“العمال الكردستاني” يتخفى في ملابس الحشد الشعبي للهروب من الهجمات التركية.. طهران تتصدى لأنقرة في سنجار

عربي بوست
تم النشر: 2021/02/23 الساعة 08:58 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/02/23 الساعة 09:05 بتوقيت غرينتش
قوات الحشد الشعبي

في الأيام القليلة الماضية، اجتمع الرئيس العراقي برهم صالح مع أبو الفدك المحمداوي، رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي، لبحث آخر التطورات في إقليم سنجار، خاصة بعد أن أعلنت الفصائل المسلحة العراقية المدعومة من إيران التحرك باتجاه سنجار، لحماية المنطقة من الهجمات التركية.

آثار اجتماع برهم صالح بأبو الفدك الكثير من ردود الفعل داخل العراق، خاصة أن هيئة الحشد الشعبي، وبالتحديد الفصائل الموالية لإيران، تم اتهامها مراراً وتكراراً بانتهاك القانون، ورفض تنفيذ القانون الصادر عام 2016 لتنظيم انضمام فصائل الحشد الشعبي، تحت راية القوات المسلحة.

عملية مخلب النسر

كان قد أعلن وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، يوم الأحد 14 فبراير/شباط الجاري، انتهاء عملية "مخلب النسر 2″، في منطقة غارا بقضاء العمادية التابع لمحافظة دهوك بإقليم كردستان شمال العراق، للتصدي لحزب العمال الكردستاني الذي يقاتل الحكومة التركية منذ عام 1984.

جاءت هذه العملية بعد زيارة وزير الدفاع التركي خلوصي أكار إلى بغداد وأربيل، ومناقشة تنظيم العمليات التركية ضد أهداف حزب العمال الكردستاني بما يتناسب مع السيادة العراقية.

لكن في بغداد أثارت عملية مخلب النسر2 ردود فعل غاضبة، باعتبار أن القصف الجوي التركي في إقليم كردستان شمال العراق يمثل انتهاكاً للسيادة العراقية، يقول النائب البرلماني العراقي أحمد الأسدي، لـ"عربي بوست"، "خلال زيارة السيد خلوصي لم يجد لدى حكومة بغداد الترحيب بهذه العمليات، وأبلغنا رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي مراراً وتكراراً بأننا سنتصدي لهذه العمليات التركية داخل الأراضي العراقية".

أوامر إيرانية

في الأيام القليلة الماضية، وقبل تحرك الفصائل المسلحة باتجاه سنجار، اجتمع عدد من قادة عصائب أهل الحق، والنجباء، وكتائب حزب الله العراقية، مع عدد من ضباط الحرس الثوري الإيراني، لمناقشة كيفية التعامل مع ما وصفوه بنية تركيا لاقتحام سنجار.

مصدر من الجانب العراقي، مطلع على هذه الاجتماعات، قال لـ"عربي بوست"، "يرفض الإيرانيون مقاتلة حزب العمال الكردستاني، دائماً يتهربون من هذا الأمر، لذلك فإنهم يرفضون العمليات التركية داخل الأراضي العراقية، لذلك أصدر الحرس الثوري أوامره للفصائل المسلحة العراقية بضرورة التحرك لحماية سنجار من أي هجوم تركي".

وفي هذا الصدد يقول مصدر أمني عراقي رفيع المستوى، لـ"عربي بوست"، "رفض الحشد منذ اتفاق سنجار إخلاء المنطقة، والآن بحجة التحركات التركية يعزز من تواجده في سنجار أكثر من ذي قبل، كما أن لبعض الفصائل المسلحة علاقات مع حزب العمال الكردستاني، الذين كانوا يرتدون ملابس الحشد لعدم ملاحقتهم من قبل أنقرة، لذلك فإن الحكومة العراقية قلقة من التحركات الأخيرة للحشد في سنجار".

كما قال قائد شبه عسكري في فصيل كتائب حزب الله العراقية لـ"عربي بوست"، "ناقشنا الأمر مع الجانب الإيراني، ووجدنا أن الرؤية الإيرانية متوافقة مع رغبتنا في حماية سنجار، نحن جزء من القوات الأمنية في العراق، وواجبنا الدفاع عن أراضينا ضد أي عدوان".

اقتحام سنجار

وبعد انتهاء عملية مخلب النسر2 التركية، بدأ الحشد الشعبي، وبالتحديد الفصائل الموالية لإيران، بالتحرك في اتجاه قضاء سنجار، جاء التحرك السريع من قبل الفصائل المسلحة الشيعية العراقية، بعد إعلان وزارة الدفاع التركية، بعثور القوات التركية على ثلاثة عشر مدنياً تركياً كانوا محتجزين لدى حزب العمال الكردستاني في جبل غارا في كردستان العراق.

يقول قائد شبه عسكري ضمن فصيل عصائب أهل الحق، المدعوم من إيران، لـ"عربي بوست"، "علمنا بنية تركيا اجتياح قضاء سنجار لمواصلة القصف ضد حزب العمال الكردستاني، ولن نسمح بحدوث هذا الأمر إطلاقاً، لقد حررنا سنجار بدمائنا، ولن نعطي الفرصة لأي أحد أن يقتحم البلدة مهما كانت الدوافع".

