أكدت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، الجمعة 12 فبراير/شباط 2021، أن الأخير لم يضع أي خطط للاتصال بولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان، وفق ما أعلنت عنه جين ساكي، المتحدثة باسم البيت الأبيض، وهي التصريحات التي تأتي بالتزامن مع قرار الرئيس الأمريكي الجديد تعيين مبعوث باليمن من أجل الدفع نحو حل دبلوماسي.
ومنذ وصول بايدن إلى البيت الأبيض، كشفت إدارته عن سياسة جديدة تجاه السعودية، شملت إنهاء الدعم الأمريكي للحرب في اليمن، إضافة إلى تعليق صفقات أسلحة مع الرياض.
ففي إفادتها اليومية للصحفيين، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض:"من الواضح أن ثمة مراجعة لسياستنا تجاه السعودية، وليست هناك مكالمة مخطط لها مع ولي العهد السعودي، أنا على علم بها".
المسؤولة نفسها كانت قد تجنبت في وقت سابق، الرد على سؤال بشأن ما إذا كانت الإدارة ستفرض عقوبات على المملكة بخصوص مقتل الصحفي جمال خاشقجي على يد عملاء سعوديين بقنصلية السعودية في إسطنبول.
نهج جديد لواشنطن تجاه الرياض
ذلك الذي رسمه بايدن منذ أن كان مرشحاً للرئاسة، وهو النهج الذي اعتبره محللون "أكثر صرامة من نهج أي رئيس أمريكي آخر منذ عقود".
ففي وقت سابق، شدد بايدن على أنه سيجعل المملكة "تدفع الثمن" مقابل انتهاكات حقوق الإنسان، و"يجعلها في الواقع منبوذة مثلما يجدر بها"، لكن إن كان بايدن يريد أن يجعل السعودية منبوذة الآن، فإنَّها منبوذة مُقرَّبة.
فبينما أعلن بايدن، الخميس 4 فبراير/شباط، وفاءه بالالتزام الذي قطعه خلال حملته الانتخابية، بإنهاء الدعم الأمريكي لحملة القصف السعودية المستمرة منذ 5 سنوات في اليمن، توضح إدارته أنَّها لن تتخلى عن مساعدة الجيش الأمريكي للمملكة، وتعتزم مساعدة السعودية على تعزيز دفاعاتها.
يعكس نهجه تعقيد العلاقات الأمريكية السعودية، ففي حين يتخذ بايدن نهجاً أكثر صرامة من أسلافه، يُقِرُّ هو وفريقه للسياسة الخارجية بأنَّ الولايات المتحدة لا يمكنها أن تسمح للعلاقات بالانهيار، ويرون أهمية الحفاظ على مجالات علاقة عسكرية وأمنية وفي مكافحة الإرهاب، وهي مجالات يُنظَر إليها باعتبارها حيوية لأمن كلا البلدين، بحسب تقرير لوكالة Associated Press الأمريكية.
إذ قالت وزارة الخارجية الأمريكية في رسالة عبر البريد الإلكتروني رداً على أسئلة من وكالة أسوشييتد برس: "ستتعاون الولايات المتحدة مع السعودية حين تتلاقى أولوياتنا، ولن نتحاشى الدفاع عن المصالح والقيم الأمريكية حين لا تتلاقى".
حقوق الإنسان.. مطالب أمريكا العاجلة
منذ وصوله للبيت الأبيض، لم يتوانَ بايدن عن الضغط على المملكة في ملف حقوق الإنسان، وقد تمثل أول الضغوط في مطالبتها بالإفراج العاجل عن المعتقلين، خاصةً معتقلي الرأي والدفاع عن حقوق المرأة.
الجمعة 5 فبراير/شباط الماضي، قال البيت الأبيض إن واشنطن تتوقع أن تحسّن السعودية سجلها الحقوقي، وضمن ذلك الإفراج عن السجناء السياسيين.
وفي الوقت الذي أشادت فيه أمريكا بإطلاق الرياض سراح مواطنين سعوديين أمريكيين، فإن أمريكا تعتقد أن ذلك غير كافٍ، مطالبة بالإفراج عن مزيد من المعتقلين.
لكن سرعان ما أثمرت هذه الضغوط، الإفراج عن الناشطة الحقوقية لجين الهذلول، التي أمضت 1001 يوم في السجن، بتهمة الإرهاب.
وهي الخطوة التي رحب بها جو بايدن، واعتبرها "قراراً صحيحاً وصائباً".
إشارات من السعودية
ففي محاولةٍ لتجنُّب أزمةٍ مع بايدن، ترسل السعودية إشاراتٍ بأنها مستعدةٌ للتعاون بشأن اليمن وإجراء تحسيناتٍ على ملف حقوق الإنسان، الذي تتعرض الرياض بسببه لانتقادات شديدة.
إذ سلَّط حدثان وقعا الأربعاء 10 فبراير/شباط، الضوء على تلك الجهود.
الحدث الأول يتمثَّل في إطلاق سراح الناشطة البارزة بمجال حقوق المرأة، لجين الهذلول، التي قادت النضال للسماح للمرأة السعودية بقيادة السيارات، والثاني لقاء وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، بالمبعوث الأمريكي الجديد لليمن، تيم ليندركينغ.
أفرجت المملكة عن لجين، إحدى أبرز الناشطات النسويات بالبلاد، من السجن الأربعاء 10 فبراير/شباط 2021، في أوضح مؤشِّرٍ حتى الآن على أن قادة المملكة يتَّخِذون خطواتٍ لتهدئة شكاوى الرئيس بايدن بشأن حقوق الإنسان.
وكانت الهذلول (31 عاماً)، من بين أبرز الوجوه التي تعرَّضَت للقمع السعودي المستمر ضد المدافعين عن حقوق الإنسان والمعارضين ونشطاء المجتمع المدني. وأثار سجنها، الذي استمر 1001 يوم، وادِّعاءاتها بأنها تعرَّضَت للتعذيب، ضجةً دولية.
الرياض متفائلة
في تصريحات سابقة، قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود، إن المملكة متفائلة بأن علاقتها بإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن ستكون "ممتازة"، مضيفاً أنها ستواصل التفاوض مع واشنطن بخصوص الاتفاق النووي الإيراني.
إذ عبَّر الوزير عن شعوره بالتفاؤل في مقابلة مع قناة العربية، وقال إن علاقات تاريخية صلبة ربطت السعودية بالإدارات الأمريكية المختلفة، مشيراً إلى أن الرياض ستواصل ذلك مع بايدن.
وفي وقت لاحق أيضاً، رحبت الرياض بما ورد في خطاب الرئيس الأمريكي من التزام الولايات المتحدة بالتعاون مع المملكة في الدفاع عن سيادتها والتصدي للتهديدات التي تواجهها.