أرادت الدفاع عن نفسها من جندي حاول اغتصابها ففقدت يدها.. قصة مأساوية لشابة إثيوبية في تيغراي

عربي بوست
تم النشر: 2021/02/16 الساعة 10:57 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/02/16 الساعة 10:57 بتوقيت غرينتش
نساء إثيوبيات نازحات من إقليم تيغراي/ رويترز

كشفت شهادات مدنيين وعسكريين وحقوقيين عن ارتكاب "فظائع" في إقليم تيغراي بشمال إثيوبيا، خلال المواجهات العسكرية التي أطاحت بالحزب الحاكم هناك ودخول الجيش الإثيوبي، إذ أكدوا تعرض عشرات النساء للاغتصاب إلى جانب جرائم قتل جماعي واعتداءات.

فقد اندلع الصراع في تيغراي في أوائل نوفمبر/تشرين الثاني 2020 عندما شن رئيس الوزراء الإثيوبي، أبي أحمد، هجوماً للإطاحة بالحزب الحاكم في المنطقة بعد أن استولى مقاتلوه على قواعد عسكرية فيدرالية، ودمر هذا الصراع أحلامها وأحلام العديد من زملائها في الفصل الدراسي.

لكن على الرغم من انتزاع القوات الاتحادية السيطرة على مدينة "مقلي" من الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني فقد استمر القتال بشكل متقطع مع فرض قيود على الاتصالات والوصول إلى ذلك الإقليم الجبلي الذي يبلغ عدد سكانه خمسة ملايين نسمة.

قصة مأساوية لطالبة إثيوبية من تيغراي

قالت طالبة إثيوبية لموقع هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، إنها فقدت يدها اليمنى أثناء دفاعها عن نفسها ضد جندي حاول اغتصابها وإجبار جدها على ممارسة الجنس معها أيضاً.

الفتاة التي تبلغ من العمر 18 عاماً تتلقى العلاج حالياً في مستشفى في إقليم تيغراي الشمالي منذ أكثر من شهرين كي تتجاوز محنتها. وبقيت الطالبة وجدها في منزلهما في بلدة أبي عدي، التي تبعد عن العاصمة ميكيلي حوالي 96 كيلومتراً، لأنه كان من الصعب عليهما السفر لمسافات بعيدة.

كما قالت الفتاة إنه في 3 ديسمبر/كانون الأول، كان جندي كان يرتدي زياً عسكرياً إثيوبياً، دخل منزلهم وسألهم عن مكان تواجد مقاتلي جبهة تحرير تيغراي. وبعد تفتيش المنزل وعدم عثوره على أحد، أمرهما بالاستلقاء على السرير وبدأ في إطلاق النار من حولهما.

تكمل قولها: "ثم أمر الجندي جدي بممارسة الجنس معي. غضب جدي للغاية وتعاركا"، لكن الجندي أخذ جدها العجوز إلى الخارج وأطلق النار على كتفيه وفخذه ثم عاد إليها وقال إنه قتله، حسبما قالت لـ"بي بي سي".

تتابع الفتاة سرد ما جرى معها: "قال لي لا أحد يستطيع أن ينقذك الآن. هيا اخلعي ملابسك… توسلت إليه أن يتركني، لكنه انهال عليّ باللكمات". قاومت الفتاة لبضع دقائق رغم شعورها بالتوتر والارتباك من اللكمات المتتالية، وفي النهاية غضب الجندي جداً لدرجة أنه وجه البندقية نحوها.

حسب الفتاة أطلق ثلاث طلقات على يدي اليمنى، وثلاثة مثلها على ساقي، لكنه غادر على الفور عندما سمع صوت إطلاق نار في الخارج. ولحسن الحظ كان جدها لا يزال على قيد الحياة، رغم أنه كان فاقداً لوعيه، وظلا في المنزل يعانيان الألم ليومين خائفين من طلب المساعدة من أي أحد.

"أردت أن أصبح مهندسة"

اتصل الطبيب الذي قام ببتر يد الفتاة المراهقة الموجودة حالياً في أبي عدي، وقال لـ"BBC" إن الفتاة وجدها شرحا له كيف عثر عليهما جنود إريتريون كانوا يفتشون المنطقة، رغم أن إثيوبيا وإريتريا تنفيان ضلوع إريتريا في نزاع تيغراي.

وقالا إن الإريتريين عالجوا جراحهما وسلموهما إلى القوات الإثيوبية التي نقلتهما إلى ميكيلي بسبب إغلاق المستشفى في أبي عدي.

تعافى الجدُّ من إصاباته الآن، لكن حفيدته لا تزال بحاجة إلى العلاج بعد بتر يدها، ولا زالت ساقها اليمنى مضمدة بالجبس ريثما يتم جبر العظام.

