كشفت صحيفة New York Times الأمريكية، الثلاثاء 23 فبراير/شباط 2021، في تقرير لها، عن تفاصيل اجتماع غير معلن بين رئيس النظام السوري الأسد وصحفيين موالين له لمناقشة الأوضاع الاقتصادية المتأزمة في البلاد؛ حيث تحدث الأسد عن "طلب غريب" قال إنه يساعد في حل الأزمة الاقتصادية.
وقف برامج الطبخ لمواجهة تدهور الاقتصاد!
الصحيفة الأمريكية نقلت تفاصيل ما حدث في اللقاء السري عن شخصين شاركا بالاجتماع، إذ كشفا أن رئيس النظام السوري تحدث معهم عن الأزمة الاقتصادية، مشيراً إلى أنه يعرف سبب انهيار الليرة السورية ومطلع على كل شيء، إلا أنه فضل أن يسمع من الإعلاميين الموالين له.
الأسد تحدث عن أمر غريب قال إن من شأنه أن يحل الأزمة الاقتصادية، إذ طلب من العاملين في القنوات التلفزيونية وقف برامج الطبخ "لكي لا تزعج السوريين بصور الطعام الذي لن يتمكنوا من توفيره وسط الأزمة الخانقة وتدهور الليرة السورية".
الصحيفة قالت إن الاجتماع ساد فيه جو من التوتر، عندما سأل أحد الصحفيين الأسد عن رؤيته لطريقة تعامله مع سخط مواليه عليه بسبب التدهور الاقتصادي، ليتدخل مستشار الأسد وليقوم بمقاطعة الصحفي بغضب.
فيما قال الأسد للصحفيين خلال الاجتماع بهم إنه ستتم معالجة الوضع الاقتصادي لكن دون أن يقدم رؤية واضحة أو خطة ملموسة لذلك، إلا أنه طلب من الإعلاميين المتواجدين في الاجتماع وقف عرض برامج الطبخ "لكي لا تزعج السوريين بصور طعام بعيدة المنال".
الصحيفة الأمريكية وصفت الأسد بالقائد "المنفصل عن شعبه" قائلة إن ظل متمسكاً "بالتفاهات التي يتميز بها خطابه"، وتحدث في الاجتماع عن الكثير من المواضيع كالتطبيع مع تل أبيب وغيرها، متهرباً من الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعاني منها السوريون دون أن يصدر أي تحرك منه لحلها.
أسوأ أزمة اقتصادية في سوريا
وجاء هذا في وقت يمر فيه الاقتصاد السوري بأسوأ مراحله منذ عام 2011، حيث هبطت الليرة إلى مستوى قياسي هذا الشهر مقابل الدولار الأمريكي في السوق السوداء، ما أدى إلى انخفاض قيمة الرواتب وارتفاع تكلفة الواردات.
فيما ارتفعت أسعار المواد الغذائية أكثر من الضعف في العام الماضي، وحذر برنامج الغذاء العالمي بدوره من أن 60% من السوريين، أو 12.4 مليون شخص، معرضون لخطر الجوع، وهو أعلى رقم تم تسجيله على الإطلاق منذ بداية الأزمة في البلاد.
وسط هذه الأزمة أصبح معظم السوريين يكرسون أيامهم لإيجاد الوقود للطهي وتدفئة منازلهم، فيما يقضي معظمهم ساعات طويلة للحصول على الخبز.
أما الكهرباء فقالت الصحيفة إن بعض المناطق تحصل على بضع ساعات فقط من الكهرباء، وهو ما يكفي بالكاد للناس لشحن هواتفهم.
إحدى السيدات التي رفضت الكشف عن اسمها الحقيقي لأسباب أمنية، تحدثت إلى الصحيفة الأمريكية قائلة إنها اضطرت إلى أن تبيع شعرها إلى أحد صالونات التجميل مقابل 55 دولاراً حتى تعيل عائلتها، مردفة: "كنت أمام خيارين؛ إما أن أبيع جسدي أو أتخلى عن شعري".
وأضافت في حديثها: "زوجي يعمل نجاراً، ولكنه يعاني العديد من الأمراض ويعمل بشكل متقطع، ولدينا ثلاثة أطفال علينا إعانتهم، اشتريت بثمن شعري لترات قليلة من وقود التدفئة ومعاطف شتوية لأولادي، ودجاجة مشوية، لأننا لم نتذوق اللحم منذ ثلاثة أشهر"، وتردف: "بقيت أبكي لمدة يومين من القهر والألم والعار".
تدهور الليرة السورية
ويأتي هذا في وقت تواصل فيه الليرة السورية انخفاضها المتسارع مقابل الدولار الأمريكي، مع تسجيل سعر صرف الدولار الواحد 3400 ليرة الثلاثاء، في بلد تتفاقم فيه الأزمة الاقتصادية يومياً، وتسارعت وتيرة انخفاض الليرة السورية بعد طرح النظام السوري الشهر الماضي ورقة نقدية جديدة بقيمة 5 آلاف ليرة.
فيما وصلت قيمة الدولار 3000 ليرة سورية في 24 يناير/كانون الثاني الماضي، فيما وصلت اليوم 3400 ليرة، لتفقد بذلك الليرة 13.3% من قيمتها خلال شهر واحد.
ومع اندلاع الثورة الشعبية عام 2011، تفاقمت الأزمة الاقتصادية المستمرة منذ عقود في سوريا، ولم تستطع الأوراق النقدية عالية الصفر التي طبعها النظام السوري وقف انهيار عملته المحلية.
كما أن تعرض النظام السوري لعقوبات اقتصادية من الولايات المتحدة وأوروبا بسبب الجرائم ضد الإنسانية زاد من سرعة فقدان الليرة لقيمتها.
ويشار إلى أن قيمة الدولار الواحد كانت تعادل نحو 50 ليرة سورية قبيل الحرب الأهلية، وبالتالي خسرت الليرة 68 ضعفاً من قيمتها خلال العقد الأخير.