قالت وزارة الدفاع الجزائرية، الأحد 21 فبراير/شباط 2021، إن المعلومات المتداولة حول نيتها إرسال قوات للعمل تحت مظلة تحالف دولي، تقوده فرنسا، بمنطقة الساحل الإفريقي "مغلوطة"، وإن إقدام الجزائر على هذه الخطوة أمر غير وارد.
جاء ذلك في بيان للوزارة بعد تداول معلومات عبر شبكات التواصل الاجتماعي خلال الأيام الأخيرة، تفيد بوجود اتفاق بين فرنسا والجزائر حول إرسال الأخيرة جنوداً إلى الساحل الإفريقي في إطار قوة عسكرية تقودها باريس.
وأشار البيان إلى أن ما تم تداوله من أن "الجيش الوطني الشعبي بصدد إرسال قوات للمشاركة في عمليات عسكرية خارج الحدود الوطنية تحت مظلة قوات أجنبية في إطار مجموعة دول الساحل الخمس، هو أمر غير وارد وغير مقبول".
وأوضح أن الوزارة "تُكذب وبصفة قطعية كل هذه التأويلات المغلوطة ذات النوايا الخبيثة، التي يتوهم مروجوها إثارة الفوضى وزعزعة استقرار البلاد".
وحسب البيان، فإن الجيش "لم ولن يخضع في نشاطاته وتحركاته إلا لسلطة رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، ووزير الدفاع الوطني ووفق مهامه الدستورية الواضحة وقوانين الجمهورية، دفاعاً عن السيادة الوطنية ووحدة وأمن البلاد".
وجاء الجدل عقب قمة عقدها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يومي 15 و16 فبراير/شباط مع قادة دول الساحل الإفريقي الخمس: بوركينا فاسو وتشاد ومالي وموريتانيا والنيجر في العاصمة التشادية نجامينا، الذي ناقش التهديدات الإرهابية في المنطقة.
وتنسق الجزائر مع جيوش مالي وموريتانيا والنيجر والنيجر لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة بالمنطقة في إطار لجنة الأركان العملياتية المشتركة التي تم تأسيسها عام 2010.
توتر دبلوماسي بين البلدين
تأتي هذه التصريحات في الوقت الذي تعيش فيها البلدان حالة من فتور العلاقات أعقبت رفض الرئيس إيمانويل ماكرون تقديم اعتذار فرنسي عن الاستعمار الذي أرهق الجزائر عقداً من الزمن.
الأسبوع الماضي، وفي أول تصريح رسمي، انتقد وزير الاتصال والمتحدث باسم الحكومة الجزائرية عمار بلحيمر بشدة تقرير "مصالحة الذاكرة" للمؤرخ الفرنسي بنجامان ستورا، الذي يهدف لطيّ صفحة الاستعمار الفرنسية للجزائر، والانتقال لمرحلة جديدة، قائلاً إنه قد "جاء دون التوقعات"، مطالباً بتقديم اعتذار رسمي من باريس، وتعويض الجزائريين الضحايا.
الوزير الجزائري أوضح في حوار للموقع الإلكتروني "الجزائر الآن" أن التقرير الذي تسلمه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون "لم يكن موضوعياً؛ إذ يساوي بين الضحية والجلاد وينكر مجمل الحقائق التاريخية".
كما أكد أن التقرير "يتجاهل المطالب المشروعة للجزائر، وفي مقدمتها اعتراف فرنسا رسمياً بجرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية، التي اقترفتها خلال احتلالها للجزائر لمدة قرن و32 سنة من الزمن".
وذكّر الوزير بـ"مطالب الجزائر غير القابلة للتقادم أو التنازل، والمرتكزة على اعتراف فرنسا بجرائمها الاستعمارية وتقديم الاعتذار رسمياً عن ذلك، وتعويض الجزائريين ضحايا هذه الجرائم بحق الإنسانية".
الرئيس الفرنسي ماكرون وعد من جانبه باتخاذ "خطوات رمزية" لمحاولة المصالحة بين البلدين، لكنه استبعد تقديم "الاعتذارات" التي تنتظرها الجزائر.
حيث أعرب الرئيس الفرنسي عن أمله في أن تحقق هذه المبادرات الوصول لمصالحة بين بلاده والجزائر، مشيراً إلى أنه يرغب في أن يتم إحياء ذكرى من فقدوا حياتهم بالحرب الجزائرية، من خلال فعاليات مختلفة.
لكن ردود فعل جزائرية شعبية وعلى مستوى المؤسسات قد ظهرت منذ صدور التقرير، أبرزها كان الرفض الذي أعلنته المنظمة الوطنية للمجاهدين (محاربو حرب التحرير الجزائرية) للتقرير، التي قالت إنه "تغاضى عن الحديث عن الجرائم المتعددة التي ارتكبتها الدولة الفرنسية، باعتراف الفرنسيين أنفسهم".