قالت صحيفة Washington Post الأمريكية، في تقرير نشرته السبت 17 فبراير/شباط 2021، إن روسيا تلجأ إلى خطة أطلقت عليها اسم "خطة الحصن"؛ وذلك لمنع منظمات حقوق الإنسان من مساعدة النشطاء الروس المحتجزين في السجون على خلفية مظاهرات المعارضة.
خطة الحصن هذه التي ذكرها التقرير، كانت موسكو قد اعتادت أن تطلقها على بروتوكول سري يتضمن إغلاق مراكز الشرطة الروسية في حالة وقوع هجوم مسلح من جانب متظاهرين أو أي جماعات منظمة إجرامية .
خطة لمنع التعاطف مع سجناء روسيا
مجموعة المراقبة المستقلة التي تتابع انتهاكات أجهزة الشرطة بالبلاد OVD-Info، قالت في تعليقها على الأمر، إن الجهود التي تبذلها الحكومة الروسية والتي تسعى من ورائها لمنع المحامين من التضامن مع السجناء السياسيين، هي سياسة تبدأ السلطة العمل بها مباشرة بعد اعتقال متظاهرين.
وليس أكثر دلالة على ذلك من قضية المعارض الشهير والمسجون حالياً أليكسي نافالني، إلا أن جهود الكرملين لوصم المعارضة بالعنف، بتحريض من بلدان أجنبية لتقويض البلاد، قد بدأت في التآكل.
فبالتزامن مع خروج بعض المعتقلين -الذين يزيد عددهم على 11 ألف فرد- من مراكز الاعتقال المكتظّة، انتشرت رواياتهم عن العنف، والخوف، وانتهاكات حقوق الإنسان المحتملة.
اعتقالات وتعذيب في سجون روسيا
بعد الإفراج عن آلاف المعتقلين، بدأت تظهر للعلن روايات عن تعرُّض المعتقلين للضرب بالهراوات، أو الصعق بالصواعق الكهربية، ووصفوا حرمانهم من الطعام، والمياه، واستخدام المرحاض لفترات تصل إلى 16 ساعة، حسب البلاغات التي جمعها فريق OVD-Info، ومحامون حقوقيون، ولقاءات أجرتها صحيفة Washington Post الأمريكية.
كذلك فقد هُددت بعض المعتقلات بالاغتصاب، حسبما يشير غريغوري دورنوفو من فريق OVD-Info.
في المقابل سجلت الشرطة أكثر من 90 جريمة جنائية وما يزيد على 9000 جنحة بحق المعتقلين في 125 مدينة بأنحاء البلاد خلال موجة الاحتجاجات التي نادت بالإفراج عن نافالني، زعيم المعارضة الذي عاد من ألمانيا إلى روسيا في 17 يناير/كانون الثاني 2021، بعد علاجه من التسمم بأحد سموم الأعصاب على يد أحد العملاء في أغسطس/آب 2020 بسيبيريا.
وذكرت المجموعة الحقوقية أنه لم تصدر أحكام بالبراءة لأي من المعتقلين.
إضافة إلى ذلك، فليس من الواضح كيف ستتمكن المجموعات الحقوقية وغيرها من متابعة قضايا المعتقلين. ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أنه في الماضي، أدت مزاعم مماثلة ضد السلطات الروسية إلى اللجوء للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، التي أدانت مراراً الحملات القمعية الروسية ضد الاحتجاجات وحملات الاعتقالات والاحتجاز غير القانونية.
إدانات لملف حقوق الإنسان في روسيا
لكن في المقابل أدانت وزارة الخارجية الأمريكية، الشهر الماضي، "استخدام روسيا إجراءات عنيفة ضد المحتجين والصحفيين".
فيما ردَّ المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، بالقول إن بلاده لم "تمارس قمعاً". ووصف شهادات المعتقلين عن الإساءات، بأنها مُختَلقة أو كاذبة.
من جانبه يقول غريغوري دورنوفو من فريق OVD-Info، إنه حسب الشهادات التي جمعها فريق OVD-Info الحقوقي، أُخذ بعض المحتجين إلى غرف خاصة تعرضوا فيها للضرب بأقسام الشرطة في العاصمة موسكو ومدينة سانت بطرسبرغ.
في حين قال معتقلون إنهم مُنعوا من حيازة هواتفهم والاتصال بالمحامين أو العائلة. ومن حاول منهم الدفاع عن حقوقه مُنع من استخدام المرحاض لساعات طويلة، أو حُكم عليهم بعقوبات أطول.
لكن حتى الآن لا توجد تأكيدات حقيقية حول صحة الشهادات، إلا أن تلك الروايات تتفق مع الفيديوهات، والشهادات التي تداولتها وسائل إعلام محلية، ومجموعات حقوقية، وأدلة قدّمت للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان إبان احتجاجات سابقة.
يقول غريغوري دورنوفو من فريق OVD-Info: "إننا نشهد الآن حرباً ضد محامي ومنظمات حقوق الإنسان، مثل منظمتنا. إنهم يخفون المعتقلين عن محامي حقوق الإنسان أو يعرقلون الطريق أمامهم كما لو لم يكن هناك محامون".
كما أشار إلى أن متطوعة من المعارضة، تُدعى أليونا كيتاييفا، ذكرت أن شرطياً وضع كيساً بلاستيكياً على رأسها، وركلها، وضربها، وهددها بالصعق بالكهرباء ما لم تفتح هاتفها.
التعذيب في الزنازين
من ناحية أخرى يصف المحتجزون زنازين الشرطة الخالية من المراتب، أو التدفئة، أو الوسائد. وأُمر البعض بالاستيقاظ في منتصف الليل دون سبب واضح، ونُقلوا في شاحنات صغيرة ورُحلوا إلى أقسام شرطة أخرى.
محامي سانت بطرسبرغ، سيرجي لوكتيف، الذي مثَّل بعض المتظاهرين، قال في حديثه عن التعذيب بالسجون، إنهم يضيّقون الخناق. هذا ما يحدث الآن. إذا كان لشخص ما، وجهة نظر مختلفة عن وجهة نظر السلطات، فلا بد أن يُدمَّر هذا الرأي، على حد قوله.
على الجانب الآخر، شدد خطاب ألقاه الرئيس فلاديمير بوتين، الأربعاء 24 فبراير/شباط 2021، أمام قادة جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، وكالة الاستخبارات المحلية التي خلفت لجنة أمن الدولة، على قلق الكرملين.
إذ وصف بوتين الحركة المؤيدة لنافالني بأنها حملة غربية تهدف إلى "زعزعة الاستقرار الداخلي، وإضعاف روسيا وإخضاعها للسيطرة الخارجية في نهاية المطاف".
في المقابل اعتقلت السلطات كافة أعضاء فريق نافالني الذين لم يفروا من البلاد، وفرضت عليهم لاحقاً الإقامة الجبرية، كما ألقت السلطات القبض على 37 شخصاً من منسقي عمله الإقليميين وتركت منسقاً واحداً فقط حراً.