اكتشف علماء أمريكيون عدداً من السلالات الجديدة التي نشأت في الولايات المتحدة في وقت يراقب فيه العالم بقلق السلالتين الجديدتين اللتين نشأتا في المملكة المتحدة وجنوب إفريقيا، وما يثير قدراً أكبر من القلق أن العديد من هذه السلالات على ما يبدو تتطور في الاتجاه نفسه، ويحتمل أنها تزيد من خطر انتشار العدوى.
صحيفة The New York Times الأمريكية قالت نقلاً عن دراسة نُشرت يوم الأحد 14 فبراير/شباط، إن فريقاً من الباحثين سجلوا اكتشافهم 7 سلالات متنامية لفيروس كورونا المستجد رُصدت في ولايات على مستوى البلاد. وطورت جميع هذه السلالات طفرة في الحرف الجيني نفسه.
7 سلالات جديدة لكورونا في أمريكا
فيما قال جيريمي كاميل، عالم الفيروسات في مركز شريفبورت للعلوم الصحية بجامعة ولاية لويزيانا وأحد القائمين على الدراسة الجديدة: "من الواضح أن ثمة أمراً ما يحيط بهذه الطفرة" كما أنه ليس واضحاً إن كانت تجعل هذه السلالات أشد عدوى أم لا.
ولكن العلماء يشكون في ذلك لأن هذه الطفرة ظهرت في الجين الذي يؤثر على كيفية دخول الفيروس إلى الخلايا البشرية.
الدكتور كاميل، أدرك بعد فحصه هذه الفيروسات المتحورة، أنها جميعاً تنتمي إلى الأصل نفسه. ويعود تاريخ أقدم فيروس في هذه السلالة إلى 1 ديسمبر/كانون الأول. وفي الأسابيع التي أعقبت هذا التاريخ، أصبح هذا الفيروس أكثر شيوعاً.
وفي مساء يوم هذا الاكتشاف، رفع الدكتور كاميل جينومات هذه الفيروسات إلى قاعدة بيانات على الإنترنت يستعين بها العلماء على مستوى العالم. وفي صباح اليوم التالي، تلقى رسالة بريد إلكتروني من داريل دومان، الباحث في جامعة نيو مكسيكو، الذي اكتشف هو وزملاؤه لتوهم السلالة نفسها في ولايتهم، وكان يحمل طفرة 677 نفسها. ويعود تاريخ العينات التي فحصوها إلى أكتوبر/تشرين الأول.
سلالات جديدة مجهولة المصدر
فيما تساءل العلماء إن كانت هذه السلالة التي اكتشفوها هي الوحيدة التي تحمل طفرة 677 وبعد فحص قاعدة البيانات، وجد الدكتور كاميل وزملاؤه ستة سلالات أخرى اكتسبت كل منها على حدة الطفرة نفسها.
وتصعب الإجابة حتى عن الأسئلة الأساسية عن انتشار هذه السلالات السبع لأن الولايات المتحدة تتبع الجينومات من أقل من 1% من عينات فيروس كورونا الاختبارية. ووجد الباحثون عينات من هذه السلالات منتشرة في معظم أنحاء البلاد. لكنهم عاجزون عن تحديد موقع نشأة هذه الطفرات.
تقول إيما هود كروفت، عالمة الأوبئة بجامعة برن وأحد القائمين على الدراسة الجديدة: "من الصعب تحديد مصدر أي من هذه السلالات في الوقت الحالي" ويصعب أيضاً تحديد إن كانت هذه الزيادة في السلالات الجديدة ترجع إلى أنها أشد عدوى. فربما ترجع زيادة انتشارها إلى السفر خلال موسم العطلات. أو ربما انتشرت في أماكن مثل الحانات أو المصانع التي يشتد بها خطر انتشار العدوى لكن الشعور بالقلق ما يزال يراود العلماء لأن هذه الطفرة قد تؤثر على مدى سهولة وصول الفيروس إلى الخلايا البشرية.
ويتوقع العلماء أن تستمر فيروسات كورونا في تطوير تحورات تزيد من تفوقها، لا على الفيروسات الأخرى فحسب، وإنما على أنظمة مناعتنا كذلك. على أن فوغن كوبر، عالم الأحياء التطورية بجامعة بيتسبرغ والباحث المشارك في الدراسة الجديدة، قال إن التجارب المعملية وحدها لن تكون قادرة على الكشف عن حجم التهديد.