النساء أكثر ضحايا الصراع في إقليم تيغراي/ رويترز
النساء أكثر ضحايا الصراع في إقليم تيغراي/ رويترز

وتحدثت الفتاة إلى "بي بي سي" من سريرها في المستشفى وهي تبكي وقد ضاعت أحلامها.

كان طموحها في عامها الدراسي الأخير قبل بدء الحرب أن تلتحق بالجامعة لدراسة الهندسة والبدء في مهنة تسمح لها برعاية جدها الذي قام بتربيتها منذ وفاة والدتها.

كان جدها بجانب سريرها يخفف عنها وهي تبكي وتقول: "كيف سيتحقق ذلك الآن؟ لم يعد بإمكاني أن أصبح ما كنت أطمح إليه".

اعتراف إثيوبيا بوقوع جرائم اغتصاب

من جهتها، قالت وزيرة المرأة الإثيوبية فيلسان عبدالله على تويتر: "تلقينا التقرير من فريقنا على الأرض في منطقة تيغراي وقد أكد الفريق للأسف أن الاغتصاب حدث قطعاً ودون شك".

وكالة رويترز أوضحت أنه رغم تحدث شهود ومسعفين وموظفي إغاثة عن وقوع اعتداءات جنسية واسعة النطاق منذ بدء القتال في نوفمبر/تشرين الثاني، فإن تعليقات فيلسان كانت أول تأكيد لذلك من حكومة رئيس الوزراء أبي أحمد.

كما قالت لجنة حقوق الإنسان الإثيوبية التي عينتها الدولة إنه تم الإبلاغ عن 108 جرائم اغتصاب في تيغراي في الشهرين الماضيين وقع ما يقرب من نصفها في مقلي عاصمة الإقليم.

على الرغم من اتهام بعض الضحايا جنوداً من القوات الاتحادية أو عناصر متحالفة معها باغتصابهن، لم تتمكن رويترز من التحقق بشكل مستقل من روايات الاغتصاب. وتقول الحكومة إنها لا تتهاون مطلقاً مع العنف الجنسي.

ذكرت لجنة حقوق الإنسان أنه من المرجح أنه لم يتم الإبلاغ عن جرائم اغتصاب كثيرة. وأضافت: "أدت الحرب وحل الإدارة الإقليمية إلى زيادة العنف ضد النساء في المنطقة. وغابت الأجهزة المحلية التي يلجأ لها ضحايا العنف الجنسي عادة للإبلاغ عن هذه الجرائم مثل الشرطة والمنشآت الصحية".

فيما قال المتحدث أدينو أبيرا إن وزارة المرأة قامت حتى الآن بتقييم الوضع في مقلي فقط وبلدة كويها القريبة، وأضاف؛ "سنرسل خبراء إلى جميع مناطق تيغراي. لذا سيكون العدد أعلى من المذكور".

نساء إثيوبيات على الحدود مع السودان/ رويترز
نساء إثيوبيات على الحدود مع السودان/ رويترز

الأمم المتحدة تتحدث عن جرائم وحشية

كما حذرت مسؤولة كبيرة في الأمم المتحدة في وقت سابق من أن "خطر ارتكاب جرائم وحشية في إثيوبيا ما زال مرتفعاً ومن المرجح أن يتفاقم" إذا لم تحارب البلاد بشكل عاجل العنف العرقي وخطاب الكراهية والتوترات الدينية.

قالت أليس ويريمو نديريتو المستشارة الخاصة للأمم المتحدة لمنع الإبادة الجماعية إنها تلقت تقارير عن ارتكاب أطراف الصراع في إقليم تيغراي بشمال إثيوبيا وحلفائها انتهاكات وتجاوزات خطيرة لحقوق الإنسان.

أضافت نديريتو في بيان: "يشمل ذلك عمليات قتل خارج نطاق القانون وعنفاً جنسياً ونهباً للممتلكات وإعدامات جماعية وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية". وقالت إنها تلقت أيضاً "تقارير مثيرة للقلق عن شن هجمات ضد المدنيين على أساس دينهم وعرقهم" في مناطق أخرى من البلاد.

كما أنه من المعتقد أن آلافاً لقوا حتفهم كما فر 950 ألفاً آخرين من ديارهم منذ بدء القتال في ذلك الإقليم الذي يزيد عدد سكانه عن خمسة ملايين نسمة.

فيما حذر مارك لوكوك، مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية منسق مساعدات الطوارئ بمجلس الأمن الدولي، من أن الصراع في تيغراي يمكن أن يؤدي إلى زعزعة أوسع للاستقرار في البلاد، وتوقع تفاقم الوضع الإنساني السيئ في شمال البلاد.

قال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمم المتحدة، إن الأمم المتحدة وجماعات الإغاثة لديها ما يقرب من 80 موظفاً للمساعدات الإنسانية في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا ينتظرون منذ أكثر من شهر موافقة الحكومة على السفر إلى تيغراي.

تحميل المزيد