قررت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، الجمعة 26 فبراير/شباط 2021، عدم معاقبة ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، في قضية اغتيال الصحفي المعارض جمال خاشقجي، على الرغم مما كشفه تقرير المخابرات الأمريكية بأن بن سلمان وافق على قتل خاشقجي، وأمر بذلك على الأرجح، وذلك وفقاً لما كشفته صحيفة "نيويورك تايمز".
إذ أكد مسؤولون رفيعو المستوى في إدارة بايدن أن ثمن تلك الخطوة (معاقبة بن سلمان) باهظ للغاية، حسب الصحيفة الأمريكية، التي لفتت إلى أن هذا الأمر سيخيب آمال مجتمع حقوق الإنسان وأعضاء الحزب الديمقراطي الذين اشتكوا من المعاملة المفضلة لولي العهد السعودي خلال إدارة الرئيس الأمريكي السابق ترامب.
إلا أن مساعدي بايدن أشاروا إلى أنه من الناحية العملية لن تتم دعوة ولي العهد السعودي إلى زيارة الولايات المتحدة في أي وقت قريب.
بينما هناك توافق داخل البيت الأبيض على أن ثمن الإضرار بالعلاقات مع السعودية -التي تُعتبر من أهم حلفاء واشنطن في المنطقة- سيكون عالياً للغاية فيما يتعلق بالتعاون بشأن محاربة الإرهاب ومواجهة إيران.
يشار إلى أن العديد من منظمات حقوق الإنسان تضغط على إدارة بايدن، من أجل فرض نفس عقوبات السفر –كحد أدنى- على ولي العهد التي فرضتها إدارة ترامب على الآخرين المتورطين في جريمة قتل خاشقجي.
الصحيفة الأمريكية رأت أن قرار بايدن يأتي بعد أسابيع من المناقشات مع فريقه الأمني، الذي توصل لاستنتاجٍ مفاده أنه ليس هناك أي طريق لمنع الأمير محمد بن سلمان من دخول الولايات المتحدة أو توجيه تهم جنائية إليه دون إلحاق ضرر بالعلاقات مع السعودية.
تقرير خاشقجي يتحدث عن نفسه
في السياق ذاته، قال وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، الجمعة، إن تقييم المخابرات بشأن مقتل خاشقجي يتحدث عن نفسه، وإن الخطوات التي اتخذتها واشنطن مهمة لإعادة ضبط العلاقات الأمريكية السعودية.
لكن بلينكن لم يتطرق إلى سبب إحجام الولايات المتحدة عن فرض عقوبات على ولي العهد السعودي، بينما أشار إلى أن بلاده اتخذت عدداً من الخطوات لمنع أي سلوك مماثل للمملكة في المستقبل.
في وقت سابق من الجمعة، قدّمت إدارة بايدن تقريراً غير سري إلى الكونغرس قالت إنه تميّز بالشفافية بشأن هذه الجريمة المروعة.
التقرير أدرج أسماء 21 فرداً، لدى المخابرات الأمريكية ثقة بتورطهم أو مسؤوليتهم عن مقتل خاشقجي نيابة عن ولي العهد السعودي الذي وافق على قتل خاشقجي، لأنه كان يراه يمثل تهديداً للمملكة.
سياسة "حظر خاشقجي"
لكن إضافة إلى تقديم هذا التقرير، وكجزء من تعهّد بايدن، أعلنت حكومة الولايات المتحدة عن تدابير إضافية لتعزيز إدانة العالم لتلك الجريمة، والردّ على الحكومات التي تتجاوز حدود بلادها لتهدّد الصحفيين ومن تعتبرهم معارضين لها ومهاجمتهم بسبب ممارسة حرياتهم الأساسية.
لذا، أُعلِنَ، الجمعة، عن سياسة جديدة باسم "حظر خاشقجي"، لتقييد منح التأشيرات وفقًا للمادة 212 (أ) (3) (ج) من قانون الهجرة والجنسية.
تسمح هذه السياسة لوزارة الخارجية الأمريكية بفرض قيود على التأشيرات على الأفراد الذين يُعتقد أنهم شاركوا، نيابة عن حكومة أجنبية، بشكل مباشر في أنشطة جادّة مناهضة للمعارضين خارج الحدود الإقليمية، وضمن ذلك قمع ومضايقة ومراقبة وتهديد أو الإضرار بالصحفيين أو النشطاء أو غيرهم من الأشخاص الذين يُنظر إليهم على أنهم منشقون، بسبب نشاطهم.
كما تشمل هذه السياسة أولئك الذين ينخرطون في مثل هذه الأنشطة ضدّ عائلات هؤلاء الناشطين والمعارضين أو المقربين منهم. ويمكن أن تمتد سياسة تقييد التأشيرة هذه لتشمل أفراد عائلات الأفراد الذين يقومون بهذه الممارسات، عند الاقتضاء.
في أول تطبيق عملي لهذه السياسة الجديدة، اتخذت وزارة الخارجية الأمريكية إجراءات بموجب سياسة "حظر خاشقجي" لفرض قيود على تأشيرات الدخول إلى الولايات المتحدة على 76 فرداً سعودياً يُعتقد أنهم شاركوا في تهديد منشقين بالخارج، من ضمنهم، على سبيل المثال لا الحصر، مقتل خاشقجي.
عند تحديد الأفراد لأغراض "حظر خاشقجي"، ستدرس السلطات الأمريكية أيضاً إمكانية تصنيفهم بموجب المادة 7031 (ج) من قانون اعتمادات وزارة الخارجية والعمليات الخارجية والبرامج ذات الصلة لعام 2020، كما تم ترحيله بموجب قانون CA لعام 2021، الذي يعطي صلاحية رفض منح التأشيرات لهؤلاء لأشخاص ولأفراد أسرهم المباشرين، ويسمح بتحديد هويتهم علانية.
إذ قالت الولايات المتحدة، إنه "من الضروري من أجل سلامة الجميع داخل حدودنا، لا ينبغي السماح للجناة الذين يستهدفون المنشقين المفترضين نيابة عن أي حكومة أجنبية بدخول الأراضي الأمريكية".
كما وجّه وزير الخارجية الأمريكي وزارته بأن تقدم تقريراً كاملاً عن أي أنشطة خارج الحدود الإقليمية من قبل أي حكومة، وذلك من خلال تقاريرها السنوية الخاصّة بكل بلد حول ممارسات حقوق الإنسان، مشدّداً على أن الولايات المتحدة ستستمرّ في تسليط الضوء على أي حكومة تستهدف الأفراد، سواء محلياً أو خارج إقليمها، لمجرد ممارستهم حقوقهم الإنسانية وحرياتهم الأساسية.
كان بايدن قد أعلن، في بيان صدر في أكتوبر/تشرين الأول 2020، بالذكرى الثانية لمقتل خاشقجي، أن وفاة الصحفي السعودي يجب ألا تذهب سدى، و"إننا مدينون لذكراه بضرورة الكفاح من أجل عالم أكثر عدلاً وحرية".