أمام سيطرتها الكاملة على الإقليم".
وأضاف المصدر ذاته أن "العراق على أعتاب انتخابات برلمانية، وبالطبع ستقوم الفصائل المسلحة بالسيطرة على أصوات الناخبين في قضاء سنجار تحت تهديد السلاح، وهذا من الممكن أن يزعزع استقرار البلاد فى المرحلة الصعبة التي تمر بها".
من جهتها أصبحت حكومة أربيل في شمال العراق متخوفة خصوصاً بعد أن استهدفت القوات الأمريكية قاعدة الحرير بأربيل ومطار أربيل الدولي في الأيام الماضية من قبل جماعة مجهولة تُدعى "أولياء الدم"، وقد اتهم الساسة الأكراد في أربيل الفصائل الموالية لإيران بالوقوف وراء هذه الهجمات.
مصدر أمني كردي قال لـ"عربي بوست" إن "سيطرة الفصائل الشيعية على قضاء سنجار، وتقوية حزب العمال الكردستاني من الممكن أن تنذر بالمزيد من الهجمات على أربيل، كما أن حزب العمال الكردستاني على خلاف مع الحزب الديمقراطي الكردستاني، لذلك نخشى أن يشن مقاتلو حزب العمال هجوماً على أربيل في المستقبل القريب".
وسبق أن استهدف حزب العمال الكردستاني، أربيل التي يسيطر عليها الحزب الديمقراطي الكردستاني برئاسة مسعود بارزاني، بسبب العلاقة الوثيقة بين الأخير وأنقرة، وموافقته تركيا على استهداف مقاتلي حزب العمال داخل الأراضي الكردية في شمال العراق.
من جهتها تخشى حكومة مصطفى الكاظمي في بغداد من تطور الأمور في قضاء سنجار، خاصة بعد السيطرة الكاملة من الفصائل الموالية لإيران على المنطقة، بحجة حماية سنجار من التدخل التركي.
يقول المصدر الاستخباراتي العراقي ببغداد، لـ"عربي بوست" إن "الفصائل المسلحة الموالية لإيران ترى أن الكاظمي لم يبدِ اعتراضاً على الهجمات التركية على الأراضي العراقية، كما أنهم يخشون من زيادة النفوذ التركي في العراق، مما يهدد النفوذ الإيراني، لذلك نتوقع في الأيام المقبلة مواجهات عديدة سواء داخل بغداد أو في أربيل".