وقال إنه لفهم ما تفعله الطفرات فعلياً، سيتعين على العلماء تحليل عينات أكبر بكثير من فيروسات كورونا التي جمعت من أنحاء البلاد. لكن في الوقت الحالي، لا يسعهم إلا فحص عدد ضئيل نسبياً من الجينومات التي جمعها عدد من مختبرات الولايات والجامعات، فيما يضيف الدكتور كوبر: "من السخيف أن بلدنا لا يبتكر استراتيجية على مستوى البلاد تُمكننا من إجراء الفحوصات".
سلالة جديدة تقلق العالم
خلصت دراسة علمية حديثة إلى أن سلالة فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19" التي اكتُشِفَت مؤخراً لأول مرة في المملكة المتحدة صارت أكثر فتكاً نسبياً بالعدد المتزايد من الأشخاص الذين يُصابون بها.
إذ قالت صحيفة Washington Post الأمريكية، في تقرير لها نُشر الأحد 14 فبراير/شباط 2021، إن العلماء حدَّدَوا بالفعل أن سلالة فيروس كورونا التي اكتُشِفَت في بريطانيا، الخريف الماضي، والمعروفة باسم B.1.1.7 بسبب تركيبتها الجزيئية، ربما تكون أكثر قابليةً للانتقال بنسبة 30 إلى 70% من النسخة الأصلية للفيروس المُسبِّب لمرض كوفيد-19.
كما يؤكد علماء المملكة المتحدة الآن أن هذه السلالة ربما تكون أكثر فتكاً بنسبة 30
إلى 70%، بناءً على دراسة متابعة أجرتها الحكومة وصدرت يوم الجمعة 12 فبراير/شباط الجاري، وقيَّمَت عيِّنةً أكبر من مرضى كوفيد-19، ووجدت معدَّلاً أعلى من الاستشفاء.
وفقاً للدراسة، التي استُمدت من قواعد بيانات متعدِّدة في أنحاء البلاد، فإن السلالة "ترتبط بزيادة خطر الوفاة مقارنةً بالإصابة" مقارنةً بأشكالٍ أخرى من الفيروس.
صحيفة Washington Post الأمريكية أوضحت أنه لا تزال هناك عدة أمور مجهولة، إذ تحتوي البيانات المتاحة للدراسة فجواتٍ ملحوظة في التركيبة السكَّانية الحركة، مثل دور رعاية المسنين، وتوفُّر حصيلة غير كاملة للعدوى، وهي مشكلةٌ استمرَّت طوال الجائحة.
لكن الدراسة تؤكِّد كيف تستغرق البيانات العلمية وقتاً لجمعها والوصول إليها- حتى مع جهود التعقُّب السريع لمكافحة الفيروس- رغم الحاجة المُلِحَّة للمعلومات.
يذكر أنه في الأشهر التي تلت الإعلان عن السلالة لأول مرة، انتشر الفيروس شديد العدوى إلى أكثر من 80 دولة، بما في ذلك الولايات المتحدة، وأصبح سلالةً سائدةً في بعضٍ من أجزاء بريطانيا.
أدَّى ذلك إلى اكتظاظ المستشفيات وتعطيل السفر والأعمال، واستلزم علاوة على ذلك العودة إلى إجراءات الإغلاق في المدن في جميع أنحاء أوروبا، حتى مع بدء برامج التطعيم ضد فيروس كورونا المُستجَد لتلقيح الملايين من الناس.
وذكرت صحيفة Washington Post الأمريكية أن البلدان الأخرى في أوروبا التي أبلغت لأول مرة عن حدوث زيادة مفاجئة في الحالات شهدت هذا الشتاء انخفاضاً في معدلات انتقال العدوى بعد فرض الإغلاق لفتراتٍ طويلة لمنع انتشار سلالة B.1.1.7.
إلى ذلك، أصدرت المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، يوم الأربعاء 10 فبراير/شباط 2021، إرشاداتٍ جديدة تحثُّ الناس على ارتداء قناعين من القماش أو كماماتٍ طبية، عند توفُّرها، للحدِّ من فرصة انتشار السلالة أو الإصابة بأشكال الفيروس المختلفة السائدة.