ترى أنقرة أن بلدة سنجار الواقعة على الحدود الشمالية الشرقية مع سوريا، تمثل ممرات آمنة لمقاتلي تنظيم حزب العمال الكردستاني، وتسهل عليهم التنقل بحرية لشمال سوريا، واستخدام هذه المناطق في هجماتهم ضد الأراضي التركية.

في أكتوبر/تشرين الأول 2020، توصلت حكومة بغداد المركزية، مع حكومة أربيل في إقليم كردستان العراق، إلى اتفاق بخصوص قضاء سنجار، من شأنه إخلاء المنطقة من جميع القوات، سواء كانت من الحشد أو قوات المقاومة المحلية، وإنشاء شرطة اتحادية قوامها 5000 جندي، وتعيين حاكم للمنطقة بالانتخاب بين حكومتي أربيل وبغداد.

رفضت النخبة السياسية الشيعية في بغداد الاتفاق، ووصفه البعض بالتطبيع مع حكومة أربيل، والتنازل عن سنجار لصالح الأكراد، كما أعلنت بعض الجماعات الأيزيدية في سنجار رفضها للاتفاق، باعتباره محواً لدورها في حماية المنطقة من هجمات تنظيم الدولة الإسلامية.

يتخذ مقاتلو حزب العمال الكردستاني قضاء سنجار كمنطقة آمنة لهم، وقد ساعدوا قوات المقاومة الأيزيدية في التدريب والتسلح لصد هجمات تنظيم الدولة الإسلامية، كما أن لديهم علاقات جيدة مع بعض الفصائل المسلحة الشيعية.

محاسبة الكاظمي

انتقد العديد من السياسيين العراقيين الشيعة، رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، الذي زار أنقرة في نهاية العام الماضي، بعد 4 مرات من دعوة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بوصفه تخاذل عن مناقشة احترام تركيا للسيادة العراقية.

يقول السياسي العراقي الشيعي، المقرب من رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، لـ"عربي بوست"، مفضلاً عدم الكشف عن هويته، "لا بد من محاسبة الكاظمي على تكرار القصف التركي للأراضي العراقية، سلبيته وعدم حزمه في توضيح رفض بغداد لعملية مخلب النسر لوزير الدفاع التركي، خلال زيارته للعراق، هي السبب في كل ما سيحدث من انتهاكات لسنجار".

كما وصف السياسي الشيعي أنقرة بأنها تريد أن تعوض خسارتها في عملية مخلب النسر 2، بحسب وصفه، باستمرار ملاحقة حزب العمال الكردستاني داخل سنجار.

محاولات برهم صالح للتهدئة

بالعودة إلى اجتماع الرئيس العراقي برهم صالح مع رئيس أركان الحشد الشعبي، أبو الفدك المحمداوي، في قصر السلام وهو الاجتماع الأول من نوعه، والذي يهدف إلى ضبط الأمن في كركوك وغرب نينوى وصولاً لسنجار والحدود العراقية السورية.

تحدث مصدر داخل هيئة الحشد الشعبي، لـ"عربي بوست"، عن تفاصيل هذا الاجتماع، قائلاً "كان من المتوقع أن يتم هذا الاجتماع بحضور الكاظمي، لكن أبو الفدك رفض، فتدخل برهم صالح لتهدئة الأوضاع، باجتماعه مع أبو الفدك".

ويضيف المصدر ذاته قائلاً "تخشى الحكومة العراقية من التحركات الأخيرة للحشد الشعبي باتجاه سنجار، وحدوث أي اشتباك بينهم وبين القوات التركية، لذلك رأى برهم صالح أنه من الضروري مناقشة الأمر مع أبو الفدك، والتأكيد على أهمية ألا يكون التحرك الأخير من قبل الحشد بنية المكوث داخل البلدة لفترة زمنية طويلة".

وفي هذا الصدد، يقول مصدر أمني عراقي رفيع المستوى، لـ"عربي بوست"، "الحشد رفض منذ اتفاق سنجار إخلاء المنطقة، والآن بحجة التحركات التركية يعزز من تواجده في سنجار أكثر من ذي قبل، كما أن لبعض الفصائل المسلحة علاقات مع حزب العمال الكردستاني، الذين كانوا يرتدون ملابس الحشد لعدم ملاحقتهم من قبل أنقرة، لذلك فإن الحكومة العراقية قلقة من التحركات الأخيرة للحشد في سنجار".

خلال هذا الاجتماع، وبحسب مصادر عراقية مطلعة، تحدثت لـ"عربي بوست"، أكد رئيس أركان الحشد الشعبي، للرئيس العراقي برهم صالح، أن نية فصائل الحشد من التحرك باتجاه سنجار هو الحفاظ على أمن وسلامة الأراضي العراقية، وأن الحشد يخشى أن يستغل تنظيم الدولة الإسلامية الأوضاع في سنجار لشنّ هجمات جديدة.

تحميل المزيد