قالت صحيفة The Guardian البريطانية، في تقرير نُشر الخميس 18 فبراير/شباط 2021، إن إسرائيل توسع بشكل هائل، نشاطها النووي بمنشآتها النووية في مفاعل ديمونة بصحراء النقب، حيث صنّعت المواد الانشطارية لترسانتها النووية.
إذ أظهرت صور فضائيةٌ قيام إسرائيل بتنفيذ أعمال بناء جديدة ملموسة على بُعد مئات من الأمتار جنوب مفاعل ديمونة النووي ومحطة إعادة المعالجة في مركز شمعون بيريز للأبحاث النووية بالقرب من بلدة ديمونة الصحراوية.
الصور نشرها الفريق الدولي المعني بالمواد الانشطارية (IPFM)، وهو هيئة تضم خبراء نوويين من 17 دولة، وذلك بعد أن التقطها قمر صناعي في 4 يناير/كانون الثاني 2021.
من جهته، قال بافيل بودفيج، الباحث ببرنامج العلوم والأمن العالمي في جامعة برنستون، إن البناء بدأ على ما يبدو، في وقت مبكر جداً منذ عام 2019، أو أواخر عام 2018، مضيفاً: "رغم أن أعمال البناء قائمة منذ نحو عامين، فإن هذا كل ما يمكننا قوله في الوقت الراهن".
لكن السفارة الإسرائيلية في واشنطن لم تعلق على الصور الجديدة. إذ جرت العادة بأن تتعمد إسرائيل انتهاج سياسة الغموض بشأن ترسانتها النووية، دون تأكيد وجودها أو نفيها.
إسرائيل ترفض الكشف عن ترسانتها النووية
فيما ترفض إسرائيل الكشف عن الأسلحة النووية التي تمتلكها، قالت تقارير غربية عديدة، على مدى السنوات، إن تل أبيب تمتلك رؤوساً نووية كثيرة، خاصةً أن تقديرات اتحاد العلماء الأمريكيين تشير إلى امتلاك تل أبيب نحو 90 رأساً حربياً مصنوعة من البلوتونيوم المُنتَج في مفاعل الماء الثقيل بمنشأة ديمونة النووية.
واستخدمت إسرائيل المنشأة النووية لخلق نسخ طبق الأصل من أجهزة الطرد المركزي لليورانيوم في إيران، لاختبار برنامج الاختراق المستخدم لتخريب برنامج تخصيب اليورانيوم الإيراني في منشأة نطنز النووية، ولكن هذا كان قبل أكثر من 10 سنوات، أي قبل وقت طويل من بدء التوسعات الحالية، وفقاً لما أوردته صحيفة The Guardian البريطانية.
استهداف إيراني محتمل
يشار إلى أن السلطات الإسرائيلية حذَّرت، خلال ديسمبر/كانون الأول 2020، موظفي مفاعل ديمونة النووي، من استهداف إيراني محتمل أو من قِبل جهات تعمل بإيعاز من طهران، وذلك على خلفية التوتر الذي أعقب اغتيال العالم النووي الإيراني فخري زادة.
جدير بالذكر أنه خلال عام 2018، قرر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إطلاق اسم الرئيس الراحل شمعون بيريز، على مفاعل مدينة ديمونة، الذي قال إن بيريز عمل جاهداً على تأسيس هذا المشروع.
إذ يقف بيريز -حسب وسائل إعلام عبرية- خلف إقامة المفاعل الذي تتكتم إسرائيل بشكل مطلق على ما يجري فيه وتسميه "مركز الأبحاث النووية".
مساعدات فرنسية سرية
كان إنشاء المفاعل قد بدأ في منتصف الخمسينيات بعونٍ سري مستفيض من الحكومة الفرنسية، عندما قدّمت تل أبيب طلب مساعدة إلى فرنسا في إنشائه، واعتُبر الطلب استثنائياً، لأنه من غير المقبول أن تتقاسم دولة نووية تملك المعرفة في مجال البحوث النووية مع بلد صغير، حسبما قالت صحيفة معاريف.
بحلول نهاية العِقد السادس من الألفية الماضية، كان قرابة 2500 مواطن فرنسي يعيشون في مدينة ديمونة، وكانت لهم مدارسهم الثانوية كغطاء للإنكار الرسمي.
بينما لم يُسمح للعمال الفرنسيين بمراسلة الأراضي الفرنسية مباشرةً، كانت رسائلهم تُبعث عبر صندوق بريد مزيف في أمريكا اللاتينية، وفقاً لكتاب The Samson Option، الذي ألفه الصحفي الاستقصائي سيمور هير.
تجدر الإشارة أيضاً إلى أنه كُشف الستار لأول مرَّة عن دور مفاعل ديمونة في برنامج الأسلحة النووية الإسرائيلي على يد فني سابق بالموقع، يُدعى مردخاي فعنونو، الذي روى قصته لصحيفة Sunday Times البريطانية في عام 1986.
وقبل النشر، استدرجته عميلة إسرائيلية من بريطانيا إلى إيطاليا واختطفه الموساد. وقضى فعنونو 18 عاماً في السجن -11 منها في الحبس الانفرادي- لكشفه أسرار مفاعل ديمونة.
رفض إسرائيلي لإحياء الاتفاق النووي
يأتي ذلك في الوقت الذي أعلنت فيه إدارة بايدن استعدادها للتفاوض مع إيران والدول الأخرى الموقعة على الاتفاق النووي، وهو الأمر الذي رفضته إسرائيل.
إذ أعلن المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، نيد برايس، أن بلاده ستقبل أي دعوة من جانب المفوضية العليا للاتحاد الأوروبية لحضور اجتماع لدول 5+1 وإيران؛ لمناقشة السبل الدبلوماسية المتعلقة ببرنامج إيران النووي.
إلا أن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قد أعلن، الجمعة 19 فبراير/شباط 2021، أن تل أبيب تتمسك بـ"التزامها بمنع إيران من الحصول على أسلحة نووية"، مشدّداً على أن موقف إسرائيل من الاتفاق النووي لم يتغير.