كشفت وكالة "رويترز" للأنباء، الجمعة 12 فبراير/شباط 2021، عن بدء إدارة الرئيس جو بايدن مراجعة رسمية لمستقبل السجن العسكري الأمريكي في خليج غوانتانامو، بهدف إغلاق المنشأة المثيرة للجدل، وذلك نقلاً عن مسؤول بالبيت الأبيض.
ولا يزال بالمنشأة 40 سجيناً، معظمهم محتجزون لما يقرب من عقدين بلا محاكمة أو توجيه اتهامات لهم، كما أبقى ترامب السجن الخارجي مفتوحاً طوال السنوات الأربع التي قضاها في البيت الأبيض، رغم أنه لم يملأه بـ"الأشرار"، كما تعهد بذلك في وقت سابق.
"وصمة عار" على أمريكا
حسب ما أكده مصدران، وصفتهما الوكالة بـ"المطلعَين"، فإن المساعدين المشاركين في المناقشات الداخلية ينظرون في إجراء تنفيذي يوقّعه الرئيس في الأسابيع أو الأشهر المقبلة، فيما يعد إشارة إلى جهد جديد لإزالة ما يصفه المدافعون عن حقوق الإنسان، بأنه وصمة عار تلتصق بصورة أمريكا في العالم.
في السياق نفسه، قالت إميلي هورنن المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي، إن الأخير يقوم حالياً بإجراء عملية لتقييم الوضع الحالي الذي ورثته إدارة بايدن عن الإدارة السابقة، وذلك "بما يتماشى مع هدفنا الأكبر وهو إغلاق غوانتانامو"، وفق تعبيرها.
وأوضحت المتحدثة ذاتها، أن مجلس الأمن القومي سيعمل "بشكل وثيق" مع وزارات الدفاع، والخارجية، والعدل؛ لإحراز "تقدُّم صوب إغلاق منشأة غوانتانامو، وبالتشاور الوثيق أيضاً مع الكونغرس".
مهمة معقدة
يرى مراقبون أن مهمة إدارة بايدن من أجل إغلاق هذا المعتقل لن تكون سهلة، في ظل الانقسام للواقع على المستوى المحلي، كما أن "تكلفته السياسية قد تكون باهظة"؛ لارتباطها بأحداث "إرهابية".
لكن من غير المرجح أن تسدل المبادرة الستار قريباً على قصة المنشأة التي تخضع لحراسة مشددة في قاعدة غوانتانامو البحرية التي تم تجهيزها لإيواء المشتبه بهم الأجانب في أعقاب هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، على نيويورك وواشنطن، وتحولت إلى رمز للتجاوزات الأمريكية في "الحرب على الإرهاب".
مع ذلك، فقد يتمثل التأثير الفوري للخطوة في العودة، بشكل ما، إلى سياسة إغلاق غوانتانامو للرئيس الأسبق باراك أوباما، والتي تراجع عنها دونالد ترامب بمجرد توليه الرئاسة في عام 2017.
المعتقلون يستبشرون بوصول بايدن للرئاسة
إذ قال موقع صحيفة The Guardian البريطانية في تقرير نُشر الأحد 13 ديسمبر/كانون الأول 2020، إن خبر فوز جو بايدن بالانتخابات الرئاسية منح 40 سجيناً في سجن غوانتانامو بصيصاً من الأمل بأن مدتهم الطويلة في ذلك المعتقل ربما قد شارفت الانتهاء.
من هؤلاء المعتقلين الأربعين، اليمني خالد قاسم، الذي اعتُقل من أفغانستان في 2001، والذي قال في تصريحٍ عبر الهاتف لمحاميه: "أظن أنه لا بأس من الشعور بالسعادة بنتيجة الانتخابات. لكن في الوقت نفسه، لا يعني هذا أنني أنتظر من بايدن أن يقول في يومه الأول: (لنطلق سراح خالد)".
التقرير قال إنَّ قاسم أنكر أي صلة له بالإرهاب، وقد سحب اعترافات كان أدلى بها سابقاً عن علاقته بتنظيم القاعدة، قائلاً إن هذه الاعترافات جاءت تحت وطأة التعذيب. وقاسم كان في أفغانستان يبحث عن عمل. واعتُقل في سجن غوانتانامو تسعة عشر عاماً تقريباً دون توجيه اتهامات له.
إذ إن المدى الذي ستذهب إليه إدارة بايدن لإخراج قاسم والمحتجزين معه من الثقب القضائي الأسود في سجن غوانتانامو، الذي تأسس في 2002، سيبين مدى إصرار الرئيس الأمريكي المنتخب على تغيير المسار واستجابة أجهزة مكافحة الإرهاب لهجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، التي شكلت السياسة الخارجية والأمنية الأمريكية منذ وقوعها.
رسالة من معتقل في سجن غوانتانامو إلى بايدن
الجمعة 22 يناير/كانون الثاني 2021، نشرت صحيفة The Independent البريطانية رسالة مؤثرة من أحد المعتقلين في سجن غوانتانامو مُوجَّهةً إلى الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن، نقلتها منظمة حقوقية تُدعى Reprieve للصحيفة الأمريكية.
استهل المعتقل في سجن غوانتانامو أحمد ربَّاني رسالته بتذكير الرئيس بايدن بأنَّه هو نفسه عانى من بعض المآسي على المستوى الشخصي، إذ فَقَدَ الرئيس الأمريكي الجديد زوجته وابنته في حادث وقع عام 1972، ثُمَّ فَقَدَ ابنه "بو" لاحقاً، بسبب ورم في الدماغ. ويأمل ربَّاني أن تدفع هذه الآلام بايدن إلى الشعور بآلامه.
المعتقل في سجن غوانتنامو قال إن العقدين الأخيرين من حياته كانا كابوساً لا نهاية له، "وأسوأ ما في الأمر أنَّ عائلتي أيضاً عالقةٌ بداخله".
يوضح السجين ربَّاني، وهو باكستاني الجنسية، كيف أنَّه اختُطِفَ في مدينة كراتشي عام 2002 وبِيعَ لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) مقابل مكافأة، بسبب قصة كاذبة تفيد بأنَّه إرهابي يُدعى حسن غول.
وفقاً لربَّاني، كان هو وزوجته قد تلقيا لتوِّهما النبأ السعيد، بكونها حاملاً. وضعت الزوجة ابنهما جواد بعد بضعة أشهر، لكن لم يُسمَح لربَّاني قط بمقابلة ابنه، الذي سيبلغ قريباً عامه الثامن عشر.
كما أوضح المعتقل الباكستاني في سجن غوانتانامو: "سُجِنتُ طوال طفولته كلها، دون اتهامات أو محاكمة"، ويتساءل عما كان بإمكانه أن يفعله خلال تلك السنوات لو لم تُسلَب منه.
يُذكِّر ربَّاني بالوعود التي قطعتها إدارة أوباما، التي كان بايدن يشغل فيها منصب نائب الرئيس، بإغلاق سجن غوانتانامو، وهو الأمر الذي لم يتحقق، بسبب عراقيل الكونغرس.