كشفت صحيفة The New York Times الأمريكية، الجمعة 19 فبراير/شباط 2021، أن إريك برنس، الرئيس السابق لشركة "بلاك ووتر" الأمريكية، انتهك حظر السلاح على ليبيا بإرسال مرتزقة مزودين بطائرات مسيرة هجومية وزوارق حربية إلى اللواء المتقاعد خليفة حفتر، كما أمده بقدرات لشن حرب إلكترونية، وذلك عشية الهجوم الذي نفذته ميليشيات الجنرال على طرابلس عام 2019.
ووفقاً لتقرير سري أعده محققون في الأمم المتحدة، فإن العملية التي كلفت 80 مليون دولار، شملت أيضاً تخطيط المرتزقة لتشكيل مجموعة تهدف لملاحقة قادة عسكريين ليبيين وقتلهم، بعد السيطرة على القسم الغربي من ليبيا.
بحسب الصحيفة، فإن التقرير السري الذي سلمه المحققون إلى مجلس الأمن الخميس الماضي، وثق سفر شخص على مقربة كبيرة من إريك برنس إلى الأردن لشراء طائرات كوبرا من الجيش الأردني، وهو ما يتطلب عادة إذناً من الحكومة الأمريكية.
وأضافت الصحيفة -نقلاً عن التحقيق الأممي- أن الرجل حاول طمأنة مسؤولين أردنيين بأن عمله مصادق عليه من أعلى الجهات، ولكن الجانب الأردني لم يقتنع وأوقف صفقة البيع، ما أجبر برنس على التوجه إلى جنوب إفريقيا.
قوة مرتزقة على الأرض
كما كشف التقرير أن برنس نشر قوة من المرتزقة الأجانب، مسلحة بطائرات هجومية وزوارق حربية وقدرات لشن حرب إلكترونية، في شرق ليبيا، في ذروة المعركة التي شنتها ميليشيا خليفة حفتر على العاصمة طرابلس عام 2019.
بحسب التقرير، فإن قوات الكوماندوز المأجورة هبطت في بنغازي، في يونيو/حزيران 2019، ورتبت لشراء كل سلاح وأداة لازمة للهجوم على حكومة الوفاق الليبية، المعترف بها دولياً.
وحصلت القوات على طائرات بدون طيار وقوارب سريعة ونظارات للرؤية الليلية ومركز قيادة متنقل وحتى معدات للتشويش على اتصالات العدو.
كما شملت العملية تزويد الميليشيات بطائرات هليكوبتر حربية، ثلاث منها من طراز إيه إتش-1 إف كوبرا الهجومية، مُجهزة بحوامل للرشاشات وقاذفات الصواريخ.
وفي تقرير حالة إلى رفاقه، وصف أحد أعضاء فريق الكوماندوز الطائرات بأنها معبأة بالأمتعة وتنتظر تحميلها على طائرات النقل المتجهة إلى ليبيا، و"يمكن أن يبدأ تشغيلها في سبعة أيام"، حسبما جاء في التقرير.
تقرير الأمم المتحدة السري أثار بعضاً من الأسئلة عما إذا حاول برنس الاستفادة من روابطه بإدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، من أجل تنفيذ هذه العملية في ليبيا، حيث وصفته الصحيفة الأمريكية بالحليف لترامب.
يشار إلى أن برنس عنصر سابق في وحدة النخبة التابعة لقوات البحرية الأميركية (نيفي سيلز) وشقيق بيتسي ديفوس وزيرة التعليم في عهد ترامب، وضد شغل منصب رئيس شركة "بلاك ووتر" الأمنية الخاصة التي اتُّهم متعاقدوها بقتل مدنيين عراقيين عزّل في بغداد سنة 2007.
خطة لتنفيذ اغتيالات
عن نفس الموضوع، نقلت The Washington Post في تقرير لها، السبت، عن مسؤولين أمريكيين وأمميين أن خليفة حفتر وافق على خطة للحصول على طائرات مروحية والاستعانة بخبراء عسكريين ومدربين، لتعزيز جهوده لاقتحام العاصمة طرابلس.
وأضاف المسؤولون أن الخطة انهارت قبل تنفيذها مع فرار العديد من المشاركين المحتملين من ليبيا بقوارب إلى جزيرة مالطا.
وكشف التقرير أن من بين الخيارات التي كانت مطروحة استخدام قوة كوماندوز خاصة لقتل أو اعتقال كبار القادة السياسيين والعسكريين، الذين تم تحديد بعضهم في قائمة أهداف محتملة.
اتفاق وقف إطلاق النار
في 23 أكتوبر/تشرين الأول 2020، أعلنت الأمم المتحدة توصل طرفي النزاع في ليبيا إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، ضمن مباحثات اللجنة بمدينة جنيف السويسرية، ضمت إلى ذلك رحيل كافة المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا.
وفقا للأمم المتحدة، يوجد في ليبيا حتى بداية ديسمبر/كانون الأول 2020، 20 ألف مرتزق وعسكري أجنبي، ولم يسجَّل مذاك أي دليل على مغادرتهم البلاد حتى الآن.
كما صدَّق مجلس الأمن الدولي، في مطلع فبراير/شباط 2021، على مقترح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، نشر مراقبين دوليين؛ لضمان ومراقبة وقف إطلاق النار في ليبيا، كما طلب منه تشكيل ونشر هؤلاء المراقبين، على وجه السرعة.
جاء ذلك تزامنا مع ما أسفرت عنه جلسات المباحثات التي عقدت في جنيف بين الفرقاء الليبيين من انتخاب تشكيل حكومي جديد لإدارة الفترة الانتقالية تمهيدا لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل.