في تطور جديد ذي علاقة بأزمة الانتهاكات بحق مسلمي الإيغور، دعا وزير الخارجية البريطاني، دومينيك راب، مساء الإثنين 22 فبراير/شباط 2021، حكومة بكين إلى السماح للجنة تقصي حقائق بالوصول إلى إقليم شينجيانغ (تركستان الشرقية)، مشدداً على أن الوضع هناك بات مرعباً، فيما ردَّت بكين بالقول إن أبوابها مفتوحة دائماً للجميع.
راب أضاف، في سلسلة تغريدات على حسابه بـ"تويتر"، أن المملكة المتحدة أعلنت عن تدابير تستهدف سلاسل التوريد التي تستخدم العمل القسري في شينجيانغ، وتدعو بكين إلى السماح لخبراء تقصي حقائق بالوصول بشكل عاجل إلى الإقليم.
كما أشار راب إلى تقارير تحدثت عن وقوع انتهاكات في شينجيانغ، منها التعذيب والعمل بالسخرة والتعقيم القسري للنساء.
كان مكتب الوزير البريطاني قد أعلن، في وقت سابق من يوم الإثنين، أن بريطانيا ستدعو إلى منح الأمم المتحدة حق الوصول "بشكل عاجل وبلا قيود"، إلى إقليم شينجيانغ؛ للتحقيق في تقارير عن وقوع انتهاكات في الإقليم الصيني.
حيث إنه بمناسبة عودة بريطانيا إلى مجلس حقوق الإنسان، التابع للأمم المتحدة، كعضو له حق التصويت، سيدين راب أيضاً السجل الحقوقي للصين وروسيا، العضوتين في المجلس، وسيبدي مخاوف بشأن ميانمار وروسيا البيضاء.
يشار إلى أن الصين تعرضت لإدانات على نطاق واسع، لإقامتها معسكرات اعتقال في شينجيانغ.
"هجمات افترائية"
في المقابل، رفضت الصين، الإثنين 22 فبراير/شباط 2021، ما وصفتها بـ "الهجمات الافترائية" عن أوضاع المسلمين الإيغور والأقليات الأخرى التي تعيش في منطقة شينجيانغ، زاعمةً أنهم يتمتعون بحرية العبادة والحقوق الأساسية الأخرى.
إذ قال وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، متحدثاً إلى مجلس حقوق الإنسان، التابع للأمم المتحدة في جنيف، إن هناك 24 ألف مسجد بالمنطقة التي تقع في غرب الصين، مضيفاً: "تبين هذه الحقائق الأساسية أنه لا يوجد هناك ما يسمى إبادة جماعية أو سخرة أو اضطهاد ديني في شينجيانغ".
واصل وانغ تبريره ودافع عن سياسات بلاده، قائلاً إن "الباب إلى شينجيانغ مفتوح دائماً. أناس من دول كثيرة زاروا شينجيانغ وعرفوا الحقائق والحقيقة على الأرض. ترحب الصين أيضاً بالمفوضة السامية لحقوق الإنسان لزيارة شينجيانغ"، مستشهداً بالمفاوضات التي تجريها مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشليه، على بنود زيارة البلاد.
كانت باشليه قد أعلنت، في ديسمبر/كانون الأول 2020، أن وفداً من مفوضية الأمم المتحدة يواصل التواصل مع السلطات الصينية بخصوص إجراء زيارة لإقليم شينجيانغ، معربة عن أملها أن تتم الزيارة في الربع الأول من العام الجاري.
"اغتصاب ممنهج"
سبق أن عبّرت الولايات المتحدة، مطلع الشهر الجاري، عن انزعاجها الشديد من تقارير عن "اغتصاب ممنهج" واعتداء جنسي على النساء في معسكرات الإيغور ومسلمات أخريات بإقليم شينجيانغ الصيني.
حيث اتهم المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، ند برايس، الصين بـ"ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية" في إقليم شينجيانغ، مشدّداً على أن "هذه الفظائع تهز الضمير ويجب مواجهتها بعواقب وخيمة".
يشار إلى أن هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) بثت مؤخراً، تقريراً يؤكد تعرُّض النساء في نظام معسكرات الاعتقال الصيني للإيغور وغيرهن من المسلمات في شينجيانغ، للاغتصاب والاعتداء الجنسي والتعذيب.
تعقيباً على تقرير BBC، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إنه "من المهم" إرسال فريق من مفوضية حقوق الإنسان الأممية إلى إقليم شينجيانغ، مؤكداً أنه "إذا وضعنا في الحسبان طبيعة الادعاءات الواردة بالتقرير الصحفي، ونفي السلطات وقوع مثل هذه المزاعم، أصبح من المهم الآن أكثر من أي وقت على الإطلاق، المضي قدماً في البعثة المقترحة من قِبل المفوضة السامية لحقوق الإنسان".
محو الهوية الدينية والعرقية والعمل بالسخرة
بخلاف تقرير BBC، جرى تداول العديد من التقارير الإعلامية والحقوقية التي تثبت حالات اغتصاب، وتعذيب، وتعقيم قسري، وتدمير لعشرات المساجد والأضرحة، ومعسكرات اعتقال (غولاجات) القطن التي يُجبَر الإيغور على العمل فيها وسط ظروفٍ مُهينة بلا أجر أو مقابل أجرٍ زهيدٍ للغاية. وتُنتِج مقاطعة سنغان نحو خُمس إمدادات القطن في العالم.
يُذكر أن الصين تسيطر على إقليم تركستان الشرقية منذ عام 1949، وهو موطن أقلية الإيغور المسلمة، وتطلق عليه بكين اسم "شينجيانغ"، أي "الحدود الجديدة".
وتشير إحصاءات رسمية إلى وجود 30 مليون مسلم في البلاد، 23 مليوناً منهم من الإيغور، فيما تؤكد تقارير غير رسمية أن أعداد المسلمين تناهز 100 مليون.
سبق أن أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية تقريرها السنوي لحقوق الإنسان لعام 2019، خلال شهر مارس/آذار 2020، والذي ذكرت فيه أن الصين تحتجز المسلمين بمراكز اعتقال؛ لمحو هويتهم الدينية والعرقية، وتجبرهم على العمل بالسخرة. غير أن الصين عادةً ما تقول إن المراكز التي يصفها المجتمع الدولي بـ"معسكرات اعتقال"، إنما هي "مراكز تدريب مهني" وترمي إلى "تطهير عقول المحتجزين فيها من الأفكار المتطرفة"، حسب زعمها.