صادق مجلس إدارة الصندوق القومي اليهودي "كيرن كييمت" الأحد 14 فبراير/شباط 2021 على مشروع قرار يتيح له المشاركة، لأول مرة منذ تاريخ تأسيسه عام 1954، في توسيع مستوطنات إسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، كما رصد 1.2 مليار دولار كميزانية أولية لذلك، وهو ما أثار جدلاً داخل الأوساط السياسية، وخلافاً لدى بعض الداعمين من اليهود في دول أجنبية.
بحسب صحيفة "The Jerusalem Post" الإسرائيلية الإثنين، فإن مشروع القرار الأولي سيمكن الصندوق اليهودي حين إقراره من توسيع صلاحياته للعمل داخل المستوطنات الإسرائيلية، في المناطق الممتدة بين الخليل وبيت لحم، وشرق وغرب رام الله، وكذلك في منطقة شمال غور الأردن، وهو ما يعد سابقة في تاريخه، ستساهم في تحقيق مشروع ضم الضفة الغربية بشكل فعلي على الأرض، مما ينهي أي أفق لعملية السلام وحل الدولتين.
ولتجنبه أي ملاحقة قضائية دولية، صادق الكنيست الإسرائيلي عام 1954 على قانون يحدد منطقة نشاط وعمل الصندوق، حيث تم حصره في المناطق والأراضي المحتلة عام 1948، والخاضعة حالياً للقوانين والسيادة الإسرائيلية بشكل كامل.
أما في القانون الجديد، فقد تم تعديل مهام وتحديث صلاحيات الصندوق اليهودي، التي حُوّلت من شراء الأراضي إلى استصلاحها وتشجيرها، والمساعدة على استيعاب المهاجرين الجدد، وتوفير فرص العمل والخدمات الصحية لهم، والإسهام في بناء المستوطنات العسكرية بالتنسيق مع جيش الاحتلال الإسرائيلي، وتمويل مشاريع التعليم الصهيوني في الضفة الغربية.
جدل داخلي
من جانبه، عارض وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس هذه الخطوة، وطالب رئاسة الصندوق القومي اليهودي، بعدم اتخاذ أي قرار بخصوص توسيع المستوطنات في الضفة الغربية من خلال شراء أراض فلسطينية.
جاء طلب غانتس في رسالة وجهها إلى رئيس الصندوق اليهودي، طالبه فيها بالتريث في اتخاذ القرار إلى حين دراسة تداعياته المتوقعة نظراً لحساسيته.
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن الخارجية الأمريكية أعلنت معارضتها للخطوة، وطالبت إسرائيل بعدم القيام بأي إجراء أحادي الجانب من شأنه أن يزيد التوتر.
كما أن حركة اليهود الإصلاحيين في الولايات المتحدة عارضت بشدة هي الأخرى الاقتراح، وطالبت بعدم تحويله إلى قرار.
وشهدت السنوات الماضية تصعيداً استيطانياً ملحوظاً في الأراضي الفلسطينية المحتلة، تقول حركة "السلام الآن" الإسرائيلية إنه تضاعف 4 مرات في فترة ولاية الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.
استفزاز للإدارة الأمريكية الجديدة
وتحت عنوان "لم يكن بايدن يعرف ما هو الصندوق اليهودي، والآن أصبح مصدر إزعاج سياسي"، كتب الدبلوماسي الإسرائيلي ألون بنكاس- الذي شغل منصب القنصل العام لتل أبيب في نيويورك حتى العام 2004- مقالاً في صحيفة هآرتس، وصف فيه قرار الصندوق القومي بشراء أراض بالضفة لتوسيع الاستيطان بـ"الاستفزاز للإدارة الأمريكية الجديدة".
يعتقد الدبلوماسي الإسرائيلي أن توجّه الصندوق اليهودي لشراء الأراضي ودعم المشروع الاستيطاني في الضفة والأغوار سيزعج واشنطن، رغم أن القضية الإسرائيلية الفلسطينية ليست أولوية قصوى لإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن.
كما رجح أن قرار الصندوق اليهودي يتناغم مع المشاريع الاستيطانية التي صادقت عليها الحكومة الإسرائيلية مؤخراً، عبر شراء الأراضي لتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية وتحديداً حول "غوش عتصيون" و"القدس الكبرى" وجبال الخليل الجنوبية والأغوار لصالح "الاستيطان اليهودي"، في إطار الخطة التي تسمى "استرداد الأراضي".
وأوضح الدبلوماسي الإسرائيلي أن القرار الذي يبدو وكأنه مستقل عن قرارات الحكومة الإسرائيلية بشأن الاستيطان بالضفة الغربية، يتناغم ويأتي تنسيقاً مع حكومة نتنياهو ليكمل ملفات وقضايا حارقة بالنسبة لتل أبيب، والتي يحركها نتنياهو وتبدو غير ذات صلة، أبرزها الاتفاق النووي مع إيران، والقرار الأولي للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، وقضية القدس الشرقية، وحصار غزة، والعلاقات الإسرائيلية الأمريكية الصينية.